ليالي فاس في المدينة العتيقة خلال المهرجان العالمي للموسيقى العريقة الدورة 25

سهرات متنوعة وأجواق ومطربون من مختلف بقاع المعمور يحتفون بالموسيقى العريقة

في جنان السبيل وساحة بوجلود وقصر الكلاوي ودار اعديل والمركب الثقافي ابن يوسف وبيعة صلاة الفاسيين، استمتع الجمهور الفاسي والسياح الأجانب الذين حطوا الرحال بفاس لمواكبة الفرق العالمية التي تنشد وتتغني بقطع تمتح من الموسيقي العريقة.

ولعل أهل فاس سيظلون محتفظين في ذاكرتهم بأنغام موسيقية روحية تم ترديدها في الأديرة والكنائس وعلى خشبات المسارح العالمية.
ومساء الأربعاء 19 يونيو الجاري كان موعد الجمهور من الطائفة اليهودية العالمية مع فرقة كول كولي ببيعة صلاة الفاسيين، هذه الفرقة التي تتكون من أربعة أفراد من سوريا وأكرانيا ومولدافيا وألمانيا جمعهم عشق الموسيقى.
المجموعة أدت أغاني فلكلورية روسية تقليدية، كما رددت مجموعة من أغاني التانغو، بالإضافة إلى الأغاني اليهودية القديمة وكذا أغاني السافارد والعبرانية بحنكة ومهارة عالية، الشيء الذي حرك عواطف الجمهور الذي ضاقت به رحاب الكنيس الواقع بأحد الدروب الضيقة بحي الملاح، والذي يرجع بناؤه إلى الطائفة اليهودية المغربية في السنوات الماضية، غير أنه تهدم وأهمل، فقامت الحكومة الألمانية بإعادة ترميمه، إذ أصبح مكانا للعبادة تقام فيه الطقوس الدينية اليهودية، والواقع أن هذا الحفل الموسيقي أعاد ذاكرة الحاضرين إلى أزمنة غابرة وبلدان منسية في الشتيل اليهودي والريف الأوكراني وأندلس العصر الوسيط في بحث متواصل عن التعايش والتسامح بين الشعوب المؤمنة بالديانات الإسلامية والمسيحية واليهودية وهو ما يميز المغرب منذ أزمنة غابرة..
هذا، وشهدت دار اعديل سهرة أحيتها فرقة دورباد فانطيزي هذه الفرقة وليدة معتقد وهمي المتمثل في الربط بين الارتجال القائم على الراغا والموسيقى الآلاتية المتعددة الأصوات، كما أحيت الفنانة الشعبية شريفة ذات الصوت القوي الرنان الذي تتردد أصداؤه بين فجاج الجبال الأطلسية بنفس الدار، هذه الفنانة التي يعود اكتشاف موهبتها الغنائية للراحل الفنان المقتدر محمد رويشة، حيث اجتمعت بلقاء غير مسبوق بالمجموعة الصوتية سفيتلانا سباديك من صربيا والتي اشتهرت أغانيها في ارض البلقان، كما استمتع الجمهور وخاصة الأجنبي بمعزوفات من الربيرتوار الباروكي للموسيقى القديمة قامت بأدائها العازفة البريطانية سوزي نيبر والعازفة الكندية مارغريت.
ومن الهند دقت الطبول والدفوف مع فرقة ميرا الشاعرة الصوفية التي تردد خلال رقصها وأغانيها… رميت حجابي أفرقع أصابعي وأرقص في معبد الحياة …
هكذا تم إحياء ليالي المدينة العتيقة خلال المهرجان العالمي للموسيقى العريقة، حيث امتزجت فيها الألوان والموسيقى العريقة بمختلف مشاربها ممثلة بفنانين وعازفين من إفريقيا وأوروبا وأسيا والولايات المتحدة الامريكية وغيرها، ومشاركة فعالة للمغرب بمختلف فرقه الصوفية الروحية دون أن ننسي الفنانة ميشيل دفيد التي غنت بحديقة جنان السبيل ضد العبودية والرق والميز العنصري بمصاحبة الكوسبيل سيشنس من الولايات المتحدة الأمريكية زيادة على مشاركة متميزة لعدد من المنشدين العمانيين. وبهذا الزخم الهائل من فنون الموسيقى العريقة يكون المهرجان في هذه الدورة حقق الغايات منه والتي تجلت في استقطاب كم هائل من السياح الأجانب والمغاربة الذين حركوا العجلة الاقتصادية بالمدينة من خلال اقتناء مشتريات هامة من فنون الصناعة التقليدية زيادة على حجز كل غرف الفنادق ودور الضيافة بالمدينة العتيقة.


الكاتب : فاس: محمد بوهلال

  

بتاريخ : 22/06/2019