أيقونات

النَّخْلَةُ

في كُلِّ نَخْلَةٍ،
هُنا،
أَوْ هُناكَ في جِهاتِ الأَرْضِ،
ذاكِرَةٌ لِلرِّمالِ،
بَدْءًا بِالرُّبْعِ الْخالي،
شَرْقًا ،
وَانْتِهاءً ،
غَرْبًا ،
بِالصَّحْراءِ الْكُبْرى.
في كُلِّ سَعْفَةٍ،
أَوْ بَذْرَةٍ مَدٌّ،
حَدَّ الْعَمى،
لِرحابَةِ الْمَدى.

النَّخْلَةُ ، الَّتي هُجِّرَتْ ، وَ اسْتُنْبِتَتْ هُناكَ في الشَّمالِ ، زينَةً ، في النَّرْويجِ، عَلى سَبيلِ التَّمْثيلِ ، في هذا النَّهْجِ الْبَهيجِ ، أَوْ تِلْكَ الْحَديقَةِ الْيانِعَةِ الأَنيقَةِ، لاشَكَّ أَنَّ عُلَماءَ النَّباتِ ، وَالاسْتِنْباتِ، أَخْضَعوا، بِما يَكْفي، الشُّتولَ لِلْفُحوصِ في الْمَشْتَلِ / الْمُخْتَبَرِ ، وَلَقَّحوها ضِدَّ نَزْلاتِ الْبَرْدِ الْقاسِيَّةِ وَالْحادَّةِ حَدَّ الْمَوْتِ والذُّبولِ. كلُّ تِلْكَ الأَمْصالِ والِّلقاحاتِ كَيْ تَتَحَمَّلَ هذهِ الصَّحْراوِيَّةُ الْجَميلَةُ النَّبيلةُ الْكَريمَةُ لَياليَ شِتاءٍ طَويلٍ، راعِدٍ وَ مُرْعِدٍ، وَثُلوجًا تراكَمَتْ ، وَامْتَدَّتْ حَتّى صارَتْ بَيْداءَ بَيْضاءَ، كَيْ تَتَحَمَّلَ أَيْضًا عَذاباتِ أُفولٍ لِشَمْسٍ هاجَرتْ، هِيَ الْأُخْرى، أَقاصي صَقيعِ الشَّمال، كَيْ تُشْرقَ وَهّاجَةً، في الْجَنوبِ. هذا الْأَخيرُ الْكَثيرُ بِدِفْءِ الْواحاتِ الْخَصيبَةِ ، و َمَوَدّاتِ الرَّحيلِ الْمُتَنَقِّلِ، عَلى جَناحِ السَّلامَةِ، إِلى جِهاتٍ مُريحَةٍ اِخْتارَتْ أَنْ تَكونَ
مُقيمَةٍ في الْمَنابِعِ الْعُلْيا لِلرّوحِ.

جَبَل

خاطَبَ سَهْلٌ جَبَلاً:
أَخي الْكَريمُ،
هَلاَّ تَواضَعْتَ،
وَ نَزَلْتَ مِنْ الأَعالي،
كَيْ نَحْتَسي مَعًا قَهْوَةَ الْمَساء.
أَجابَ الْجَبَلُ:
أَخي الْعَريقُ في الامْتِداد،
أَخْشى إِنْ خَلَعْتُ غابَتي،
وَ نَزَلْتُ،
أَلاَّ أَعْرِفَ،
وَأنا الْعائِدُ الصّاعِدُ مِنْكَ،
كَيْفَ أَرْتَديها مَرَّةً أُخْرى.

النَّهْر

النَّهْرُ ،
وهُوَ بِاتِّجاهِ الْمَصَبِّ ،
أَبَدًا لا يَلْتَفِتُ إِلى النَّبْعِ .
ذاتَ عَوْدٍ أَبَديٍّ،
سَيَعودُ ،
مِنْ رَحِمِ الْمُحيطِ،
غَيْمَةً حُبْلى بالأَنْداءِ وَ الأَمْطار.
ذاتُ النَّهْرِ
وَ هُوَ يَعْبُرُ الْيابِسَةَ بِاتِّجاهِ الْمَصَبِّ،
يُطيلُ النَّظَرَ ،
طيلَةَ سَريرِهِ الطَّويلِ،
في الْغَيْمَةِ الْمُتَّشِحَةِ بِالسَّواد.
يَنْهَرُ ،
بِاتِّجاهِ الْمَصَبِّ غِبْطَةَ الْعِناق ،
كَما لَوْ أَنَّهُ يَسْتَعْجِلُ الإقامة في رَحِمِ الْغَيْمَةِ الْقادِمَة .


الكاتب : محمد بوجبيري

  

بتاريخ : 13/09/2019

أخبار مرتبطة

من الواضح أن العلاقة بين القارئ والكاتب شديدة التعقيد؛ ذلك أن لا أحد منهما يثق في الآخر ثقة سميكة، وما

  وُلِدَت الشخصيةُ الأساسيةُ في روايةِ علي بدر (الزعيم) في العامِ الذي بدأت فيه الحملة البريطانية على العراق، وبعد أكثر

  يقول دوستويفسكي: «الجحيم هو عدم قدرة الإنسان على أن يحبّ». هذا ما يعبّر عنه الشاعر طه عدنان في ديوانه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *