أصبح للمعقّمات حضور قوي في المشهد اليومي للمواطنين، بالمنازل وفضاءات العمل والأسواق التجارية ومختلف المحلات وغيرها، وتعددت أشكال هذه المطهّرات وأنواعها وأحجامها، لكن الغاية واحدة، البحث عن حماية فعلية من فيروس كوفيد 19 والحيلولة دون انتقاله، والقضاء عليه، إلى حين العودة وغسل اليدين بالماء والصابون، كخطوة تكميلية للتدابير الاحترازية المتّبعة في الحرب ضد هذا الفيروس الذي غيّر من طريقة الحياة وتفاصيلها اليومية.
معقّمات، بالقدر الذي ارتفع الإقبال عليها، فقد ارتفع حجم التساؤلات المرتبطة بها، حول نجاعتها، سلامتها، ومدى مأمونيتها وعدم تسببها تداعيات على الجلد وعلى الصحة بشكل عام، وهي الأسئلة التي نقلتها “الاتحاد الاشتراكي” إلى الدكتورة رجاء مارسو، الطبيبة الممارسة في الطب العام، التي قدّمت جملة من الأجوبة عن الاستفسارات المرتبطة بالموضوع من خلال الحوار التالي.
هل للمعقّمات فائدة فعلية ومفيدة في مواجهة فيروس كوفيد 19؟
بعد تفشي فيروس كورونا المستجد وظهور جائحة كوفيد 19 عبر العالم، كثر الإقبال على استعمال المعقمات، خاصة التي تخصّ اليدين، إذ أصبحت ضرورية بل وتعتبر من بين أكثر وسائل الوقاية التي لا تفارق أغلب الأشخاص، مما جعل الجميع يتهافتون على اقتنائها حتى نفذت من الأسواق في لحظات معينة، لكن تناسى الكثير منهم أنه لتفادي الأضرار الجانبية التي يمكن أن تسببها هذه المعقمات فيجب استعمالها بطريقة صحيحة.
في هذا الإطار، ما هو دور المعقمات؟
يكمن دور المعقمات في منع انتشار البكتيريا والجراثيم المضرة بصحة الإنسان، وهي عبارة عن مضادات للبكتيريا، ومضادات للفطريات، فضلا عن كونها مضادات للفيروسات أيضا.
وجدير بالذكر أن المعقّمات قد ظهرت أول مرة سنة 1966 من طرف طالبة تمريض تدعى “لوبي هرنانديز” من أجل استعمالها من طرف الأطقم الطبية داخل المستشفيات. وفي سنة 1988 تم تصنيع أول معقم هلامي لليدين يحتوي على الكحول، ومع ظهور أنفلونزا الخنازير سنة 2009 بدأ استعمال المعقمات بكثرة عبر العالم .
والحديث عن دور المعقّمات يدفعنا لتسليط الضوء على مكوناتها، إذ يعتبر الكحول أهمّ مكوّن لها، ويتعلق الأمر بالكحول الايثيلي والكحول الميتيلي، ويجب أن يحتوي المعقم على أكثر من 60٪ من الكحول، حيث يقوم هذا الأخير بتدمير بروتين الغلاف الذي يحيط بالفيروسات، الذي يعتبر حيويا لبقاء الفيروس والتسبب في مضاعفته. وإلى جانب الكحول فإن المعقمات تحتوي على نسبة من الماء تقدّر بـ 40٪، إلى جانب مرطبات “غليسرين” … بنسبة 1٪.
أشرتم إلى ضرورة استعمال المعقّمات بشكل صحيح، فما هي الأضرار التي قد تنتج عن سوء استعمالها؟
يوصي الأطباء بضرورة الاستعمال العقلاني للمعقّمات وعدم الإفراط في ذلك لما قد تتسبب فيه من أضرار، بالنظر إلى أن الاستخدام المبالغ فيه قد يؤدي إلى آثار جانبية على الجلد كالإصابة بالجفاف، الحكة، تشققات في الجلد، وقد يصل الأمر إلى حدّ الإصابة بالإكزيما، وكذلك حروق من الدرجة الأولى.
إن كثرة استعمال المعقّمات قد تؤدي كذلك إلى تغيير في تركيب فلورا الجلد الطبيعية ( Microbiote cutanée )، ويتعلق الأمر بالجراثيم الموجودة بشكل طبيعي على جلد الإنسان، التي تقوم بحمايته، وبالقضاء عليها يصبح الجلد أكثر عرضة للجراثيم والفيروسات لذلك يجب استعمال المعقمات بشكل معقول وعند الضرورة.
وإضافة إلى ما سبق، فإننا قد نجد أحيانا حالات للتسمم بالمعقمات خصوصا عند الأطفال وتتمثل أبرز أعراضها في الإحساس بدوار، صداع، صعوبة الكلام، وقد تصل أحيانا إلى أضرار بالدماغ… علما بأن الاستعمال غير السليم للمعقّمات قد يتسبب في بعض الحالات في أعراض تنفسية مثل ضيق التنفس، كما ينبغي تفادي استعمال المعقمات التي تحتوي على تريكلوسان Trichlosan وتريكلوكربان Trichlocarbane التي أثبتت الدارسات أن لها آثار جانبية وتعتبر من بين المواد المسرطنة.
- ما هي النصائح التي يمكنكم تقديمها من أجل استعمال آمن لها؟
يجب التأكيد على أن استعمال معقمات اليدين يجب أن يكون عند الضرورة فقط، وتبقى الطريقة الأمثل هي غسل اليدين بالماء والصابون بطريقة صحيحة لمدة عشرون ثانية على الأقل، وكما أشرنا سابقا يجب أن تحتوي هذه المعقمات على 60 % من الكحول لكي تكون فعالة ضد الجراثيم والفيروسات، لذا يجب الانتباه إلى مكونات المعقم قبل شراءه .
إلى جانب ذلك يجب ترطيب اليدين بمرطب حتى لا يصاب الجلد بالجفاف لأن الكحول يمنع البشرة من الماء والزيت، وتفادي وضع المعقمات على اليدين إذا كانت بها جروح، وإذا كان الشخص يعاني من الاكزيما في اليدين فيستحسن عدم استعمال معقمات اليدين، ويمكن أن ننصحهم باستعمال القفازات القطنية تحت القفازات المطاطية على أن يتم تغييرها كل ثلاث ساعات على الأقل.
ومن النصائح الضرورية التي يجب التأكيد عليها تفادي ترك المعقّمات للأطفال حتى لا تسبب لهم أي تسمم، وإذا استعملت من طرف الصغار فيجب أن تكون تحت إشراف الكبار. وتجب الإشارة إلى أنه إذا كانت الأيدي متسخة فإن المعقم يفقد فعاليته، وفي هذه الحالة يجب غسل اليدين بالماء والصابون جيدا.
وإلى جانب ما سبق، يجب تجنب وضع المعقمات في السيارة خاصة في فصل الصيف، وقبل تقريب اليدين من مصدر الحرارة، كما هو الحال بالنسبة للفرن، أو عند التدخين بالنسبة للمدخنين، فيجب التأكد من جفاف اليدين من المعقم تفاديا للحروق، وإغلاق قارورة المعقم بإحكام حتى نحافظ على تركيزه وقدرته على قتل الفيروسات والجراثيم، ويستحسن تفادي تصنيع المعقمات داخل المنازل لتفادي الخلطات السامة والمواد المضرة وترك الموضوع لأهل الاختصاص، مع التأكيد على ضرورة استشارة الأطباء عند الإحساس بأعراض جانبية حتى لا تتفاقم الحالة.
وفي الختام، يجب التشديد على ضرورة استعمال معقم اليدين بحذر إذا اضطر الإنسان للخروج، وتبقى أمثل وسيلة للوقاية من فيروس كورونا المستجد، هي التباعد الاجتماعي والتزام المنزل وعدم الخروج منه إلا عند الضرورة القصوى مع وضع الكمامات لتفادي العدوى ونقل الفيروس.