والي بنك المغرب ينتقد الضغوط التي يتعرض لها من طرف لوبيات لتخفيض الدرهم .. طالب بسياسة شاملة للتنافسية على أساس قطاعات مهيكلة وذات قيمة مضافة عالية

انتقد عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، ما يتعرض له من ضغوطات من طرف لوبيات اقتصادية لم يسمها، من أجل تخفيض قيمة الدرهم كأسلوب لتشجيع الصادرات، مشيرا إلى أنه لا يمكن التلاعب بمصالح بلد من أجل مصالح أنانية لبعض اللوبيات. وقال موجها كلامه للمطالبين بتخفيض قيمة الدرهم “هذه أمانة في أعناقنا، وأروني أنتم حنة أيديكم في مجال التنافسية”.
وقال الجواهري، في خضم رده على أسئلة الصحافيين خلال الندوة التي عقدها مساء أول من أمس بمقر بنك المغرب عقب اجتماع المجلس الإداري للبنك، إنه لا يمكن التعويل فقط على تخفيض قيمة الدرهم لتحقيق إنجاز في مجال دعم ترويج التصدير، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بسياسة شمولية للرفع من تنافسية المغرب في مجالات إنتاجية ذات قيمة مضافة عالية وليس فقط بتخفيض قيمة العملة.
وأضاف أن التخفيض، لو حدث، ستكون له بعض الآثار الإيجابية على ترويج الصادرات على المدى القصير جدا، غير أن هذه الآثار لن تدوم إلا شهورا ثم تضمحل لتترك بعدها الآثار السلبية الثقيلة على حجم المديونية وثقل فاتورة الواردات التي ستلتهب أسعارها بسبب تخفيض قيمة العملة الوطنية.
واشار الجواهري إلى أنه عندما كان وزيرا للمالية خلال مرحلة التقويم الهيكلي في الثمانينات قرر تخفيض قيمة الدرهم ثلاث مرات، غير أن تلك التخفيضات كانت مصحوبة ببرامج مواكبة تخص الصادرات. وتساءل الجواهري عن السبب في كون المغرب يعتبر الخاسر الأكبر لحد الآن في كل اتفاقيات التجارة الحرة التي أبرمها.
وقال إن ذلك يعود إلى ضعف تنافسية الاقتصاد الوطني ومحدوديته.
وأشار الجواهري إلى أنه يتمنى، بخصوص تخفيض العملة، أن يشكل عنصرا مكملا في إطار سياسة عامة شاملة لتعزيز الاقتصاد المغربي داعمة لصادرات قطاعات إنتاجية مهيكلة وذات قيمة مضافة عالية، والتي يمكن الاعتماد عليها كمورد قوي للعملة الصعبة للبلاد، بدل الاعتماد على مصادر تتسم بالتذبذب كالسياحة وتحويلات المهاجرين.
وأضاف الجواهري أن السياسات المتعلقة بالتنافسية يجب أن تكون متكاملة في ما بينها، وأن يقوم كل طرف بدوره وليس فقط التعويل على التخفيض. وقال “يجب أن يكون هناك تلاقي بين مختلف السياسات من أجل الوصول إلى نتيجة مشتركة حددناها سويا، ونعمل جميعا من أجل بلوغها، وليس أن يطلب مني أن أتدخل لوحدي ويقال لي أن الأمور ستُصلح بعد ذلك”.
ولم يفوت الجواهري الفرصة للرد على تصريحات وزير المالية الفرنسي برونو لومير، حول استثمارات رونو وبوجو في قطاع السيارات بالمغرب، والتي رفعت من مكانة قطاع السيارات إلى مرتبة أول قطاع مصدر في البلاد. ووصف الجواهري تصريحات لومير بأنها لامست الشتائم. وللإشارة فإن هذا الأخير انتقد في خطاب له قبل أسبوعين إعادة توطين إنتاج رونو وبوجو لبعض موديلاتها في بلدان منها المغرب بدل تصنيعها في فرنسا. وأشار الجواهري بهذا الصدد إلى أن كل الأرباح التي تحصلها الشركات الأجنبية المستثمرة في المغرب ترحل دون أدنى مشكل إلى بلدانها الأصلية، مضيفا أن المغرب منخرط في شراكة مع أوروبا وأنه يضطلع بدوره كاملا في إطار هذه الشراكة، مذكرا على الخصوص بأدوار المغرب في مجالات التعاون الأمني وتدبير الهجرة.
وبخصوص آفاق الاقتصاد الوطني، توقع بنك المغرب انخفاض معدل نمو الاقتصاد الوطني هذه السنة إلى مستوى 2.6 في المائة بدل 3 في المائة خلال العام الماضي بسبب ضعف المحاصيل الزراعية، إذ نزل إنتاج الحبوب في الموسم الماضي إلى 52 مليون قنطار.
وبخصوص قطاع النشاط غير الفلاحي، أشار والي بنك المغرب إلى أن معدل نموها في تحسن، وأنه سيبلغ 3.3 في المائة خلال العام الحالي، بعد أن سجل 2.6 في المائة العام الماضي. وتوقع أن يواصل معدل نمو القطاع غير الفلاحي نموه على المدى المتوسط، وأن يبلغ 3.5 في المائة في 2020، و3.7 في المائة في 2021. وإجمالا يتوقع بنك المغرب تسارع معدل نمو الاقتصاد الوطني ليصل إلى 3.8 في المائة في 2020 و3.7 في المائة في 2021.


الكاتب : مواسي لحسن

  

بتاريخ : 19/12/2019