حكاية رحلة رياضية امتدت لأزيد من خمسين سنة 25- السنة الأولى في مدريد

وحل يوم الرحيل.. كان ذلك في 15/8/2005 اليَومَ الذي سافرنا فيه متوجهين إلى الديار الاسبانية.. كان يوما حزينا وقاسيا أذرفت فيه دموعا غزيرة.. لن أعود لبلدي مرة ثانية.. وداعا ذكراتي..وداعا ألقابي وبطولاتي..وداعا دفء الأسرة ودفء الوطن.
وصلنا الى الديار الاسبانية وكان زوجي في لقائنا، لم تكن مدريد بالغريبة عنا فقد سبق وزرناها في عدة مناسبات ولأننا كنّا نزور أخوات زوجي في فترات العطلة الصيفية، لكن تلك هذه المرة لن تكون كسابقاتها.. ستكون الإقامة دائمة..تذكرة بدون عودة.
بعد وصولنا بأيام معدودة، بدأنا أنا وزجي وأبنائي نقوم بجولات استطلاع للتعرف على مدينة مدريد. كان الجو حارا، ولحسن حظنا كانت شقتنا تطل على وادي منزناريس Manzanares، مما كان يعطينا نسيم هواء يخفف عنا حرارة الجو. ولحظنا أيضا أن شقتنا كانت توجد في وسط مدريد ما أسعد أبنائي وجعلهم ينسجمون بسرعة مع الأجواء الجديدة.
بدانا من “الصفر”، بلد جديد، تقاليد مغايرة تماما عن تقاليدنا، يعني أوروبا بما في الكلمة من معنى.
فاتح شتنبر2005 كان علي ضغط كبير، لأنني كنت أرافق كل واحد من أبنائي للقيام بالتسجيل في المدرسة ودفع كل الوثائق المطلوبة، في الحقيقة لم أواجه اَي صعوبة، ابنتي البكر غيرت وجهتها من دراسة الترويض، وسجلت اسمها في كلية العلوم باللغة الانجليزية، إبني بما انه كان يتوفر على الشهادة الثانوية، تمكن من الولوج الى الثانوية مع سنة للغة الاسبانية، اما الصغيرة فكان عمرها 4 سنوات فسجلتها في روض قريب من البيت. الحقيقة كنت جد محظوظة لأنني التقيت أناس في الادارة ذوي اخلاق عالية لم اجد اَي عراقل، والحمد لله.
قمت بتسجيل أبنائي لكن في وزارة النقل لإحراز على بطاقة النقل الشهرية للميترو حتى يستفيدوا من الأسعار الخاصة بالطلبة والشباب، وطبعا لم أكن لأستثني الرياضة من حياتنا، فقمت بتسجيل أبنائي في أحد الأندية الرياضية حتى تتاح لهم الفرصة للتدريب في اَي رياضة يختارونها.
بدأت السنة الدراسية، وبدأت بدوري أشتغل في شركة للآلات الطبية، فيما التحق زوجي بشركة للتسويق والاستيراد، كنّا جد محظوظين لأننا كنا نتقن اللغتين الفرنسية والإنجليزية بشكل جيدوكانت لدينا خبرة واسعة في المجال.
في شهر أكتوبر 2005 ،قررت أنا وزوجي التسجيل في معهد لدراسة اللغة الاسبانية لكي نحسن الكتابة والقراءة وكذلك النطق.كنا نشتغل طوال النهار حتى الساعة الرابعة بعد الظهر ، وندرس بالليل من السابعة مساء إلى الساعة التاسعة ليلا.
لم يكن صعبا علينا ربط صداقات جديدة خصوصا مع الجيران، كما لم يكن صعبا التعرف على العادات في اسبانيا.
وكنت سعيدة وأنا أشاهد أبنائي وهم يتعرفون على أصدقاء جدد، مما جعلهم ينخرطون في عدة مجالات مع الشباب ما سهل عليهم إثقان اللغة اللغة الاسبانية بشكل سريع جدا.
كنت أواظب على كل الاجتماعات الدراسية لأبنائي وكذلك مباريات في كرة القدم لكون ابني كان يجيد اللعبة بحكم أنه كان منخرطا في فريق الوداد البيضاوي بالمغرب.
انتهت السنة بنجاح ابنائي الثلاثة والحمد لله، مع العلم انها كانت سنتهم الأولى في المهجر وسنة صعبة لكل أفراد الأسرة.
نجحت أنا وزوجي أيضا في امتحان السنة الأولى لتعلم اللغة الاسبانية، وسجلنا اسمينا للسنة الثانية.
في تلك السنة الأولى لي بمدريد،لم أفكر في رياضة المسايفة، كنت جد مستاءة بما مررت به في وطني الحبيب، وكنت أحاول أن أنسى أي شيء يتعلق بها..


الكاتب : عزيز بلبودالي

  

بتاريخ : 23/05/2020

أخبار مرتبطة

يقدم كتاب “ حرب المئة عام على فلسطين “ لرشيد الخالدي، فَهما ممكنا لتاريخ فلسطين الحديث، بشَـن حـرب استعمارية ضد

يؤكد الفيلسوف ميشيل فوكو أن عصر الأنوار «لم يجعل منا راشدين»، ظلك أن التهافت الأخلاقي للغرب ظل يعيش، إلى الآن،

نعود مجددا إلى «حياكة الزمن السياسي في المغرب، خيال الدولة في العصر النيوليبرالي»، هذا الكتاب السياسي الرفيع، الذي ألفه الباحث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *