النَّخْلَةُ
في كُلِّ نَخْلَةٍ،
هُنا،
أَوْ هُناكَ في جِهاتِ الأَرْضِ،
ذاكِرَةٌ لِلرِّمالِ،
بَدْءًا بِالرُّبْعِ الْخالي،
شَرْقًا ،
وَانْتِهاءً ،
غَرْبًا ،
بِالصَّحْراءِ الْكُبْرى.
في كُلِّ سَعْفَةٍ،
أَوْ بَذْرَةٍ مَدٌّ،
حَدَّ الْعَمى،
لِرحابَةِ الْمَدى.
النَّخْلَةُ ، الَّتي هُجِّرَتْ ، وَ اسْتُنْبِتَتْ هُناكَ في الشَّمالِ ، زينَةً ، في النَّرْويجِ، عَلى سَبيلِ التَّمْثيلِ ، في هذا النَّهْجِ الْبَهيجِ ، أَوْ تِلْكَ الْحَديقَةِ الْيانِعَةِ الأَنيقَةِ، لاشَكَّ أَنَّ عُلَماءَ النَّباتِ ، وَالاسْتِنْباتِ، أَخْضَعوا، بِما يَكْفي، الشُّتولَ لِلْفُحوصِ في الْمَشْتَلِ / الْمُخْتَبَرِ ، وَلَقَّحوها ضِدَّ نَزْلاتِ الْبَرْدِ الْقاسِيَّةِ وَالْحادَّةِ حَدَّ الْمَوْتِ والذُّبولِ. كلُّ تِلْكَ الأَمْصالِ والِّلقاحاتِ كَيْ تَتَحَمَّلَ هذهِ الصَّحْراوِيَّةُ الْجَميلَةُ النَّبيلةُ الْكَريمَةُ لَياليَ شِتاءٍ طَويلٍ، راعِدٍ وَ مُرْعِدٍ، وَثُلوجًا تراكَمَتْ ، وَامْتَدَّتْ حَتّى صارَتْ بَيْداءَ بَيْضاءَ، كَيْ تَتَحَمَّلَ أَيْضًا عَذاباتِ أُفولٍ لِشَمْسٍ هاجَرتْ، هِيَ الْأُخْرى، أَقاصي صَقيعِ الشَّمال، كَيْ تُشْرقَ وَهّاجَةً، في الْجَنوبِ. هذا الْأَخيرُ الْكَثيرُ بِدِفْءِ الْواحاتِ الْخَصيبَةِ ، و َمَوَدّاتِ الرَّحيلِ الْمُتَنَقِّلِ، عَلى جَناحِ السَّلامَةِ، إِلى جِهاتٍ مُريحَةٍ اِخْتارَتْ أَنْ تَكونَ
مُقيمَةٍ في الْمَنابِعِ الْعُلْيا لِلرّوحِ.
جَبَل
خاطَبَ سَهْلٌ جَبَلاً:
أَخي الْكَريمُ،
هَلاَّ تَواضَعْتَ،
وَ نَزَلْتَ مِنْ الأَعالي،
كَيْ نَحْتَسي مَعًا قَهْوَةَ الْمَساء.
أَجابَ الْجَبَلُ:
أَخي الْعَريقُ في الامْتِداد،
أَخْشى إِنْ خَلَعْتُ غابَتي،
وَ نَزَلْتُ،
أَلاَّ أَعْرِفَ،
وَأنا الْعائِدُ الصّاعِدُ مِنْكَ،
كَيْفَ أَرْتَديها مَرَّةً أُخْرى.
النَّهْر
النَّهْرُ ،
وهُوَ بِاتِّجاهِ الْمَصَبِّ ،
أَبَدًا لا يَلْتَفِتُ إِلى النَّبْعِ .
ذاتَ عَوْدٍ أَبَديٍّ،
سَيَعودُ ،
مِنْ رَحِمِ الْمُحيطِ،
غَيْمَةً حُبْلى بالأَنْداءِ وَ الأَمْطار.
ذاتُ النَّهْرِ
وَ هُوَ يَعْبُرُ الْيابِسَةَ بِاتِّجاهِ الْمَصَبِّ،
يُطيلُ النَّظَرَ ،
طيلَةَ سَريرِهِ الطَّويلِ،
في الْغَيْمَةِ الْمُتَّشِحَةِ بِالسَّواد.
يَنْهَرُ ،
بِاتِّجاهِ الْمَصَبِّ غِبْطَةَ الْعِناق ،
كَما لَوْ أَنَّهُ يَسْتَعْجِلُ الإقامة في رَحِمِ الْغَيْمَةِ الْقادِمَة .