مسلسل تلفزيوني بقناة تلفزيونية سعودية عامة يكسر المحرمات على «المثلية الجنسية» و «إسرائيل»

في سابقة للمشهد التلفزيوني السعودي، تبث قناة تلفزيونية سعودية عامة تسيطر عليها الدولة، سلسلة دراما رمضانية تتناول قضايا المثلية الجنسية والعلاقات مع إسرائيل.. ، التي لم يتم مقاربتها قبلا في هذا البلد المحافظ للغاية، وفقًا لصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.

جاء في الصحيفة أن حلقة من هاته السلسلة التلفزيونية الرمضانية تبدأ بالشخصية الرئيسية فيها، وهو مسؤول بإدارة حماية المستهلك في المملكة العربية السعودية، حائر وقلق من أن أقواس قزح التي تزين مجموعة من الوراقات أو قرطاسيات الأطفال يمكن أن تشجع على المثلية الجنسية بين الشباب، قائلا: «إذا كان الأمر متروكاً لي، لقلت إن المثليين يستحقون أن يُحرقوا أحياء». «في الحقيقة، لا يكفي الحرق. يجب المحو تماما من الوجود «.
ابنته المراهقة التي لا توافقه الرأي ترد :»أبي، إذا كنت تؤمن بحقوق الإنسان، فإن هؤلاء الناس لديهم حقوق». «إنهم يعيشون بسلام. هذا ليس من شأننا «.
إن المثلية الجنسية، بشكل علني، فعل يعاقب عليه القانون السعودي بشدة، ومناقشة هذا الموضوع بصراحة، حتى عندما يتعلق الأمر شخصية خيالية، تقول الصحيفة البريطانية- أمر غير معتاد للغاية. والأكثر إثارة للدهشة- تضيف- هو حقيقة أن المشهد تم بثه في وقت الذروة خلال شهر رمضان المبارك، عندما تجلس الأسر والعائلات حول مائدة الإفطار.
هاته الدراما التي بعنوان «مخرج 7 « ، يتم بثها منذ أبريل الماضي. وتصور حياة عائلة من الطبقة المتوسطة في المملكة العربية السعودية «الواقعية» والحديثة- تقول «فاينانشيال تايمز» – التي تشهد تغيرًا اجتماعيًا سريعًا كجزء من برنامج الإصلاح الطموح الذي بدأه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
إنها ليست المرة الأولى التي أثارت فيها السلسلة الكثير من الجدل. فقد تناولت حلقة سابقة تحريم تطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد أن قام نجل الشخصية الرئيسية بتكوين صداقات مع صبي في الدولة اليهودية من خلال لعبة فيديو عبر الإنترنت.
« المخرج 7 « تم إنتاجها من قبل مركز إذاعة الشرق الأوسط (إم بي سي)، الذي وضع تحت سيطرة الحكومة السعودية بعد أن كان مؤسسها من بين العديد من أفراد العائلة المالكة ورجال الأعمال و المسؤولين الحكوميين السابقين المقبوض عليهم في عام 2017 ووضعهم في فندق ريتز كارلتون في الرياض كجزء من برنامج لمكافحة الفساد.
وقد أثار المشهد، الذي يظهر»الصداقة» السعودية- الإسرائيلية، على التلفزيونية العامة- توضح الصحيفة البريطانية – على الفور تكهنات بأن «المملكة أرادت تشجيع السعوديين على قبول تطبيع العلاقات مع إسرائيل».
وفي السياق ذاته قد أنتجت الشبكة نفسها- تضيف- مسلسلًا تلفزيونيا رمضانيا آخر بعنوان «أم هارون» الذي يضم شخصيات يهودية تعيش في قرية صغيرة في الكويت الدولة المجاورة في الأربعينيات.
وقد دافعت «إم بي سي» عن قرارها بطرح هذه المواضيع على شاشتها، من خلال تصريح المتحدث باسمها مازن حايك في وقت سابق على قناة الشبكة المصرية، إذ قال «إذا كان الاختيار بين صورة نمطية للعالم العربي وصورة تظهر فيها «إم بي سي» التسامح والحياة المتبادلة والمواجهات بين الأديان والثقافات، فهذا أمر سيء للغاية»، مضيفا «على الأقل كنا سنساعد على التئام الجروح وتقريب الناس.»
عبد الرحمن الراشد، محلل سعودي يعرف سياسات العاصمة السعودية الرياض، تبرز الصحيفة البريطانية، رفض حوار التطبيع مع إسرائيل ووصفه بأنه «غير موضوعي»، حيث كتب في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية «حاليا، على الرغم من كل ما قيل، لا نرى في الواقع أي علامة على العلاقات أو تطور العلاقات مع إسرائيل، ناهيك عن محاولة التطبيع». . ، مضيفا «إن النظام العربي القديم لا يزال كما هو مثل إسرائيل. في الوقت الحالي، ليس من الملح فرض تغييرات في الواقع العربي «.
ومع ذلك، تستنتج «فاينانشيال تايمز» أن صور الدراما التلفزيونية هاته تعكس المواقف المتغيرة لمجموعات معينة في المملكة، على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، إلا أن العلاقات بين البلدين- تضيف – قد تحسنت ببطء، حيث تبنى كلاهما برنامجًا مضادا ضد إيران ولديهما تقارب قوي مع الإدارة الأمريكية للرئيس دونالد ترامب، بالرغم من أن الجيل الأكبر سنا لا يزال داعما إلى حد كبير للقضية الفلسطينية، وتؤكد البيانات الحكومية الرسمية على هذا الدعم. لكن بعض السعوديين الشباب، الذين تبنوا أجندة متطرفة، تقول الصحيفة، ينظرون إلى الصراع بأنه إلهاء، ومن ثمة بأنه على المواطنين التركيز على مصالح بلادهم وتجاهل القضايا العربية.
ويقول مقال الصحيفة البريطانية إنه بالنظر إلى سيطرة الحكومة المتزايدة على صناعة الترفيه على مدى السنوات الأربع الماضية، لاحظ بعض المراقبين أن معالجة القضايا المثيرة للجدل، مثل إسرائيل والمثلية الجنسية..، أصبحت الآن أسهل للإعلاميين من أجل انتقاد المؤسسات الرسمية أو إثارة المشاكل الحقيقية التي تؤثر على الحياة اليومية للناس، مثل تأثير مشاهد شهر رمضان هاته، التي من بطولة نفس الممثلين..
في هذا الصدد قالت إيمان الحسين،الطالبة بمعهد دول الخليج العربية بواشنطن: «في رمضان الحالي، مثل العام الماضي، شهدنا خروجًا واضحًا عن الموضوعات المعتادة، ربما هناك محاولة للاستفادة من الواقع السياسي والاجتماعي الجديد». وأضافت «لكن هذا لا يصف بدقة أو يبرز الاهتمامات الحقيقية للمجتمع السعودي». و «حتى إذا نجحت السلسلة في إثارة الجدل وإثارة الكثير من النقاش، فإن الموضوعات التي يتم التعامل معها حتى الآن لا تزال بعيدة عن المخاوف اليومية للمواطنين السعوديين، مما يجعلها تدخلًا أجنبيًا حتى إذا تم تفسيرها من قبل الوجوه المألوفة . «


الكاتب : إعداد: جمال الملحاني

  

بتاريخ : 15/05/2020