قطاع التعمير وأوراش البناء ما بعد الجائحة الوبائية لفيروس كورونا المستجد تحت مجهر المختصين

يساهم بأكثر من 14 % في الناتج الداخلي الإجمالي

 

تواصلت فعاليات اللقاءات التفاعلية عن بعد، التي تنظمها الوكالة الحضرية لمراكش، تحت إشراف ولاية جهة مراكش آسفي، كل يوم ثلاثاء، وطيلة شهر ماي الجاري، بتنظيم اللقاء الثاني حول «قطاع التعمير في تدبير ما بعد جائحة فيروس كورونا»، الذي جاء بعد اللقاء الأول الذي تمحور حول تدبير الفضاءات العمومية بمراكش ما بعد كورونا، حيث أجمع المشاركون على ضرورة إعادة انطلاق أوراش البناء، من جديد، لما لهذا القطاع الحيوي، من وقع اقتصادي واجتماعي محليا ووطنيا، لكونه يساهم بأكثر من 14 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، لكن شريطة التقيد بالإجراءات الصحية والوقائية الضرورية.

اللقاء عرف مشاركة عدة فاعلين قاربوا من خلال مداخلاتهم إشكالية استئناف أوراش البناء من جديد مع احترام تام لمبادئ السلامة والتدابير الصحية، نظرا لتأثر القطاع بشكل كبير من تداعيات وباء كورونا، حيث أكد سعيد لقمان، مدير الوكالة الحضرية لمراكش، أن إجراءات فتح الأوراش تستوجب الأخذ بعين الاعتبار خصوصية مراكش، مذكرا بالدليل المتعلق بتدبير مخاطر انتشار» كوفيد19» في أماكن العمل بقطاع السكن وأوراش البناء الذي أصدرته الوزارة الوصية، مبرزا أنه يهدف إلى تهيئ الظروف الملائمة وفق شروط السلامة والوقاية الصحية للعمل بها، والذي جاء لسد الفراغ الكبير في المجال، بعدما تولدت تخوفات حول طريقة الاشتغال بعد استئناف العمل بها من جديد، والذي بات بالإمكان تنزيل الإجراءات المتضمن طيها، مؤكدا أن قطاع البناء بالجهة يشغل يد عاملة مهمة جدا، بشكل مباشر أو غير مباشر، تضم عددا من العمال والمستخدمين والمهنيين والمصالح الإدارية المرتبطة بالقطاع، وتمثل 15 في المئة من السكان، ناهيك عن ارتباط القطاع بعدة قطاعات أخرى حيوية، منها الصناعة والنقل واللوجيستيك والخدمات والصناعة التقليدية والتأثيث التجهيزات المنزلية، ما يجعل قطاع البناء دعامة اقتصادية لكل القطاعات الأخرى.
وشدّد المتحدث على أن استئناف الأوراش يجب أن يكون بشكل حذر، على اعتبار كثافة الشغيلة التي تتجاوز أحيانا 100 فرد بالورش الواحد، ما يشكل مصدرا للاختلاط والازدحام داخل الورش، وأيضا، في محيطه، مبرزا أن الأوراش الكبرى المهيكلة، والتي تشرف على تدبيرها مقاولات كبيرة، يسيرها منسقون ومهندسون، ستعمل بتلقائية على الانخراط في التدابير الوقائية، فيما يبقى السؤال المطروح حول الأوراش الصغرى والذاتية، وأيضا، تلك التي لا تعتمد على تصميم المهندس المعماري ولا تتوفر على رخصة الإصلاح، مشيرا إلى أن من بين الاجراءات المستقبلية فرض التصريح على جميع المشاريع وتحديد بداية ونهاية الأشغال، وهو الدور المنوط بالإدارات المعنية من المصالح المتدخلة لتشديد المراقبة والتحسيس والتوعية، منوها في نفس الوقت بمقترح إحداث منصة لتتبع الأوراش، والتي ستمكن من تتبع التصاريح والمقاولات والعمال، إضافة للمنصات التفاعلية التي يتم الاشتغال عليها، حيث سيتم دراسة جميع هذه المقترحات وترتيبها، حسب الأولويات، من أجل تنزيلها على أرض الواقع.
من جهتها، كشفت المديرة الجهوية لسياسة الإسكان والمدينة مراكش آسفي، صفاء بومراح، أن قطاع البناء تضرر بشكل كبير بفعل تداعيات جائحة كورونا المستجد، إذ فقدت اليد العاملة فرص الشغل، وهي فئات هشة، ما أدى إلى تراجع العرض والطلب السكني، وفي المقابل احتمال انتشار الأنسجة العمرانية العشوائية، خاصة بضواحي المدن وكذلك تراجع إنتاج الإسمنت ومواد البناء، وما لذلك من انعكاسات على باقي الأنشطة المرتبطة بالإنعاش العقاري، من مهندسين عقاريين ومكاتب دراسات وموثقين ووكلاء عقاريين وآخرين، مؤكدة أنال وزارة اتخذت مجموعة من التدابير، منذ بداية الجائحة، وفق مقاربة تشاركية مع مختلف الفاعلين ومهنيي القطاع من أجل التخفيف من التبعات الاقتصادية والاجتماعية السلبية لانتشار فيروس كورونا، حيث سجل بطء كبير وتراجع في تسجيل البرامج الاجتماعية، كبرنامج مدن بدون صفيح وبرنامج الدور الآيلة للسقوط والتأهيل الحضري، لأسباب متعددة أهمها قلة اليد العاملة وصعوبة تزويد الأوراش المفتوحة بمواد البناء.
وأوضحت المتحدثة أن التدابير التي اتخذتها الحكومة ستواكبها اجراءات قانونية، ليس فقط على مستوى مراقبة الأوراش، وإنما هشاشة المجتمع بصفة عامة ومعالجة النقائص في النظام الاقتصادي، ودعت إلى دعم مقاولات الإنعاش العقاري.
وفي السياق ذاته، أوضح  رمزي بوغبي، نائب مدير مؤسسة العمران، أن مجموع أوراش المؤسسة على مستوى الجهة يبلغ 111 ورشا، من ضمنها 89 تشتغل فيه كصاحب مشروع منتدب لبرامج مدعمة من طرف الدولة أو شركاء آخرين، وأن ما مجموعه 65 ورشا يتعلق بعمالة مراكش لا يزال 7 منها فقط تشتغل بوتيرة بطيئة منذ الإعلان عن حالة الطوارئ، مؤكدا أن إن استئناف العمل في الفترة الراهنة، أصعب من التوقف، وأن الهدف المتوخى هو استعادة الوثيرة العادية للعمل، موضحا أن العودة تتطلب، مسبقا، تحسيس بسبل الوقاية بشكل منتظم، وإحداث لجنة للسهر على تطبيق التدابير الصحية والحرص على التزامها من طرف جميع الأشخاص داخل الورش.
من جهته، اعتبر محمد بوكروم، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاضي عياض، أن الوعي بأن مرحلة ما بعد كوفيد 19 ستكون مغايرة، تماما، والحياة العامة كذلك، موضحا أن الجائحة كانت بمثابة إنذار حول الأخطار التي تحدق بحياة الأفراد والمجتمع، منها التكنولوجية والعسكرية والبيئية وغيرها، لذا وجب مراجعة كيفية سير العمل في المجتمع.
وطرح بوكروم، ثلاث نقاط حول منهجية، ترتبط بمعرفة الأمور التي يجب أن تتغير وكيفية تغييرها وآليات أجرأة هذا التغيير، إذ اقترح تغيير الاستراتيجية الاجتماعية والاقتصادية للدولة للأخذ بعين الاعتبار محاربة الهشاشة في الشغل، ثم تأتي مرحلة التحسيس والمواكبة والتأطير والمراقبة والتتبع والتقييم، وكلها آليات تتطلب خبرة وتكوين، مشددا على ضرورة التوفر على نظام معلوماتي لتتبع الأوراش.
بدوره أشار نصر الدين انجيمة، رئيس الهيئة الجهوية للمهندسين المعماريين، إلى أن إعادة انطلاق الأوراش ستساهم في إنعاش القطاع من جديد، موضحا أن 80 في المائة من الأوراش على مستوى جهة مراكش آسفي توقفت، قبل نهاية شهر مارس الماضي، بسبب غياب العمال الذين اضطروا إلى العودة إلى مناطقهم تزامنا مع قرار منع التنقلات بين المدن، وفي حالات أخرى بعد اتفاق بين المقاولات وأصحاب المشاريع.
وأكد المتدخل أن إعادة انطلاق الأوراش هي جزء من الفصل الأول لما بعد الحجر الصحي، وستساهم في انتعاش القطاع من جديد، لكنه اعتبر أن الورش يعد آخر مرحلة في عملية طويلة تبدأ بالدراسات وإعداد التصاميم من طرف المهندس وتنهي بتجسيدها على أرض الواقع.
وعلى نفس المنوال سار رشيد الخياطي حسيني، رئيس الجمعية الجهوية للبناء المستدام، الذي اعتبر أن إنعاش اقتصاد الجهة يحتم فتح الأوراش، في ظروف خاصة يعمل جميع المتدخلين والفاعلين الاقتصاديين على إعداد تدابيرها، باعتبار أن قطاع البناء ساهم في ميزانية الدولة بحوالي 6 ملايير درهم خلال سنة 2019، مشددا على ضرورة دعم القطاع وتغيير المنظور إلى الإنعاش العقاري والمنعشين العقاريين.
وأكد المتحدث أن الأوراش في الوقت الراهن مسؤولية جماعية، ووجب استغلال الدليل الذي أصدرته الوزارة وتنزيله حسب طبيعة كل ورش، مشيرا ان هذا العمل قد يمكن تطبيقه على المستوى الجهوي.


الكاتب : n وحيد مبارك

  

بتاريخ : 18/05/2020

أخبار مرتبطة

  بالنسبة لقارئ غير دروب بالمسافات التي قطعها الشعر المغربي الحديث، فإنّه سيتجشم بعض العناء في تلقّي متن القصائد الّتي

« القصة القصيرة الجيدة تنتزعني من نفسي ثم تعيدني إليها بصعوبة ، لأن مقياسي قد تغير ، ولم أعد مرتاحا

أكد على أن تعامل الحكومة مع القطاع ومهنييه يساهم في اتساع دائرة الغموض والقلق   أكد ائتلاف يضم عشر جمعيات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *