نساء المغرب غاضبات من دورية رئاسة النيابة العامة حول انخفاض نسبة العنف في زمن الحجر

بشرى عبده :الأرقام في ارتفاع مستمر.. ونساء «الرحمة»
يتصدرن القائمة

النساء لايخرجن للتبليغ ويجهلن
التعامل مع المنصات الرقمية

أثارت دورية رئاسة النيابة العامةغضب الجمعيات النسائية ،التي تعمل منذ بداية الحجر الصحي من خلال مراكز الاستماع ،على استقبال مكالمات النساء المعنفات في جل أقاليم المملكة، وعبرت عن قلقها من تزايد نسبة العنف ضد النساء بكل أنواعه ، من خلال المكالمات التي يتلقونها وباستمرار من طرف المعنفات، منهن من أصبن بعاهات مستديمة ومنهن من طردن من بيت الزوجية للشارع في عز الحجر.
ونفت هذه الجمعيات أن يكون هناك انخفاض للعنف في زمن كورونا، كما ذكرته دورية رئاسة النيابة العامة، «التي رصدت في الفترة ما بين 20 مارس إلى 20 أبريل 2020 ما مجموعه 892 شكاية، تتعلق بمختلف أنواع العنف ضد النِّساء،و تم تحريك الدعوى العمومية في 148 قضية فقط من هذا النّوع».
كما أفادت ب»أن عدد المتابعات من أجل العنف ضد النساء انخفض خلال الفترة المذكورة، عشر مرات عن المعدل الشهري لهذا النوع من القضايا (148 متابعة بدلا من 1500 متابعة شهريا في الأحوال العادية)،وأنه إذا كان «افتراض ثبوت الأفعال المشتكى منها في كافة الشكايات المتوصل بها (892 شكاية)، فإن هذه النسبة بالمقابل تمثل فقط حوالي 60 في المائة من المعدل المسجل في الأحوال العادية من قضايا العنف ضد النساء».حسب ما جاء في الدورية.
هذه الأرقام التي سببت ارتياحا للنيابة العامة ،استفزت نشيطات الحركة النسائية وجمعيات المجتمع المدني التي تشتغل في الميدان على قضايا القرب وقضايا النساء بالخصوص ، والتي بذلت وتبذل مجهودا كبيرا في مساعدة النساء في وضعية صعبة منذ فرض حالة الحجر بالبلاد، وتتلقى العديد من الشكايات من طرف النساء عن طريق الهاتف والواتساب .
بشرى عبده ، مديرة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة ، تقول إن الأرقام التي جاءت بها النيابة العامة لا تعكس الواقع الحقيقي لما تعيشه النساء من عنف في زمن الحجر، كما أنه من غير الممكن الحديث عن أرقام إلا بعد رفع حالة الحجر الصحي، و استكمال المؤشرات ومعطيات القطاعات المختصة والجمعيات ومراكز الاستماع في كل المملكة. فالنساء لايستطعن إسماع أصواتهن في ظل الحجر، لانهن لايخرجن من المنازل،ويجهلن التعامل مع وسائل التكنولوجيا الحديثة والدخول للمنصات الرقمية ، واغلبهن لا يتوفرعلى حواسيب ولا هواتف ذكية ولاانترنيت،فكيف نحكم في ظل هذا الوضع على انخفاض في العنف اذا كانت كل قنوات التبليغ عنه منعدمة.


نعيش مآسي متعددة مع النساء المعنفات، تقول بشرى عبده، منذ الاعلان عن حالة الحجر،تتلقى جمعيتنا اتصالات باستمرارعبر الواتساب و الهاتف والمسانجر،حيث وضعنا خطوطا هاتفية للاستماع عن بعد ، استقبلنا في فترة الحجر الاولى فقط 300 حالة عنف من جميع انحاء المغرب ،ونتوصل من الدار البيضاء بشكايات كثيرة خصوصا من الحي المحمدي ،الحي الحسني،درب غلف ،درب السلطان، المدينة القديمة الولفة سباتة مع بعض الشكايات من باقي الاحياء، لكن منطقة الرحمة،لارحمة فيها غير الاسم، نتوصل منها يوميا بسيل من الشكايات ومختلف انواع العنف وصل إلى حد العاهات المستديمة والطرد من بيت الزوجية.
يصلنا صوت المشتكيات ممزوج بالبكاء ، كثيرات هن اللواتي يقطعن فجأة المكالمة ثم يعاودن الاتصال فيما بعد،لأن الازواج كانوا يباغتونهن ، بعضهن يضطرن للحديث من داخل المرحاض ،لأنه المكان الوحيد الذي تستطعن ان تتكلمن منه دون أن يترصدها أحد، جلهن منهارات من الضرب والشتم والسب و»النكير» . يطلبن في كل اتصال المساعدة «اشنو غادي ندير وانا محبوسة مع واحد تيهلكني عصا « اول شئ نقوم به ،تقول بشرى، اننا نحاول تهدئتها ونشعرها بأننا بجانبها حتى نهدئ من روعها وتستمع إلينا ثم نحاول ان نفهم منها طبيعة المشكل ونوجهها من خلاله إما إلى الاختصاصية النفسية التي استقبلت في الفترة الاولى من الحجر 31 حالة وفي حالة الضرب والعنف الجسدي نحيلهاعلى محامي الجمعية الذي يوجهها للمسطرة القانونية التي يجب ان تتخذها . وفي حال كان المشكل عرضيا وعابرا نتوسط بينهما لإيجاد حل،وعديدة هي الحالات التي تحدثنا فيها مع الزوجين وعادت الامور لمجاريها، أما في حالة العنف الجسدي، فإنه يتم توجيه الضحايا إلى أقرب مستشفى قصد الحصول على شهادة طبية، أو أقرب مركز شرطة للتبليغ ، لكن العديد من المستشفيات ترفض استقبال الضحايا خوفا من انتشار كورونا فتتضاعف المعاناة، والعديد من مراكز الشرطة تطرد المشتكيات «بقيتو لينا غير انتوما رجعي لدارك» إلا انه يجب تسجيل بعض الحالات الايجابية، حيث قام رجال الدرك والامن بالصلح بين الزوجين. أسباب ودواعي هذا الارتفاع في حالات العنف،تقول بشرى ، عديدة محركها الاساس هو ضعف الامكانيات الذي يخلق ازمة مالية خانقة تتسبب في العنف، فقدان العمل ،غياب التواصل اوالحوار بين الزوجين، انعدام الحميمية ،ضيق فضاء البيت الذي هو أيضا فضاء للدراسة ولعب الأطفال، الادمان الأمر الذي نتج عنه ضغط نفسي يفجره  الزوج بالعنف تجاه الزوجة أو الأطفال.إلا أن ذلك لا يعني، حسب بشرى ، أن العنف يُرتكب فقط داخل الأسر الفقيرة، «فهناك أزواج ينتمون إلى الطبقة المتوسطة والغنية، ولهم مستوى دراسي عال، يعنّفون زوجاتهم».
لكن المشكل الكبير يكمن في كون المعنفات عندما يطردن من بيت الزوجية يجدن انفسهن في الشارع ،لانعدام مراكز الايواء «بزافْ دْيالْ النساء غيرْ صابرينْ واخَّا كيْتعرضو للعنف حيتْ ما عندْهومْشْ فينْ يمْشيوْ».تقول بشرى.كما انهن يجهلن تماما التعامل مع الاجراءات التي وضعتها النيابة العامة من منصات رقمية لبعث شكاياتهن. نضطر لكتابة مقال لهن ومساعدتهن على بعثه، وعلى القيام بإجراءات اخرى كطلب الاستفادة من راميد وغيره في كل مايتعلق بالتكنولوجيا الحديثة، كما نقوم في الجمعية بمساعدة النساء في وضعية صعبة الارامل والامهات العازبات . .

معنفات في زمن الحجر

– سعيدة 40 سنة ،ام لثلاثة اطفال، (تشتغل في شركة نظافة والزوج نادل في مقهى)
«كنسكنو في السكن الاقتصادي ، مع الحجر مابقاش خدام جالس في الداروماكاينش الفلوس، كل يوم كيغوت وكينوض الصداع ،حتى حاجة ماعجباه، كيشتم كلشي انا الاولاد، اذا جاوبت كيهلكني عصا ، الجروح في وجهي ويدي ، ثاني يوم في رمضان طردني من البيت انا واولادي بعدما شبعنا عصا ،مع الحجر ماعندي فين نمشي ،دخلوني الجيران وباقا عندهم …»

– رحمة 28 سنة ام لطفل ، (عاطلة والزوج فراش في القيسارية)
كيتقرقب ديما ،وملي جلس بلا خدمة بلا فانيد وليت كانباليه غير انا قدامو، كيشبعني عصا والمعيور،حتى الولد ملي كيغوت كيبغي يخنقو،صبرت على الجوع ولكن العصا كل يوم تقهرت ،تيفكوني غير الجيران من يديه .
تسكن رحمة في بيت مع الجيران في حي شعبي، اليوم الرابع من رمضان في منتصف النهار حملتها الجارة للمستشفى وهي ملطخة بالدماء بعدما اجهز على رأسها بالة حديدية،10 غرزات في الرأس و6في اليد ، تعيش اليوم مع احدى قريباتها في نفس الحي رفقة ابنها»

سميرة 32 سنة ، (عاملة ، ام لطفلين والزوج حارس امن ليلي) .

– «اكتشفت اثناء الحجر أن زوجي يتعاطى المخدرات، لم اكن أعلم بهذا الامر،كنت اشتغل في النهار وهو يحرس بالليل، عندما جلسنا معا في البيت بدون عمل ،كل المشاكل طفت للسطح،لم يعد يطيقني انا والاطفال يصرخ بدون سبب،يضربني بشدة كل يوم ، اصبت بكسور في يدي،وكدمات في وجهي ، ذهبت للمستشفى رفضوا ان يستقبلوني لانهم يهتمون فقط بحالات كورنا ،ذهبت للشرطة فطردوني «حنا مسالين ليكم دابا سيري رجعي لدارك» لملمت خيبتي ورجعت ابكي طول الطريق ومازلت اتعرض للضرب واعيش في جهنم كل يوم الضرب والشتم والجوع وماكاين فلوس «

نزهة موظفة والزوج اطار بنكي (بدون اطفال)

– حياة الحجر اظهرت لي الوجه الاخر لزوجي الذي لم اكن اعرفه ، لايريد أن يصرف على البيت ، ويطالبني بأن أتكلف بكل واجبات البيت دون ان يشارك في ذلك، «راك بفلوسك جبدي الى بغيتي شي حاجة» تفاجأت لهذا الاسلوب الجديد في التعامل معي»
كرورنا فتحت عيني على واقع كنت اساهم فيه دون ان اشعر بذلك ،حيث كنت اتحمل كل مصاريف البيت ،كان يطلب مني ان اجلب كل مانحتاجه من بيت اسرتي بدعوى انه مشغول ،كما ان طبيعة العمل اليومي كانت تغطي على هذه السلوكات ،حيث كنت اذهب عند بيت عائلتي القريب من عملي لتناول الغذاء، بينما هو يتناوله في المكتب ،ولا نلتقي الا في المساء .لكن الحجر والجلوس في البيت( الراس في الراس)،جعلني اكتشف انني كنت ضحية رجل يستغلني وعائلتي بدعوى انها ميسورة ـ وانه منذ زواجنا لم يكلف نفسه عناء اي شئ . واليوم يمتنع تماما عن ان يصرف في البيت او المساهمة فيه.اشعر بالرعب من العيش مع غريب في ظل الحجر الذي فتح عيني على حقيقة الوهم الذي كنت اعيشه.


الكاتب : فاطمة الطويل

  

بتاريخ : 12/05/2020