مرسيل خليفة.. الوتر الكوني للحرية الذي صدح تحت سماء مراكش

كان مرسيل خليفة الفارق الكبير في الحفل الافتتاحي للدورة الثانية لمهرجان الشعر بمراكش مساء الجمعة بقصر دار باحماد (الباهية)، في ليلة سطع فيها صوت الحرية والحب والثورة الأمل. وكان مرسيل مرة أخرى الصوت الأصيل لمجد الموسيقى، الوتر الكوني الذي يذكر الإنسان بما يستحقه من العالم، الخير و العدالة والحرية.
صعد مرسيل إلى الخشبة فانتفض جمهوره الذي تعقبه من أنحاء مختلفة من المغرب، تصفيقا واعترافا و تكريما لمسار غني، لم يفارق وجدان أجيال متعاقبة من الحالمين المبتهجين بنبوءة الشعر والموسيقى وقدرتهما على صنع الأجمل. فامتزج صوته بهدير الحضور الذي ردد مع الفنان والمؤلف الموسيقى أشهر أغانيه، تلك التي صارت ملحمة لعصر بكامله، لحظة لاعتصار القلق الفاتن الممتزج بالغضب الخلاق. «ريتا»، «أمي»، «إني اخترتك ياوطني»… لم تكن في ذلك الحفل الذي أسس للحظة أسطورية بدار باحماد يصعب نسيانها، أغاني تخص مرسيل لوحده، وإنما نشيد كوني يجري في الدم ويحمله الهواء النقي للحرية وتتنفسه رئة النبلاء الذين لا يقايضون في الأمل..
حفل قصر الباهية و تفاعل الجمهور، أظهر أن مرسيل خليفة ليس مجرد مغن، وإنما صوت يدق في كل قلب، قصيدة تعلو و ترفرف فوق خيمة العالم محولا أوتادها إلى مقاومة مستميتة.. وهاهو مرة أخرى لا يكتفي بجر جمهوره إلى وقفة نوستالجية لزمن جميل بمحنه و عذاباته التي خلقت المعاني الكبرى لافتداء الحياة بالحرية والحق المشترك في العيش في عالم جميل، تتوقف فيه القنابل لتفسح المكان لنمو القصائد والأغاني، بل جاوزه ليحول الفرح إلى عبور عذب لجغرافيات ممتدة تتوقف تارة عند الجرح العربي، وتارة تتوسع في أفق كوني.
مرسيل خليفة تلقى ذرع التكريم من المنظمين فأهداه فورا للشعب اللبناني، الذي يخلق ملحمة كبرى في شوارع لبنان بطولها وعرضها. ويتردد في دعوة شخصيات « الصف الأول» الذين كانوا يجلسون أمامه في تخشب مفارق لروح اللحظة، للمشاركة في الغناء. وكان منهم وزير الثقافة المغربي، ورئيس دائرة الثقافة بإمارة الشارقة ومسؤولين آخرين.
ولم يفوت مرسيل خليفة ما تتيحه هذه اللحظة الباذخة بأسرارها، دون أن يبعث برسالة إلى الشعراء حيث قال «سيظل الشاعر دائما هو ذلك الساحر الذي يبهر، وحامل الأسرار، وذلك الطموح الذي يحلم بالمستحيل وبتغيير العالم..»
الحفل الافتتاحي لمهرجان الشعر بمراكش، عرف أيضا الإعلان عن المتوجين في مسابقتي النقد الشعري وأحسن قصيدة المخصصة للشباب، وقراءات شعرية للشاعرة ثريا مجدولين وحميد الشمسدي، ومقاطع من معزوفات على آلة الكمان من أداء الفنان أمير علي.
وتميز افتتاح المهرجان الذي نظمته دار الشعر بمراكش تحت الرعاية السامية لجلالة الملك، أيم 25 و26 و27 أكتوبر الجاري، بالمعرض الفوتوغرافي الذي أقامه الفنان الكبير أحمد بن اسماعيل، فعاليات حفل الافتتاح بعنوان «بورتريهات: ذاكرة الشعراء المغاربة»،.
وكرمت الدورة الثانية لمهرجان الشعر المغربي، الشاعرة مليكة العاصمي، الى جانب الشاعر الحساني محمد سالم بابا، وأيقونة الإعلام الثقافي والإعلامية الرائدة فاطمة التواتي.


الكاتب : عبد الصمد الكباص

  

بتاريخ : 01/11/2019