الغلاء في مواجهة كورونا.. الدولة تسن تدابير لاستقرار الأسعار والبعض يتاجر في مخاوف المواطنين

الخضر والفواكه ترتفع الى الضعف

منذ نهاية الأسبوع الماضي، عرفت العديد من المواد الاستهلاكية ارتفاعا في الأسعار وصل أحيانا الى الضعف خصوصا في الخضر والفواكه. ويمكن تقديم مثال بسيط بأثمنة الطماطم والبطاطس التي ارتفعت بين يومي الخميس12 والسبت14 مارس الى الضعف من3 دراهم الى 6 دراهم، دون سعر البصل الذي وصل الى 9 دراهم، بعد التهافت الكبير على اقتناء المواد الاستهلاكية تحسبا لإغلاق المتاجر والأسواق رغم التطمينات الرسمية في هذا الباب التي تؤكد وفرة العرض.
في هذا الإطار لوحظ توافد المواطنين على سوق الجملة للخضر والفواكه للاقتناء مباشرة، ما خلق ارتباكا و حالة كساد للبائعين بالتقسيط الذين لم يتمكنوا من اقتناء حاجياتهم الاعتيادية من سوق الجملة. ورغم مرور أكثر من أسبوع على هذه الوضعية التي يعاني من وطأتها المواطنون محدودو الدخل والطبقات الفقيرة ، إلا أن الدولة لم تتدخل لضبط الأسعار رغم تسجيلها، في اجتماع المجلس الحكومي الخميس الماضي، هذا الارتفاع على لسان وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد حفيظ العلمي، دون اتخاذ تدابير للحد منه ومعاقبة اللوبي الذي يعمل على استغلال هذه الظرفية الوطنية الحرجة.
وفي هذا السياق، قررت وزارتا الداخلية والفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، بشكل مشترك، أمس الثلاثاء 17 مارس، السماح بالتزويد المباشر للمحلات التجارية المتوسطة والكبرى بالخضر والفواكه عبر البيع المباشر من طرف المنتجين إلى هذه المحلات التجارية دون المرور عبر أسواق الجملة وهو الإجراء الذي سيدخل حيز التنفيذ ابتداء من يومه الاربعاء 18 مارس 2020 وسيستمر لمدة شهر.
أثمنة القفازات تتوالد
كل ساعة

الصيدليات ومحلات بيع الأجهزة والمواد الطبية، والتي من المفروض أن تنخرط في عملية التحسيس والتوعية والتضامن، وتترجم مفهوم المقاولة المواطنة على أرض الواقع خصوصا في هذه الظرفية، انخرطت فقط في تكديس الأرباح والاستثمار في خوف المواطنين وحاجتهم. فالكمامات والقفازات الطبية ارتفعت أول أمس الاثنين بمعدل 5 دراهم كل ساعة. فثمن علبة القفازات الطبية انتقل بأحد محلات بيع الأجهزة الطبية بالحي المحمدي، في ظرف ثلاث ساعات، من 50 درهما الى 60 درهما بمعدل 5 دراهم على رأس كل ساعة، والتبرير المقدم هو أن ثمن الاقتناء من الشركات المصنعة يرتفع كل يوم. أما الصيدليات فأغلبها يبيع القفازات للقطعة الواحدة ما بين درهم و1.50. ويمكن تخيل الأرباح التي تتركها عملية التقسيط هاته على أصحاب الصيدليات الذين من المفروض أن تكونوا أول المساهمين في تبديد المخاوف.
الدولة تقنن أسعار المواد الهيدروكحولية

الحكومة وفي خطوة لردع هذه الجشع، الذي يمتد من سلسلة الانتاج الى التوزيع، أصدرت أمس مرسوما لتنظيم الأسعار والتحكم في قنوات التوزيع في ما يخص المواد الهيدروكحولية أي المعقمات بعد ملاحظة الأثمنة المرتفعة التي أصبحت تباع بها ودخل حيز التنفيذ ابتداء من أمس الثلاثاء ويستمر لستة أشهر.
وقد قننت أسعار هذه المواد حسب سعة العبوات المعبأة داخلها. وهكذا فإن السعر لا يجب أن يتجاوز 15 درهما لقارورة من سعة 50 مل و140 درهما لعبوة 2 لترات. وبالنسبة للبيع بالجملة حدد السعر بين 50 درهما و200 درهم لكل لتر.
هذا الارتفاع وإن كان يفسره اعتماد قانون حرية الأسعار بالمغرب الذي لا يلزم التجار إلا بإشهار الأسعار دون تدخل في هوامش الربح، باستثناء المواد الأساسية السكر والدقيق والغاز، فإنه بالنظر الى الظرفية الحرجة التي تمر منها البلاد وللحفاظ القدرة الشرائية يمكن للدولة أن تتدخل في إطار المادة الرابعة من قانون المنافسة والأسعار (104.12)، باستشارة مع مجلس المنافسة لضبط الأسعار وتدبير إجراء يستجيب لمتطلبات هذه المرحلة.
وتنص المادة 4 من قانون المنافسة والأسعار على أنه «لا تحول أحكام المادتين2 ‏ و3 ‏ أعلاه دون إمكانية قيام الإدارة، بعد استشارة مجلس المنافسة، باتخاذ تدابير مؤقتة ضد ارتفاع أو انخفاض فاحش في الأسعار تعلله ظروف استثنائية أو كارثة عامة أو وضعية غير عادية بشكل واضح في السوق بقطاع معين. ولا يجوز أن تزيد مدة تطبيق التدابير المذكورة على ستة (6) أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة من طرف الإدارة».
في ظل هذه الظروف المطلوب إحداث رقم للتبليغ عن هذه الخروقات وحالات الاحتكار التي تنتعش من أزمة المواطنين. فرغم نفي وزارة الداخلية وجود رقم مخصص لذلك، لم تبادر حتى الآن لاتخاذ أي إجراء في هذا الباب.


الكاتب :  حفيظة الفارسي

  

بتاريخ : 18/03/2020