خلّف تواصل عمليات تصفية الكلاب الضالة بمختلف مناطق المغرب حالة استياء عارمة في صفوف المواطنين والفاعلين في مجال الرفق بالحيوان، إذ تتكرر هذه المشاهد المؤلمة، آخرها ما شهده تراب منطقة دار بوعزة، علما بأنه يمكن تفاديها بتفعيل خطط بديلة، كما هو الحال بالنسبة للمشروع الذي سطرته كل من وزارة الداخلية، ممثلة في المديرية العامة للجماعات المحلية، ووزارة الصحة، والمكتب الوطني للسلامة الصحية، والهيئة الوطنية للأطباء البياطرة.
ويهدف البرنامج الوطني الذي تم الشروع في دراسته منذ أكتوبر 2017، والذي شكّل موضوع مذكرة وزارية تم توجيهها شهر غشت الفارط إلى الولاة وعمال العمالات والأقاليم، إلى معالجة إشكالية الكلاب والقطط الضالة في الشوارع العامة، التي يؤدي تكاثرها إلى تسجيل حالات وفيات بسبب داء السعار الفتاك، الذي ينتقل إلى الغير نتيجة لخدش أو عضة أو مجرد ملامسة ومداعبة عن طريق اللعاب، باعتماد جملة من الإجراءات والتدابير الوقائية التي تحترم حق الحيوانات في الحياة إلى جانب القضاء على السعار الذي يتسبب في وفاة حوالي 21 شخصا كل السنة.
وأكدت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» أن المشروع الذي تم إعداده يمكن أن يرى النور في أفق شهر فبراير من سنة 2020، بالنظر إلى إشكالية التمويل التي ينتظر أن يجيب عن بعض تفاصيلها مشروع قانون المالية، إلى جانب مشكل آخر يتعلق بإعداد مآوي أو ما يمكن تسميته بمحاجز يتم فيها تجميع الكلاب والقطط الضالة التي سيتم التقاطها من الشارع العام، التي ستخضع لعمليات التعقيم الجراحية للحيلولة دون استمرار تكاثرها، إلى جانب تلقيحها ضد السعار ومعالجتها ضد الطفيليات مع ترقيمها أو ترميزها، على أن تتم إعادتها بعد التأكد من سلامتها إلى المكان الذي تم جمعها منه، كما هو الحال بالنسبة لأماكن الحراسة الليلية وغيرها، لتفادي ارتباكها في حالة إطلاقها في بيئة غير مألوفة لها، وكذلك للحيلولة دون استغلال مجالها من طرف كلاب وقطط ضالة أخرى. وشدّدت مصادر الجريدة على أن الفضاءات المذكورة يجب أن تتوفر على قاعات مناسبة لإجراء عمليات التعقيم الجراحية، وتتطلب توفير مجموعة من التجهيزات والأقفاص وغيرها، التي يجب أن تستجيب للمواصفات والمعايير المحددة من طرف اللجنة التقنية المركزية للتتبع والتقييم التي يرأسها ممثل وزارة الداخلية على مستوى المديرية العامة للجماعات المحلية.
وعلمت «الاتحاد الاشتراكي» أن عددا من الولاة وعمال العمالات والأقاليم، باعتبارهم رؤساء اللجن الإقليمية لمحاربة داء السعار، قد شرعوا في دراسة الأماكن المحتمل احتضانها لهذه المآوي، كما هو الحال بالنسبة للدارالبيضاء، التي قد يتم إحداث فضاء «مركزي» على مستوى المدينة بالمجازر البلدية القديمة، التي تمت زيارتها من طرف لجنة مختصة، وتبيّن على أنه يجب القيام بمجهود كبير في هذا الصدد، لتوفير هذه البنية الجديدة رغم وجود فضاء فارغ يمكن استغلاله في هذا الصدد، إلى جانب اقتراح ثانٍ يدعو إلى إحداث الفضاء على مستوى تراب منطقة تيط مليل.
وتشير الأرقام إلى أنه يتم تجميع كل سنة حوالي 140 ألف كلب ضالّ في حين يتم تلقيح أكثر من 65 ألف شخص سنويا ضد داء السعار، وتقوم وزارة الداخلية بدعم الجماعات الترابية من أجل توفير العلاجات الوقائية ضد الداء، حيث تعمل سنويا على تحويل مبلغ 40 مليون درهم لفائدة ميزانية وزارة الصحة لاقتناء مواد اللقاح والمصل، فضلا عن تقديم دعم مباشر لبعض الجماعات بلغ سنة 2019 حوالي مليون درهم.