احتلت التطورات في منطقة الخليج مساحة واسعة من صفحات الصحف البريطانية، مركزة في تحليلاتها على قوة الهجمات على منشأتي النفط السعوديتين الأسبوع الماضي، وما كشفته من ضعف لدى السعودية.
صحيفة «التايمز» كتبت عن ما كشفته الطائرات المسيرة من وجود نقاط ضعف لدى السعودية، مشيرة إلى أن مسؤولين عسكريين أمريكيين يحققون في أسباب عجز منظومة الدفاع الصاروخية السعودية عن صد هذا الهجوم.
ونقلت عن المسؤولين قولهم: «إن هذا الهجوم ألقى بالشكوك على مدى فاعلية ليس فقط أنظمة الدفاع السعودية وإنما كل أنظمة الدفاع الحديثة».
ولفتت الصحيفة إلى أن محطة بقيق لمعالجة النفط «محمية بنظام دفاع جوي خاص، عجز هو الآخر عن اعتراض الطائرة المسيرة التي يقال إنها انطلقت من إيران».
وأشارت إلى تطور نوعي في تنفيذ مثل هذا الهجوم، حيث استخدمت للمرة الأولى طائرات مسيرة للتغطية على الصواريخ، وهو ما وصف بأنه «درس للجميع».
ثغرات في الأمن
وفي تقرير موسع تناولت «فايننشال تايمز» الثغرات في الأمن السعودي، حيث تسببت الهجمات في أكبر تراجع في مستويات إنتاج المملكة من النفط في 86 عاما.
واعتبرت أنه في الوقت نفسه «كشف عن مدى هشاشة المملكة في التعامل مع المواجهة المحتدمة بين إيران والولايات المتحدة».
وبحسب الصحيفة، فإن هذا الهجوم وجه «طعنة» لخطة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الاقتصادية، إذ دائما ما كان يردد «إننا قوة عظمى» وهو الادعاء الذي بدده هذا الهجوم.
وقالت صحيفة «التايمز» البريطانية، إن إيران تتعمد إبراز نقاط الضعف في السعودية، ومؤسساتها النفطية، وتريد جر الولايات المتحدة للوقوع في الخطأ.
وتابعت في الافتتاحية، بحسب ما نشرت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، أن طهران وحلفاءها عازمون على تخريب الشركات السعودية.
وأشارت إلى أن استهداف «أرامكو» له تأثير على العالم بأسره، وأن التعامل مع الملف بتهور من شأنه أن يؤثر سلبا على الاقتصاد العالمي، أو سيؤدي إلى حرب واسعة.
ولفتت إلى أنه من المنطقي الاعتقاد أن إيران نصبت فخا للسعودية، فالمستقبل السياسي لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يعتمد على نجاح خطته لتعويم «أرامكو» المملوكة للدولة.
وأضافت أن الهدف من الهجوم ربما يكون تخريب خطة تعويم الشركة، أو تعطيلها، الأمر الذي أضحى شبه مؤكد بعد العملية، بانتظار إصلاح الخسائر التي تسبب بها الهجوم.
من الفاعل؟
أما صحيفة «ديلي تلغراف» فاهتمت بالبحث عن الفاعل الرئيسي في هذا الهجوم، وذلك في مقال جاء تحت عنوان «الهجوم على حقول النفط السعودية يحمل بصمات إيران».
وبحسب تصريحات مسؤول سعودي للصحيفة، فإن الهجوم على صناعة النفط السعودية يعد بمثابة «الطعنة في قلب المملكة النابض».
وأشارت «ديلي تلغراف» إلى أن هذا الهجوم «نقل الحرب بين السعودية وإيران من الظل إلى النور، حيث أصبحت المواجهة بينهما الآن مفتوحة».
وبحسب الصحيفة فإن السعودية تحاول تجنب المواجهة مع إيران بأي ثمن، كما تسعى في الوقت ذاته إلى حشد التأييد والتنسيق للرد على إيران، وذلك عبر دعواتها الصحفيين لزيارة المواقع المتضررة في شركة أرامكو.
وبعد زيارة المواقع المستهدفة رأت الصحيفة أن دقة التخطيط والتنفيذ للهجوم «تفوق بكثير قدرات وإمكانيات الحوثيين في اليمن».
وبحسب تصريحات مهندس سابق في «أرامكو» للصحيفة، فإن ضرب هذه النقاط تحديدا في محطة بقيق وحقل خريص النفطيين يدل على دقة المنفذين في اختيار أكثر الأماكن التي تحدث تأثيرا في إنتاج المملكة من النفط.
ماذا بعد اختراق الدفاعات؟
نشرت صحيفة «الغارديان» تقريرا للصحافيين مايكل صافي وجوليان بورغر، يقولان فيه إن أنظمة الدفاع الصاروخي المتقدمة للسعودية لم تستطع فعل شيء لمنع سرب الطائرات المسيرة وصواريخ كروز، الذي ضرب أحد أهم أجزاء البنية التحتية للنفط، فقد صممت للتعامل مع تهديدات أخرى، وكان تراقب الاتجاه الخطأ.
ويشير التقرير إلى أن الضربة الجريئة التي وجهت ضد منشآت تصنيع النفط في بقيق وحقل خريص النفطي صباح السبت ما قبل الماضي، التي تقول السعودية إنها «دون شك مدعومة من إيران»، كشفت محدودية دفاعات الدولة الأكثر نفقة في العالم على السلاح بالنسبة لعدد سكانها.
ويورد الكاتبان نقلا عن محللين، قولهم إن قدرة المملكة على دفع هجمات مستقبلية محدودة، تعتمد كثيرا على استعداد دونالد ترامب للتوصل إلى صفقة مع إيران.
وتقول الصحيفة إن القوات السعودية، كغيرها من الجيوش التقليدية، تسعى جاهدة للحماية من التهديدات الرخيصة وذات التقنيات البسيطة مثل الطائرات المسيرة، وأنفقت السعودية في السنوات الأخيرة مليارات الدولارات على صواريخ باتريوت أرض جو، المصممة لاعتراض أهداف طائرة، مثل طائرات العدو أو الصواريخ البالستية، مشيرة إلى أن صور الأقمار الصناعية تظهر أنه تم نصب بطارية باتريوت واحدة على الأقل في بقيق في الفترة الأخيرة.
ويستدرك التقرير بأن الطائرات المسيرة وصواريخ كروز تطير على مستوى منخفض ما يمنع اكتشافها من الرادارات الأرضية، مشيرا إلى قول عمر لامراني من شركة ستراتفور للتحليل الاستراتيجي: «لم تصمم هذه الأنظمة لتغطية هذه التهديدات».
وينقل الكاتبان عن خبراء، قولهم إنه حتى لو كان بإمكان منظومة الدفاع الصاروخية السعودية رؤية التهديد -في الغالب أن المنظومة تتمتع بمجال رؤية على مدى 120 درجة- ستكون في الغالب موجهة باتجاه إيران عبر الخليج وإلى الجنوب باتجاه اليمن، إلا أنه يعتقد أن بعض الصواريخ والطائرات المسيرة جاءت من الغرب.
وتورد الصحيفة نقلا عن مايكل إيلمان، من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، قوله إنه يظهر من بقايا الصواريخ التي عرضتها السعودية في مؤتمر صحافي مساء الأربعاء، أنها من صاروخ من طراز قدس 1 الإيراني، الذي يتمتع بمدى أقل من 1000 كم، وربما لا يزيد على 500 كم، «ولذلك يبدو الاحتمال الأكبر أن يكون الإطلاق إما من العراق أو إيران، لكن بالتأكيد ليس من اليمن».
ويلفت التقرير إلى أن هناك على الأقل أربعة دفاعات مداها أقل موجودة حول بقيق، بحسب صور الأقمار الصناعية، مشيرا إلى قول الباحث في مركز دراسات منع انتشار الأسلحة في مونتيري، مايك دوتسمان، إنه يبدو أنها كانت في الطرف الخطأ من المنشأة، أو أنها رأت الطائرات المسيرة الصغيرة والصواريخ بعد فوات الأوان على إسقاطها.
وينقل الكاتبان عن لامراني، قوله: «هذا الهجوم شيء جديد، إنه شيء لم يكن السعوديون يتوقعون حدوثه».
وتذكر الصحيفة أن أمريكا تشارك المعلومات الاستخباراتية مع السعودية، لكن حتى ذلك له محدودية، بحسب ما قاله رئيس رئاسة الأركان المشتركة، الجنرال جوزيف دانفورد، للمراسلين، وأضاف: «ليست لدينا رقابة لا تسهو على الشرق الأوسط كله طيلة الوقت».
ويورد التقرير نقلا عن المحللة في شركة راند، بيكا واسر، قولها إن ما أعاق رد الفعل السعودي هو تنظيم قواتها، ومعظم المبيعات الدفاعية من أمريكا ذهبت للجيش السعودي، والبنية التحتية النفطية للسعودية هي مسؤولية وزارة الداخلية، التي في العادة تركز على التهديدات الداخلية، وفي الوقت ذاته هناك دفاعات جوية يديرها الحرس الوطني.
وينوه الكاتبان إلى أن البنية التحتية الأخرى الضرورية في السعودية هي محطات تحلية المياه والأنابيب الطويلة التي تنقلها إلى المدن الرئيسية، التي تبدو الآن عرضة للخطر، مشيرين إلى قول كبير الباحثين في مركز برشلونة للشؤون الخارجية إيكارت وويرتز: «هذه المنشآت كلها كبيرة وفوق الأرض».
وتنقل الصحيفة عن مستشار الأمن القومي السابق للرئيس جورج بوش الابن، روبرت ماكنالي، الذي يرأس الآن مجموعة «رابيدان» للطاقة، قوله: «أرادت إيران من خلال هذا الهجوم إظهار أن لديها الإمكانيات والاستعداد للقيام بهجمات دقيقة جدا على أهم بنية تحتية نفطية في العالم.. «.
ويورد التقرير نقلا عن محللين، قولهم إن الرياض سوف تسعى في ردها لتجنب أي شيء قد يتسبب بتوسيع الصراع، خاصة إن لم يكن بإمكانها الاعتماد على الدعم الأمريكي، مشيرا إلى قول وويرتز: «لدى سلاح الجو السعودي إمكانيات، لكنه يعتمد جدا على أمريكا من أجل الذخيرة وتعبئة الوقود والمراقبة»، وأضاف: «من حيث وجود جنود على الأرض، فإمكانياتهم محدودة، وليس لديهم العديد من الجنود في اليمن، حيث يعتمدون على المرتزقة».
ويفيد الكاتبان بأن ترامب أوضح جيدا في الأيام الأخيرة أنه ضد اللحاق بالسعودية لخوض مواجهة شاملة، وقال دانفورد في لندن يوم الثلاثاء: «إن الرئيس جعل من الواضح بأنه لا يتطلع للذهاب إلى الحرب.. ما رأيناه كان اعتداء غير مقبول، وهذه عدة طرق للتعامل معه».
وتجد الصحيفة أن ما يزيد من تعقيد الوضع بالنسبة للرياض هو أنها لا تملك خيارا للتهدئة في المواجهة القائمة، فمطلب إيران هو رفع حظر بيع النفط عنها، الذي يشل الاقتصاد، وهو أمر لا يمكن إلا لأمريكا أن تقوم به، مشيرة إلى قول لامراني: «لكن طريق التصعيد أيضا خطير للسعودية؛ لأنه يعرض البنية التحتية لقطاع الطاقة للضربات الإيرانية».
ويذهب التقرير إلى أن الهجوم جعل إحداث تقدم دبلوماسي مفاجئ بين أمريكا وإيران بعيد المنال على المدى القصير، مشيرا إلى أن الأكثر احتمالا، بحسب المحللين، هو توجيه ضربة عسكرية محدودة يتم موازنتها بدقة لردع إيران من التصعيد دون إشعال حرب شاملة.
وينقل الكاتبان عن ماكنالي، قوله: «رد فعل محدود ومتناسب سيكون على شكل قيام القوات السعودية أو الأمريكية أو كلاهما بإطلاق وابل من صواريخ الكروز.. ضد منشآت أو أراض انطلقت منها هذه الهجمات».
وتختم «الغارديان» تقريرها بالإشارة إلى قول لامراني: «ستكون ضربة رمزية متناسبة بشكل مباشر.. لقد ضربتم أهم منشأة نفطية لدينا ولذلك سنضرب منشأتكم ثم نتراجع».
الشرق الأوسط على المحك
على صعيد آخر، انتقدت صحيفة «الغارديان» البريطانية، تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وكذلك موقف بريطانيا، بخصوص هجمات أرامكو، من خلال توجيه أصابع الاتهام إلى إيران، ما يهدد بجعل الشرق الأوسط على المحك، وسط مخاوف باندلاع حرب كبيرة.
وقالت الصحيفة في مقال لسايمون تيسدال، إن اللائمة لا تقع على إيران بإشعال المنطقة، منتقدا تصريحات ترامب، وتلويحه بالرد على إيران بعد تحميلها مسؤولية الهجمات الأخيرة، ومشيرا كذلك إلى الدور السعودي في حرب اليمن.
وقال الكاتب إن الأزمة في الخليج تشتد يوما بعد يوم وتزداد قوتها على التدمير، لا سيما بعد تصريحات ترامب التي قال فيها إن بلاده على أهبة الاستعداد للرد على الهجمات على منشأتين للنفط في السعودية.
وأضاف أن «من اليسير إلقاء اللائمة على إيران بدون حجة أو دليل أو برهان، كما هو دأب الولايات المتحدة وبريطانيا».
وقال: «أجراس الإنذار تدق في المنطقة منذ أشهر عدة، وتم تجاهلها بصورة كبيرة».
وحمل الكاتب أمريكا وبريطانيا وغيرهما من القوى، مسؤولية إشعال المنطقة، بعد «إخفاقهم بوضع حد لحرب السعودية في اليمن».
وأكد أن ذلك «يلعب دورا كبيرا في الأزمة الحالية في الخليج، فقد تجاهلت الدول الغربية الأدلة على وقوع جرائم حرب وتجاهلت أزمة إنسانية طاحنة يشهدها اليمن».
وهاجم استمرار الدول الغربية «في توفير السلاح والغطاء الدبلوماسي للرياض».
وذهب الكاتب إلى أن «حل هذه الأزمة يكمن في إدارتها بحكمة وحنكة من قبل الساسة، وهو الأمر الذي تفتقر إليه التصريحات التي تم الإدلاء بها إلى حينه».
وانتقد ترامب بالقول: «بقدرته التي لا تضاهى على جعل المواقف السيئة أكثر سوءا»، مزق اتفاق النووي مع إيران في مايو من العام الماضي، وأعاد فرض العقوبات، ما أشعل شرارة الأزمة الحالية.
ويرى الكاتب أن عداء ترامب «أضر بالمواطن الإيراني ولكن ليس بالنظام».
ولفت إلى أن «الفئة التي تمتلك السلطة في إيران تعاني من انقساماتها الداخلية، ولكنها توحدت لمواجهة ترامب، وتتزعم القيادة الدينية والعسكرية في طهران الآن المعركة، في مواجهة ما يرون أنه مساع أمريكية لتغيير النظام في بلادهم لصالح أعدائهم، إسرائيل والسعودية».
تقرير إماراتي سري
كشفت صحيفة «ميدل إيست آي»، في تقرير لكاتبها «ديفيد هيرست»، عن حصولها على وثيقة إماراتية سرية، تنتقد السعودية وضعف دفاعاتها أمام هجمات جماعة الحوثي اليمنية.
وأوضح تقرير الصحيفة البريطانية أن الوثيقة الاستخباراتية حددت عدد الهجمات التي تعرضت لها أهداف سعودية بـ155 هجوما بين يناير وماي، وهو ما يفوق بكثير ما اعترفت به الرياض رسميا.
وأضافت «ميدل إيست آي» أن التقرير صادر عن مركز الإمارات للسياسات، الذي وصفته بأنه «وثيق الصلة بالحكومة وأجهزة المخابرات»، وذلك في إطار إصدارات شهرية حول السعودية مخصصة لدائرة ضيقة في قيادة البلاد.
ومن المثير للانتباه أن التقرير الإماراتي صادر في ماي الماضي، قبل شهرين على ظهور بوادر خلافات بين الرياض وأبو ظبي.
وينتقد تقرير سري، أعد خصيصا للقيادة الإماراتية، رد فعل الحليف السعودي إزاء الهجمات التي تعرضت لها ناقلات النفط والمرافق النفطية في الخليج مؤخرا.
وأفاد التقرير بأن وسائل الإعلام السعودية سارعت لتوجيه أصبع الاتهام لحركة الحوثيين المدعومة إيرانيا في اليمن، ما يدل كما بحسبه على «انعدام المهنية».
وتنتقد الوثيقة التي اطلع عليها موقع «ميدل إيست آي» وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، لأنه قدم وصفا مفصلا للهجمات إلى وسائل الإعلام.
ويقارن التقرير رد الرياض الهلع على الهجوم الذي تعرضت له أربع ناقلات قبالة ميناء الفجيرة في 12 ماي، مع رد الفعل الإماراتي.
ويوضح أن وزير خارجية الإمارات لم يوجه اتهاما بالمسؤولية لطرف بعينه، ولم يشر إلى إيران كطرف يقف وراء الهجوم.
ويقول التقرير: «أكد الموقف الإماراتي أهمية استكمال التحقيق قبل اتخاذ أي قرار، ولقد توخى الإماراتيون الحرص على ألا يعزى الفضل للحوثيين حتى لا يساهم ذلك في تعزيز مكانتهم الدولية».
ويوضح أن ذلك هو النهج الذي تتبناه دولة الإمارات العربية المتحدة حينما تقع هجمات خطيرة، ثم يمضي ليعترف بوقوع هجوم حوثي على مطار أبوظبي، رغم أن دولة الإمارات العربية كانت قد نفت رسمياً وقوع الهجوم في حينه.
وجاء في التقرير: «هذا هو النهج الذي يتبعه الإماراتيون حينما تقع هجمات خطيرة، مثل ذلك الهجوم الذي استهدف مطار أبوظبي (وأعلن الحوثيون مسؤوليتهم عنه)، لقد تركوا الباب مفتوحاً أما التحقيق لاتهام إيران من خلال الدليل الذي توفره هذه الهجمات».
وأضاف: «بدلا من ذلك، قدم وزير الطاقة خالد الفالح وصفا تفصيليا لمرافق الطاقة التي تم استهدافها، وللمهاجم، وللأسلحة المستخدمة، ولتداعيات تلك الهجمات على سوق الطاقة العالمي – وهي تفاصيل كان بالإمكان تأجيلها إلى حين تقديم التقرير إلى مجلس الأمن الدولي».
وهذا التقرير الاستخباراتي واحد من سلسلة شهرية يعدها مركز السياسات الإماراتي، وهو مركز بحث وتفكير على صلة وثيقة بالحكومة الإماراتية وبأجهزة المخابرات فيها.
ويحمل التقرير، الذي حصل موقع ميدل إيست آي على نسخة منه، عنوان «التقرير الشهري حول المملكة العربية السعودية»، العدد 24 أيار/ مايو 2019، ويتم توزيع التقرير على نطاق ضيق في وسط القيادة الإماراتية، ولذلك فإنه لا يظهر على موقع المركز على الإنترنت.
وتواصل موقع ميدل إيست آي مع مركز السياسات الإماراتي للتعليق ولكن لم يصدر عنه رد حتى موعد النشر.
ضعف الدفاعات السعودية
ويكشف التقرير عن ضعف شديد في القدرة الدفاعية السعودية أمام الطائرات المسيرة المسلحة التي يستخدمها الحوثيون.
ويؤكد أنه ما بين يناير وماي، شُنّ 155 هجوما ضد أهداف سعودية في اليمن وفي مختلف أرجاء الخليج، وهو رقم أعلى بكثير من كل ما تم الاعتراف به من قبل.
ويقول التقرير: «يثبت الهجوم على قاعدة لحج العسكرية ضعف الدفاعات الجوية السعودية وانعدام القدرة لديها على خوض حرب إلكترونية إذا ما أخذنا بالحسبان حقيقة أن تلك الطائرات السيارة بسيطة ولا يتم إطلاقها من مدرج».
وبحسب ما ورد في التقرير، فقد شن السعوديون هجوما جويا على الكهوف في اليمن حيث تخزن هذه الطائرات السيارة، ولكن دون جدوى.
وجاء في التقرير: «ليس لدى الدفاعات الجوية، مثل الباتريوت، القدرة على اكتشاف هذه الطائرات السيارة لأن هذه الأنظمة الدفاعية صممت لاعتراض صواريخ سكود طويلة ومتوسطة المدى».
ويكشف التقرير عن أن مطار نجران تعرض للضرب مرارا وتكرارا من قبل الطائرات المسيرة للحوثيين وذلك على الرغم من أنه محمي ببطارية من صواريخ باتريوت.
ويبدو أن نجاح هجمات الطائرات المسيرة التابعة للحوثيين قد أثر على معنويات الجنود السعوديين المتواجدين على حدود المملكة الجنوبية.
ويوم السبت أثبت الحوثيون قدرتهم على الوصول إلى أهداف بعيدة حينما هاجموا هدفاً تجاوز بمسافة طويلة الحدود اليمنية.
فقد هاجمت عشر طائرات سيارة معملا لتسييل الغاز تابعا لشركة أرامكو السعودية على الحدود مع دولة الإمارات العربية المتحدة. يقع هذا الحقل في منطقة شيبة التي تبعد تسعمائة كيلومتراً عن المنطقة التي يسيطر عليها الحوثيون في شمال غرب اليمن.
وقد صرح متحدث عسكري حوثي بأن هجوم شيبة كان «أكبر هجوم في العمق» داخل المملكة.
وجاء في تصريح لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي بحسب ما ورد في تغريدة لموقع إخباري موال لإيران اسمه «أخبار الاتحاد»: «إن عملية الطائرة المسيرة اليوم تحذير مهم للإماراتيين».
ويشير التقرير الإماراتي إلى مدى اعتماد السعوديين على السياسة «المرتبكة» للولايات المتحدة تجاه إيران.
ويكشف عن أن الدوائر الإعلامية داخل الديوان الملكي السعودي «تتابع باهتمام بالغ» تحليلا صادرا عن ستيفن والت، أستاذ الشؤون الدولية في جامعة هارفارد.
وكان والت قد أشار إلى أن أهداف الولايات المتحدة تجاه إيران تأرجحت ما بين التخلي عن حلفائها الإقليميين وتغيير النظام في إيران.
يقول التقرير: «لقد كشف تحليل والت عن تبعات اعتماد المملكة على السياسة الأمريكية المرتبكة تجاه إيران، حيث لا توجد سياسة واضحة بأهداف وأدوات محددة تظهر الموقف الأمريكي».