المنظمة المغربية لحقوق الانسان فرع القنيطرة

نظم مكتب فرع المنظمة المغربية لحقوق الانسان بالقنيطرة ندوة حول مدونة الاسرة تحت عنوان مدونة الاسرة ,أية آفاق بعد 15 سنة من التطبيق ؟ «وذلك يوم السبت27/04/2019 .
– سير هذه الندوة كاتبة الفرع الاخت عائشة زكري وقدم لها الامين العام للمنظمة الأخ مصطفى الزنايدي وأطر لها الأخ المحامي عبد العالي الصافي .
-كلمة كاتبة الفرع الاخت عائشة زكري :
باسمي الخاص وباسم صديقاتي وأصدقائي في فرع المنظمة المغربية لحقوق الإنسان أشكر جزيل الشكر الحضور الكريم على تلبية الدعوة ,كما أشكر بقوة الأساتذة المحاضرين الكرام .
-حقيقة إن 15 سنة كافية لإعادة النظر في هذه الوثيقة ( التي تلعب دورا أساسيا في حياة الأسرة والمجتمع بصفة عامة ), وتقييم تطبيقها على أرض الواقع ,ولا شك أن هذا التطبيق قد أبرز كثيرا من مواطن الخلل التي أضرت بالنساء والأطفال نظرا لانعكاساتها السلبية والخطيرة أحيانا على حياتهم، الشيء الذي تؤكده الملفات المعروضة على المحاكم في جميع ربوع المملكة ,كما تؤكده تقارير المجتمع المدني, وتقارير المؤسسات الوطنية والمنظمات الدولية .وعدد مهم ما رجال القضاء ومن المحاميين والمحاميات الذين يتابعون يوميا عددا مهما من الملفات الشائكة المتضمنة للمشاكل العديدة الناتجة عن تطبيق نصوص هذه المدونة، ويمكن أن نشير على سبيل المثال فقط وليس الحصر : قضية الولاية والحضانة والإرث وسن الزواج وتقسيم الممتلكات بعد الطلاق ,وقضية التعدد ,…وغيرها
إن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تتعامل مع المرأة كإنسان متساو مع الرجل في الحقوق والواجبات وتسعى إلى الحفاظ على كرامتهما ,ولتحقيق ذلك لا بد من إعادة النظر في المنظومة القانونية التي تنظم العلاقات بين الناس داخل المجتمع وعلى رأسها مدونة الأسرة نظرا لعدم تلاؤمها مع تطور الواقع الاجتماعي والاقتصادي وغيره ,و مع الدستور الجديد و المواثيق الدولية التي تؤكد جميها على المساواة الكاملة بين الجنسين .
من هنا تأمل في هذه الندوة أن تنيرنا في هذا الموضوع وأن توضح لنا مكامن الخلل سواء على مستوى مضامين النصوص أو على مستوى اللغة ,وأن تمدنا باقتراحات بديلة تسجلها كتوصيات يمكن أن نقترحها في هذا المجال ..
-مداخلة الأخ مصطفى الزنايدي الأمين العام للمنظمة
-أشار في البداية إلى أن المنظمة المغربية لحقوق الانسان منذ تأسيسها في 1988 وهي تدافع عن حقوق الانسان محاولة حمايتها والنهوض بها باعتبارها حقوقا كونية وطبيعية ومترابطة أي غير قابلة للتجزيئ .من هنا اهتمت بقضية المرأة وناصرت كل مطالبها الحقوقية مثل المساواة , عدم التمييز وغيرها . ودفعت في اتجاه إعمال هذه الحقوق وإحقاقها, كماركزت على تأصيلها لأنها
– تؤمن بأنه ليس هناك تناقض بين عمومية حقوق الانسان وبين خصوصية الواقع المغربي.
-ثم أشار إلى أن المغرب عرف منذ الثمانينات حركة دينامية متمثلة في الحركة النسائية ا وضعت ضمن أهدافها قضية المرأة نظرا للتهميش الذي تعيشه النساء على المستوى الحقوقي والذي كانت تشرعن له مدونة الأحوال الشخصية الحاملة للتمييز بجميع أشكاله .
-هكذا أطلق اتحاد العمل النسائي عريضة المليون توقيع منأجل تغيير هذه المدونة وأثار كل القضايا الشائكة سواء تلك المتعلقة بالمساواة والحضانة والولاية والتعدد …وغيرها ولقد لاقت هذه العريضة معارضة من طرف الأصوليين المتزمتين وتدخل الملك الحسن الثاني وطلب منهم مذكرات في الموضوع. هكذا استطاعت الجمعيات النسائية الحداثية التقدمية (اتحاد العمل النسائي الجمعية الديموقراطية لنساء المغرب وغيرها) أن تقدم هذه المذكرات لأنها كانت مؤمنة بالقضية وواعية بمشاكلها .
-وبمجيء حكومة التناوب قدمت مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية التي لاقت مقاومة شديدة توجت بمسيرتين واحدة للحداثيين في الرباط والثانية للأصوليين في الدار البيضاء وانتهى الامر بتدخل الملك الحسن وتكوين لجنة للبث ,وتوج كل ذلك بمدون جديدة هي مدونة الأسرة الحالية .
– هكذا جاء الإصلاح الأول وعلى الرغم من أنه كان محبطا تحت تأثير القوى المحافظة لكنه كان خطوة إلى الأمام, لكن الحركة النسائية الحداثية اليوم تطالب بإعادة النظر من جديد في هذه المدونة لأنها لم تعد ملائمة للواقع المتطور.
مداخلة الأستاذ السيد عبد العالي الصافي :.
– « المقاربة السوسيوقانونية لمدونة الأسرة بعد 15 سنة من التطبيق»
في البداية أشار الاستاذ بأن السوسيوقانون فرع من السوسيولوجيا , وهو علم حديث العهد لا يهتم بالقاعدة القانونية في حد ذاتها بل بترابطها بالمجتمع . إن المشرع لكي ينجح في مهمته يحتاج إلى القيام بدراسة سوسيولوجية عميقة لفهم الفاعل وكيفية تفاعله وضرورة اقتناعه ,من هنا ساق بعض الأمثلة منها المادة 16 في مدونة الأسرة و التي تهدف إلى توثيق عقد الزواج بالنسبة للمتزوجين بدون عقد ولديهم أطفال ,أي ما سمي بثبوت الزوجية باعتبار أن وثيقة الزواج ضرورية لقبول الزواج .وحدد مدة هذا الإجراء في خمس سنوات ثم مدده لمدة ثلاث سنوات , بمعنى أنه استمر لمدة 15 سنة .بمعنى أن هذا الإجراء أو القانون فشل في القضاء على الظاهرة .فتساءل ما هي الأسباب التي أدت إلى فشله إذن ؟
-من هنا أشار إلى أن هذه الظاهرة ( الزواج بدون عقد أي بما يسمى بالزواج بالفاتحة ) منشرة في البادية أكثر من المدينة .وتوصل إلى أن الزواج هناك يخضع للعادات والتقاليد وهي معايير تشكل الهوية الصلبة لهؤلائك, ومحاربتها تحتاج إلى مجهودات كبيرة على مستوى العقليات أي على مستوى الثقافي, لذلك من الصعب إنزال القوانين بطريقة فوقية دون الانطلاق من تشريح الواقع المعاش للوصول إلى فهم بنياته العميقة الشعورية وغير الشعورية فالمعايير والقواعد غير الرسمية هنا عبارة عن تطبعات مغروسة في فكر هؤلاء .تحتاج إلى آليات ملائمة للتعامل معها .
ثم ربط هذه المادة (16) بالمادة 20 في المدونة و المتعلقة بزواج القاصر وكذلك المادة 41 المتعلقة بالتعدد ولا يخفى على أحد المشاكل العديدة المترتبة عن هذه المواد .
من هنا أشار إلى تمرد المجتمع على المشرع وعدم خضوعه للقوانين والتحايل عليها , ولذلك فدور المشرع أن يكون ذكيا ويستحضر كيفية التأثير على المجتمع بجميع أطيافه خاصة الأميين منهم وضعيفي التكوين وذوي النظرة الدينية الضيقة وذلك باستعمال حيل قد تكون سيكولوجية أو غيرها
-كما توقف السيد المحاضر عند المادة 49 المتعلقة بكيفية تقسيم الأموال المشتركة والتي لم يتم فهمها بشكل جيد ,زيادة على ذلك فنص المدونة على عقد جانبي إلى جانب العقد الأصلي يتعلق بالأموال المكتسبة وجعله اختياريا مسألة غير صحيحة .
كما أشار إلى وجود أعرف حميدة موجودة داخل المجتمع ولكن لم يتم الاستفاذة منها في المدونة وكان من الواجب إدراج مضمونها داخلها وذلك مثل ما يسمى بحق الكد والسعاية عند أهل سوس .
-ثم هناك مواد سقطت بفضل الإهمال مثل المادة 112 المتعلقة بالإيلاء والهجرة ومن هنا أشار إلى اختفاء جل انواع الطلاق واقتصارها حاليا على طلاق الشقاق والذي كان خاصا بالنساء وأصبح الآن يستعمله الرجال والنساء معا كما أنه أفرغ من مقصوده.
أما المادة 142 المتعلقة بالنسب والبنوة الشرعية وغير الشرعية فبجب أن يفتح فيها نقاش مجتمعي مع مراعاة المصلحة الفضلى للطفل .والمسألة المثيرة للاستغراب هي المادة 146 والتي تقول بأن البنوة تستوي للأم سواء كانت ناتجة عن علاقة شرعية أو غير شرعية .والمادو148 والتي تقول لا يترتب على البنوة غير الشرعية بالنسبة للأب أي أثر من آثار البنوة الشرعية .مع وجود تناقض مع المادة 152 .كما أن هناك تناقض بين المادة 19 والمادة 209 ا من جهة والمادة 20 فالمادة 19 تحدد سن الزواج في 18 سنة والمادة 2019تحدد سن الرشد في 18سنة بينما المادة 20 تعطي للقاضي إمكانية زواج القاصروتعتبر أن مقرر الاستجابة لطلب الإذن بزواج القاصر غبر قابل لأي طعن وهذه مسألة خطيرة، كذلك المادة 231 التي تعطي النيابة الشرعية للأب الراشد ولا تعطيها للأم الراشدة إلا في حالة عدم وجود الأب … وما مصير الام القاصرة إذن وهي غير راشدة ويسمح لها بأن تكون أما (المادة 20) .
الشيء الذي يؤكد التناقض وعدم انسجام مواد المدونة وبالتالي ضرورة إعادة النظر فيها جذريا.
– أما قضية الإرث فيجب فتح نقاش مجتمعي جدي فيه لأنه ضرب للمساواة وتكريس للتمييز وتناقض مع المواثيق الدولية التي وقع عليها المغرب والذي يجب أن يلتزم بتعهداته خاصة وأنه وقع على رفع كل التحفظات عن اتفاقية السيداو ولذلك فالحكومة مسؤولة على قضية الملائمة بين القوانين الوطنية والدولية .-أما المدة 400 فهي فضفاضة وغير دقيقة وتحيل على الفقه المالكي فيكل ما لم يرد فيه نص وتشير إلى الاجتهاد علما بأن المذهب المالكي ليس فيه اجتهاد .
-هكذا أحاط الأستاذ الصافي بكل جوانب المدونة موضحا الهفوات والنقائص والتناقضات التي تسقط فيها ,.كما أشار إلى كون القضاء في بلادنا محافظ مما يستدعي الاهتمام بتكوين هذا الجسم خاصة في الجانب الحقوقي .
النقاش:
كان غنيا وراقيا وهادفا ,عرف تدخل عدد مهم من المحاميين والاساتذة الجامعيين والباحثين والجمعويين والطلبة.
– أشار المتدخلون إلى أن موضوع المرأة هو موضوع المجتمع برمته باعتبار أن قضية المرأة تشكل بعدا أساسيا داخل المجتمع وهي قضية يتم استغلالها بمواقف ذكورية ممتازة وعن طريق استغلال الدين والتقاليد بشكل بشع ,لذلك فالمغرب يحتاج إلى ثورة ثقافية وإلى محاربة الأمية والتهجيل الممنهج بواسطة وسائل الإعلام في ظل غياب التوعية والـتأطير العلمي.
-كما أشار البعض إلى أن المقاربة السوسيوقانونية هي بالفعل مقاربة جديدة وجميلة وعقلانية تهدف إلى تحسين أوضاع المرأة عن طريق قوانين يمكن أن تقبل داخل المجتمع وتتلاءم معه لكن المرحلة التي نعيشها اليوم في المغرب هي مرحلة انتقالية من الناحية الثقافية و انعكس ذلك على بنود المدونة التي تحتوي على تناقضات داخلية و أخرى خارجية مع الواقع الاجتماعي, كل هذا عمل على عرقلة تطبيق ما هو حق وإيجابي داخل هذه المدونة .
-إن الواقع يحتوي على القوانين التي صادق عليها المغرب وهو ملزم بتطبيقها , وعلى القوانين التي سنها عن طريق المؤسسة التشريعية من جهة , ومن جهة أخرى على ما هو مغروس في اللاوعي الجمعي .والذي يغلب عليه الطابع الديني المحافظ .
-ثم إن البعد الجغرافي والاقتصادي يلعب دورا مهما أيضا في تكوين التصورات والافكار داخل المجتمع فمثلا عدم وجود التعدد في منطقة سوسليس راجعا إلى البعد الحداثي التقدمي عند أهل سوس بل إلى المجال الجغرافي الذي هو مجال جاف وقاحل .كما أن البعد الاقتصادي مؤثر في صنع الفكر المحافظ لأن رفض المساواة في الإرث بالخصوص هو رفض لضياع الثروة وضياع المكانة والرئاسة وسلطة القرار .
لكن . من جهة أخرى يمكن القول بما أن الدولة رفعت التحفظات على الاتفاقيات الدولية وخاصة اتفاقية السيداو فواجب عليها إعادة النظر في الإرث .
-إذن في ظل هذه الوضعية الاجتماعية الاقتصادية الثقافية لا يمكن أن نلتجئ إلى قوة القانون وحده ونفرضه بشكل من الأشكال .
ومعنى ذلك أن القانون يحتاج إلى مقاربة سوسيولوجية لأنه وحده جاف وكثيرا ما لا يعطي نتيجة إيجابية .,وهذا يوضح فشل الفكر الحداثي التقدمي رغم المجهودات الجبارة التي بدلت في هذا المجال و بالتالي نجاح الفكر المحافظ.
-الخلاصات التي انتهت إليها الندوة
-الدفع في اتجاه ثورة ثقافية لإعادة النظر في كل المفاهيم والأفكار المغلوطة اتجاه المرأة والأسرة .
-ربط وضع القوانين بالتحليل السوسيولوجي و بالعلوم الإنسانية بصفة عامة .
-الاهتمام بالجانب التربوي البيداغوجيوتربية الناشئة ذكورا وإناثا بشكل متساوي وبدون تمييز.
– نقل النقاش إلى داخل المجتمع والعمل على زرع التوجه العلمي بدل إرضاء الخواطر.
ضرورة تنظيم ندوات حول الإصلاح بشكل عام من طرف الحركة الحقوقية والنسائية بالخصوص.
-خلق قانون للأسرة ذو طابع مدني وليس ديني باعتبار أن كل القوانين في المغرب هي قوانين مدنية فلماذا نستثني قانون الأسرة .
-إعادة النظر في منظومة الإرث تبعا لرفع التحفظات عن المواثيق الدولية المصادق عليها .
-ملاءمة القوانين الوطنية مع الدولية.
-اعتماد المقاربة العلمية في مراجعة المدونة
-.خلق حركة مدنية دينامية تفرض الموضوع على الفاعل السياسي .
التأكيد على دور الإعلام والمدرسة في نشر الفكر الحداثي .
– التأكيد على المساواة بدل الإنصاف.
-تضمين مضمون العقد الخاص باقتسام الممتلكات داخل عقد الزواج
-إلغاء حرمان نساء طلاق الشقاق من المتعة .
-إلغاء زواج القاصر
جعل قانون الأسرة قانونا مدنيا ومنسجما في مضمونه بدل التناقضات الحالية .
-ضرورة إنشاء محاكم خاصة بالأسرة مستقلة عن المحاكم الابتدائية
-إعادة النظر في إشكالية النسب والولاية والحضانة .-مراعاة تطور المجتمع في صياغة قانون الاسرة .
-إلغاء المادة 400 الحالية من المدونة لأنها غامضة وفضفاضة ووضعت بشكل جزافي يبيح تأويلات متناقضة.


بتاريخ : 16/05/2019