الحكومة تلجأ إلى الديون كملاذ أخير لسد حاجيات التمويل المتفاقمة

رفعت وتيرة الاقتراض من الخارج لمواجهة عجز في الميزانية سيتجاوز 6 ٪

 

 

أجمعت توقعات البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي و البعثة الأممية الاقتصادية لشمال إفريقيا، على أن عجز الميزانية العامة في المغرب سيشهد هذا العام تفاقما حادا سيتعدى 6 في المائة، عوض 3.5 في المائة التي كان يتوقعها قانون المالية لسنة 2020. وفي نفس الاتجاه توقعت دراسة حديثة، حول تأثير أزمة «كوفيد 19» على الاقتصاد المغربي، وأن عجز الميزانية سيتضاعف ليصل إلى 7.5 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي. كما أن الناتج المحلي الإجمالي سيعرف انكماشا يقدر بين 3 ٪ و 6.5 ٪ في العام الجاري.
وعلى الرغم من كون الصندوق التضامني لتدبير جائحة «كوفيد 19» قد ساعد الخزينة على امتصاص العجز المسجل في المداخيل الضريبية التي شهدت خلال شهر أبريل الماضي تراجعا يفوق 3 ملايير درهم ، إلا أن مؤونة هذا الصندوق لن تكون كافية لسد الفجوة الكبيرة في الميزانية العامة والتي تزداد اتساعا كلما استمرت حالة الحجز الصحي التي عطلت الدورة الاقتصادية للبلاد، لاسيما وأن موارد هذا الصندوق التي كانت قد وصلت إلى 32.7 مليار درهم تشهد هي الأخرى استهلاكا سريعا بفعل المساعدات الاجتماعية المتواصلة للشهر الهر الثاني على التوالي، حيث صرفت منه الحكومة حتى الآن أزيد من 13.7 ملايير درهم، وهو ما يجعل رصيد هذا الحساب الخصوصي اليوم أقل من 19 مليار درهم.
ويؤكد المحللون أن هامش الحركة لدى السلطات المالية للحكومة يضيق شيئا فشيئا، وبالتالي لم يعد لديها من خيار سوى اللجوء إلى الاقتراض من السوق الدولي و من السوق المحلي على حد سواء وهو ما تؤكده العمليات المكثفة لسحب القروض منذ أسابيع.
وحسب آخر تقرير أنجزته الوكالة الدولية للتصنيف الائتماني «فيتش رايتينغ» عقب تخفيضها لدرجة المملكة من «مستقر» إلى «سلبي» ، فإن المغرب سيكون مجبرا على اللجوء إلى الاقتراض خلال السنة الجارية بشكل أكبر، بعدما قام بسحب 3 مليارات دولار من خط الوقاية والسيولة لدى صندوق النقد الدولي بداية الشهر الجاري، وهي المرة الأولى التي يستخدم فيها هذا الخط منذ توقيعه سنة 2012.
وقالت «فيتش» إنها تتوقع أن تسعى الحكومة المغربية إلى الحصول على خط وقاية جديد من صندوق النقد الدولي في الأشهر المقبلة، وتمديد سنداتها إلى خمس سنوات بمليار دولار، والمقررة أن تنتهي في أكتوبر المقبل.» وفي هذا السياق أكد المغرب، بلسان وزير الاقتصاد والمالية محمد بنشعبون، على ضرورة إبقاء صندوق النقد الدولي، أكبر مؤسسات الاقتراض في العالم، على تسهيلات تمويلات الطوارئ إلى غاية انتهاء أزمة فيروس كورونا المستجد التي أثرت بشكل كبير على الاقتصاد العالمي.
وعلى صعيد آخر، عمدت الحكومة إلى تعبئة سلسلة من القروض التي وقعتها مؤخرا مع كل من البنك الدولي 272) مليون أورو( و الوكالة الفرنسية للتنمية) 100 مليون أورو( وصندوق النقد العربي ) 127 مليون دولار أمريكي ( … كما يكثف المغرب حاليا مفاوضاته مع المانحين الثنائيين ومتعددي الأطراف للحصول على قروض بأدنى الفوائد. وبالمثل ، يعتزم المغرب الخروج إلى السوق المالية الدولية لجمع مزيد من الأموال. وهو ما أكده محمد بن شعبون ، وزير الاقتصاد والمالية، الذي قال « إن الدولة المغربية بدأت مناقشات مع الجهات المانحة الرئيسية الثنائية والمتعددة الأطراف وتستعد بأسرع ما يمكن لإصدار سندات في السوق المالية الدولية».
وبالموازاة مع تعبئىة القروض الخارجية، كثفت الخزينة العامة عمليات الاستدانة من السوق الداخلي عبر طرح المزيد من السندات لتمويل حاجياتها المتزايدة، إذ كشف التقرير الشهري الذي تعده مديرية الخزينة العامة أن جاري الدين الداخلي للمغرب بلغ عند متم أبريل الماضي 581.4 مليار درهم، بارتفاع معدله 3.7 في المائة مقارنة مع مستواه في بداية العام، وعزا التقرير ارتفاع منسوب الدين الداخلي إلى اقتراض الخزينة من السوق المحلي لمبالغ تقدر بنحو 17.4 مليار درهم نتيجة لطرحها عبر سندات الخزينة لأزيد من 40.2 مليار درهم وتسديدها لحوالي 22.8 مليار درهم.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 22/05/2020