دراسة: عجز الميزانية سيقفز إلى 7.5 % والنمو سيهبط إلى ناقص 6.5 %

صدمة «كوفيد 19» ستسبب أكبر انكماش للناتج المحلي الإجمالي في 25 عاما

 

أفادت دراسة حديثة، حول تأثير أزمة «كوفيد 19» على الاقتصاد المغربي، أن الناتج المحلي الإجمالي سيعرف انخفاضا يقدر بين 3 ٪ و 6.5 ٪ في عام 2020، وأن عجز الميزانية سيتضاعف ليصل إلى 7.5 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
وأوضحت الدراسة التي أنجزها فريق من الخبراء والمحللين في بنك الأعمال CFG ، أن صدمة» كوفيد 19» ستسبب «أكبر انكماش للناتج المحلي الإجمالي في 25 عاما».
وبالإضافة إلى تأثير الأزمة الوبائية على الاقتصاد، تؤكد الدراسة أن الناتج المحلي الإجمالي سيعاني أيضا من تبعات الجفاف لاسيما وأن القيمة المضافة الفلاحية، والتي تمثل حوالي 12 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، يتوقع أن تنخفض بنسبة 2.7 ٪ في عام 2020 .
وانكب الخبراء على تقييم تأثير الأزمة الصحية «كوفيد 19» على ما أسمته «العجز التوأم» ، أي عجز الميزانية وعجز الحساب الجاري. خصوصا و أن احتياطيات النقد الأجنبي وتحويلات العمال المغاربة بالخارج والميزان التجاري، وما إلى ذلك، اهتزت بشكل عنيف بسبب أزمة دمرت مختلف قطاعات الاقتصاد بعد إعلان حالة الطوارئ بالبلاد.
وتناولت الدراسة بالتحليل نقطتين رئيسيتين، تتمثل أولاهما في تحديد المخاطر المحتملة لانخفاض قيمة العملة المغربية في أعقاب تدهور كبير في عائدات النقد الأجنبي ، وذلك بعد انهيار عائدات السياحة ، وتباطؤ الاستثمارات الأجنبية المباشرة ، وانخفاض حاد في تحويلات المهاجرين ، وكذلك انخفاض حاد في عائدات التصدير. وتتجلى النقطة الثانية في قياس تأثير التباطؤ الاقتصادي على عجز الميزانية، وقدرة الحكومة على تمويل هذا العجز على المدى القصير.
واعتبرت الدراسة أن الارتفاع المحتمل في أسعار الفائدة قصيرة الأجل سيؤدي إلى تحويل اتجاه المستثمرين المؤسساتيين نحو سوق الديون السيادية، على حساب سوق الأسهم. وهو ما من شأنه أن يترجم بزيادة في تكلفة ديون الخزينة.
وبناء على فرضيات الدراسة فإنه لا يوجد خطر انخفاض في قيمة الدرهم على المدى القصير. وحتى الحكومة المغربية يمكن أن تتجنب أي توتر على أسعار الفائدة قصيرة الأجل (وفي نفس الوقت زيادة مستقبلية في تكلفة الدين) حيث ما زال بإمكان البنك المركزي أن يستخدم مختلف أدوات السياسة النقدية الموجودة تحت تصرفه مثل برامج التيسير وعمليات السوق المفتوحة لضخ السيولة في الاقتصاد. وبالتالي ، فإن هذه التدخلات يتوقع أن ترفع قدرة المستثمرين المؤسساتيين والمؤسسات المالية على المشاركة في إصدارات جديدة من أذونات الخزينة ، والسماح بتمويل عجز أكبر في الميزانية مما تم توفيره في البداية في قانون المالية لعام 2020.

انخفاض الناتج المحلي الإجمالي
إلى ناقص 6.5 %

وتقول الدراسة إن وباء» كوفيد 19 «من المتوقع أن يسبب أكبر انكماش في الناتج المحلي الإجمالي منذ 25 عاما. حيث سيتأرجح الانكماش في الناتج المحلي الإجمالي ما بين -3٪ و -6.5٪. ليمتد إلى ما بعد تأثير الوباء على الاقتصاد المغربي ، حيث إن الناتج المحلي الإجمالي سيثقله ضعف الأداء المتقلب في القطاع الأساسي. «في الواقع، وللعام الثاني على التوالي ، سيؤدي انخفاض هطول الأمطار إلى موسم فلاحي سيء. ومن المتوقع أن يبلغ إنتاج الحبوب 40 مليون قنطار، عوض 52 مليونا في عام 2019 ، ومتوسط ​​75 مليونا على مدى السنوات الخمس الماضية ، و بالتالي فإن القيمة المضافة الفلاحية التي تمثل حوالي 12٪ من الناتج المحلي الإجمالي المغربي، انخفضت بنسبة 5.3٪ في 2019 ، ومن المتوقع أن تنخفض بنسبة 2.7٪ في 2020 ـ وفق أحدث توقعات الحكومة».
ومن خلال تحليل المعطيات المتوفرة حول المداخيل بمبلغ 209.2 مليار درهم والإنفاق 215.4 مليار درهم واستثمار 70.5 مليار درهم وميزان حسابات الخزينة الخاصة الذي بلغ ناقص 4 مليار درهم، فإن عجز الميزانية من المتوقع أن يبلغ ناقص 80.6 مليار درهم (مقابل ناقص 42.2 مليار درهم المخطط لها في قانون المالية لسنة 2020). واعتمادا على هذه المعطيات، من المتوقع أن يتضاعف عجز الميزانية في 2020 بنسبة -7.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي ، وتجدر الإشارة أيضا إلى أن هذا المستوى من العجز يتضمن افتراضات قوية ، ألا وهي الاستثمارات العامة البالغة 70 مليار درهم ، ومداخيل «آليات التمويل الجديدة» التي تبلغ 12 مليار درهم و إيرادات الخوصصة بقيمة 3 ملايير درهم ، أي أنه إذا لم تنفذ الحكومة برنامج الخوصصة ، فلن تكون قادرة على جمع ما يكفي من الأموال من خلال آليات التمويل الجديدة لمواصلة برنامجها الاستثماري ، وبالتالي فإن عجز الموازنة قد يزداد سوءا. «إذا ثبت في الوقت نفسه أن التبرعات للصندوق الخاص لإدارة الوباء غير كافية لتمويل طموحات الحكومة لدعم الأسر والاقتصاد خلال هذه الأزمة ، فمن الممكن أن يتدهور عجز الميزانية أكثر من ذلك «…
وتجدر الإشارة إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في المغرب مدفوع بشكل رئيسي باستهلاك الأسر والإنفاق العام ، حيث أن الاثنين مترابطان بشكل خاص. وبالتالي ، ترى الدراسة أنه لا ينبغي للحكومة خفض إنفاقها في عام 2020 من أجل دعم النمو الاقتصادي في المستقبل.
ومن أجل تمويل عجز الموازنة المقدر على أساس فرضيات هذه الدراسة، سيكون على الحكومة جمع 38.5 مليار درهم إضافية (مقارنة بالمستوى المنصوص عليه في قانون المالية 2020) ، بإجمالي 148 مليار درهم ، وهو مستوى قياسي لم يسجل على مدى السنوات الخمس الماضية.
ومع افتراض أنه سيتم جمع 11 مليار درهم فقط من السوق الدولي في عام 2020 ـ (مقارنة بـ 31 مليار درهم في ميزانية 2020). وبالتالي ، للتعويض عن عجز الميزانية ، يجب أن تصل مزادات سندات الخزانة إلى 137 مليار درهم في عام 2020 ـ ، وفقًا لتوقعات الدراسة.
إذا كان عجز الموازنة سيستقر عند مستوى أعلى من المتوقع وكان على الحكومة أن تمول هذا العجز بالكامل عن طريق المزادات في السوق المحلية ، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع في معدلات الفائدة قصيرة الأجل.
ومن أجل تمويل عجز لا يقل عن الضعف كما هو متوقع وللحماية من ارتفاع محتمل في أسعار الفائدة، يمكن للبنك المركزي التدخل من خلال تنفيذ تدابير نقدية تعرف باسم التدابير «غير التقليدية» بما في ذلك التيسير المالي الكمي وعمليات السوق المفتوحة.

استمرار التأثير الاقتصادي
إلى ما بعد 2020

في ما يتعلق باحتياطي النقد الأجنبي، يتوقع المحللون انخفاضا بنسبة 6٪ مقارنة بعام 2019. ولن يكون لهذا التراجع أي تأثير على قيمة الدرهم على المدى القصير.
وبناء على الفرضيات المفصلة من قبل المحللين ، والتدابير التي اتخذتها كل من الحكومة وبنك المغرب ، ولا سيما قرار سحب 3 ملايير دولار من خط الائتمان والسيولة من صندوق النقد الدولي وإعادة تمويل 11 مليار درهم من سندات الأورو ، التي تنتهي في نهاية عام 2020 ، مع ناتج دولي جديد يبلغ 11 مليار درهم ، يتوقع أن تشهد احتياطيات النقد الأجنبي انخفاضا طفيفا (ناقص 16 مليار درهم أي -6٪) ، لتختتم العام الجاري عند 228 مليار درهم، مقابل 244 مليار درهم في نهاية دجنبر 2019.
وعلى الرغم من ذلك ، وفي حال ما إذا تمكنت الحكومة من جمع 31 مليار درهم دوليا المعلنة في قانون المالية 2020 (إما من المؤسسات المالية الدولية أو عن طريق إصدار الديون السيادية بالعملة الأجنبية ) ، فإن تأثير أزمة «كوفيد 19» سيكون على مستوى احتياطيات النقد الأجنبي منعدما.
وبينما يستبعد المحللون أي تأثير كبير على احتياطيات النقد الأجنبي في 2020 ، فإنهم يعتقدون أن تداعيات هذه الأزمة على النشاط الاقتصادي والتجارة الخارجية ستستمر إلى ما بعد 2020 «يمكن أن تعاني احتياطياتنا من العملات الأجنبية في عام 2021 من انتعاش أقوى في الواردات نسبة إلى صادرات السلع والخدمات، في حين أن الواردات يمكن أن تعود تدريجيا إلى مستويات ما قبل الأزمة، في أعقاب انتعاش سعر النفط دوليا مع عودة النشاط الاقتصادي إلى المستويات الاعتيادية «.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 19/05/2020