2019 سنة الاتحاد الاشتراكي بعنوان المصالحة والانفتاح
عبد السلام المساوي
نداء الأفق الاتحادي – المصالحة والانفتاح، بدأ عظيما قبل يوم 29 أكتوبر 2019، لأنه صدر عن إرادة صادقة بعناوين الوفاء، الإيمان، البناء …صادر عن قيادة اتحادية تروم القطع مع التشتيت وتنشد التوحيد …وتنشد الوحدة….
بدأ عظيما من قبل ومن بعد …وكان يوم 29 أكتوبر يوما عظيما، يوما تاريخيا، عرسا، يوما اتحاديا احتفاليا، يوما امتد فيه الماضي في الحاضر مستشرفا المستقبل …كان يوما ناجحا؛ الاتحاديات والاتحاديون، كل الاتحاديات والاتحاديين، جاؤوا من كل زمان ومكان وفاء للتاريخ وتلبية لنداء المصالحة والانفتاح …
وكان يوم 29 أكتوبر فيصلا بين إرادة البناء والوحدة ونزوعات الهدم والتشتيت…
وكان يوم 29 أكتوبر فيصلا بين النضال والانتهازية …بين من استجاب لنداء الضمير وبين من استجاب لنداء الريع….
نداء الأفق الاتحادي بدأ عظيما وسيستمر عظيما؛ لأنه يتضمن وعيا تاريخيا جديدا ومؤشرات لرؤية سياسية جديدة.
نداء المصالحة والانفتاح بدأ عظيما وسيستمر عظيما؛ باعتباره يتسم بالجرأة العالية والشجاعة السياسية، والمنهجية الواضحة في رسم الطريق للتصالح مع الاتحاديات والاتحاديين والانفتاح على المواطنين.
نداء الأفق الاتحادي بدأ عظيما وسيستمر عظيما؛ باعتباره خلاصة لتجربة واستشرافا لوعي، ومن ملامح هذا الوعي اعتماد مقاربة جديدة في بناء الحزب، الحزب – المؤسسة، توسيع دائرة الانخراط النوعي، تجديد العلاقة مع المجتمع، إبداع أساليب جديدة للتواصل مع المواطنين وتوسيع المشاركة السياسية….
نداء المصالحة والانفتاح بدأ عظيما وسيستمر عظيما، لأنه يشكل، كما جاء في كلمة الكاتب الأول ذ.ادريس لشكر خلال الإعلان عن فعاليات تخليد الذكرى الستين لتأسيس حزب الاتحاد الاشتراكي، يشكل « نداء العودة والرجوع والاندماج من جديد في حضن العائلة الاتحادية؛
نداء لا يستهدف تسجيل مواقف ظرفية أو مؤقتة، بقدر ما يستهدف إعادة بعث الروح الاتحادية في إخوان وأخوات قادتهم الظروف إلى الابتعاد عن العمل السياسي؛
نداء يستهدف الانخراط في مسلسل الانفتاح على الكفاءات التي نريدها كفؤة ونزيهة وقادرة على التصور الاتحادي.»
نداء الأفق الاتحادي بدأ عظيما وسيستمر عظيما، لأنه يروم تقوية صفوف الاتحاد الاشتراكي، تصالحه مع ذاته ومع المواطنين والمجتمع…
لأنه يدعو إلى فتح الأبواب، فتح العقول والقلوب، أمام كل أبناء وبنات الاتحاد الاشتراكي، أمام كل الاتحاديات والاتحاديين الذين خاصموا حزبهم في لحظة من اللحظات، لأسباب ذاتية او موضوعية، والذين غادروه بصيغة أو أخرى وبخلفيات مختلفة….
لقد تبين يوم 29 أكتوبر بمسرح محمد السادس؛ أن الاتحاديات والاتحاديين، لا يشكلون فقط حزبا؛ إنهم عائلة، بنية نسقية متماسكة ومتناغمة ….قد يتخاصمون، يختلفون، يغضبون، يرحلون، يعتزلون وينعزلون …وهذا حال الأخوة في كل أسرة. ولكن وقت الحسم يلتحمون ويتماهون، يتجاوزون صغائر الأمور، ليتفرغوا، متراصين ومتضامنين لعظائمها….» إن حزبنا يعتبر أن الظرفية تقتضي إعادة الدفء للعائلة الاتحادية من خلال تحديد أفق اتحادي جديد قائم على المصالحة والانفتاح، وإن الذكرى الستينية تفرض علينا تحمل المسؤولية الجماعية لإنجاح هذا الورش، الذي نريده ورشا عاما وشاملا، يصالح الذات الاتحادية مع نفسها من خلال تجميع الحركة الاتحادية، ومع المجتمع عبر الانفتاح على الطاقات والكفاءات المختلفة.»
«إنكم مدعوون الآن – أيتها الاتحاديات، أيها الاتحاديون -، وأكثر من أي وقت مضى، إلى ترصيص الصفوف وتجميع القوى لإعادة الدفء للعائلة الاتحادية بين كل من سبق أن عمل في إطار الحزب، أو تعاطف معه، أو دافع عنه، أو اقتنع بمبادئه، ومدعوون إلى الانفتاح على مختلف الكفاءات والأطر النزيهة، المتشبعة بالأفكار التقدمية وبقيم الديمقراطية والمساواة والحداثة، والقادرة على المشاركة في تجديد الفكر الاتحادي وتطوير مشاريعه وبرامجه من أجل المساهمة الفاعلة في ازدهار البلاد وصناعة مستقبل أفضل.»
نداء المصالحة والانفتاح بدأ عظيما وسيستمر عظيما؛ لأنه نداء من أجل الوحدة والمصالحة… إن وحدة الحزب ثقافة وسلوك، قناعة وممارسة، الإيمان بوحدة الحزب تبدأ أولا بالانخراط في بنائه وتقويته، وتقوم ثانيا على القطع مع العقلية التشتيتية التدميرية وأصحابها، وقبل هذا وذاك تقتضي الحسم مع الذات والخروج من دوائر الكسل والتذبذب واللعب على الحبال …إن وحدة الحزب مسؤولية أساسية ملقاة على جميع الاتحاديات والاتحاديين مهما اختلفت مواقعهم، وحدة تحكمها قوانين الحزب وقوانينه، وتؤطرها قيمه الإنسانية التقدمية المناهضة للتمييز والكراهية والحقد، ويحصنها مشروعه المجتمعي الديمقراطي الاشتراكي الحداثي والتضامني. إن وحدة الحزب والحالة هذه، مسؤولية والتزام، تفرض على الجميع الانخراط الأخوي، الواعي والمسؤول، في إنجاز المهام التاريخية الملقاة على عاتقه في هذه الظرفية…
«غايتنا – أيتها الاتحاديات، أيها الاتحاديون – أن نستمر في خدمة بلادنا بفعالية أكبر، مهمتنا أن نسهم في ترسيخ الديمقراطية والتحديث، مسؤوليتنا أن نحرص على تطوير الحزب وتقوية اليسار، التزامنا أن نظل أوفياء للعائلة الاتحادية والمبادئ والقيم المشتركة، رهاننا حزب بوهج جديد لإعلاء كلمة الوطن وخدمة الشعب».
– ونجحت المصالحة ؛ فماذا ينتظرنا؟
إن الاتحاد الاشتراكي الوفي لتاريخه الوطني، المتشبع بهويته التقدمية، المستند إلى جذوره الاجتماعية – الشعبية، ليشكل في عالم اليوم قوة سياسية، حداثية، تنخرط بوعي ومسؤولية في المساهمة في صنع مستقبل البلاد، عبر مراهنتها المتبصرة، السياسية والتنظيمية، على دور الشباب ، ودور المرأة، ودور الأطر الوطنية، ودور القوى المنتجة في البلاد في استيعاب، التحولات الإنتاجية الجارية، واستدماج الثورات التكنولوجية المتواصلة..»
الاشتراكي أمام المجلس الوطني -29 شتنبر 2018 – (فيما يتعلق بالتجذر القوي في المجتمع، فلا حاجة للتذكير بأن التنظيم لا جدوى منه ما لم يكن متجذرا في نسيج المجتمع ، وما لم يكن أطر الحزب ومناضلوه متواجدين في الواجهات الجمعوية ومؤطرين للحركات الاجتماعية، وعلى اتصال دائم بالناخبين والسكان وعموم المواطنين، في مواقع عملهم وسكناهم، لذلك فإن خارطة الطريق لعودة حزبنا بقوة للمجتمع، بمزيد من التجذر والحيوية، لابد أن يتم الإعداد على مستوى المؤتمرات الجهوية والإقليمية، حسب خصوصيات كل جهة أو إقليم، وذلك بما يضمن شروط القرب والجدوى والفعالية، وفي هذا الاتجاه نعتزم عقد منتدى وطني الكفاءات الاتحادية، التي تتحمل المسؤوليات في الجمعيات الوطنية، والمنظمات غير الحكومية، والحركات الاجتماعية، من أجل تشخيص الأوضاع ورسم آفاق العمل بالنسبة للمرحلة المقبلة…).
هكذا كان هذا المجلس الوطني مناسبة أكد من خلالها الكاتب الأول ، على ضرورة النظر إلى أنفسنا وتنظيمنا الحزبي ، المحلي ، الإقليمي والجهوي . من هنا دعا جميع أعضاء المجلس الوطني ، ومسؤولي التنظيمات الحزبية بالأقاليم والجهات إلى تقوية الحزب تنظيميا – الرصيد الأساسي لحزب القوات الشعبية – إن على مستوى الكم أو على مستوى الكيف، وذلك بالانفتاح على المؤهلات والفعاليات المجتمعية المؤمنة بالمشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي، بعيدا عن كل طموح ذاتي أو مصلحة مادية آنية. على الاتحاديين والاتحاديات أن ينتفضوا تنظيميا ويحطموا الأوهام والأصنام، ويكسروا الانغلاق ، ليتصالحوا مع الذات، مع المجتمع، مع الكفاءات والخبرات، مع الأطر الجدية والفاعلية، المسؤولة والمواطنة. على المناضلين الاتحاديين التواصل الفعال مع المواطنين، من خلال الإنصات لمشاكلهم وهمومهم، والتعبير عن تطلعاتهم ، القرب من المواطنين وفي الميدان .فالاتحاد الاشتراكي، بتنظيمه المحكم وبرؤيته الواضحة، بمصداقية مناضليه، وبانفتاحه على الفعاليات والكفاءات، قادر على كسب الرهان والمساهمة في البناء والتنمية.
ان الرهان الأساسي المطروح على حزبنا، اليوم، هو رهان مرتبط بقدرته على الانفتاح واستقطاب أطر وكفاءات وطاقات من شأنها أن ترفع من القيمة المضافة لحزبنا، وأن تجعله قادرا على تقديم مشاريع ملموسة ، فعلى الاتحاد الاشتراكي ان يكون قادرا على المزج بين الديمقراطية والفعالية، في تصوراته ومقاربته الواقع ورسم آفاق المستقبل.
جاء في التقرير السياسي للكاتب الأول أمام المجلس الوطني -29 يونيو 2019 – “إن الاستحقاقات الانتخابية المقبلة تدعونا إلى تكثيف جهودنا ومواصلة التعبئة التنظيمية والإشعاعية من أجل الإعداد المبكر لخوضها في ظروف أفضل أخذا بعين الاعتبار أداءنا الحزبي خلال التجربة الانتخابية السابقة. ويقتضي هذا الأمر انكباب مؤسسات حزبنا ، بمختلف مستوياته العمودية والأفقية ، على استعادة دوره الطلائعي ، وتنشيط تحركه الوازن وتقوية مواقعه المكتسبة في مختلف التنظيمات والهيئات. وفي سياق هذا التوجه التعبوي، لا بد من الاهتمام بثلاث روافع من روافع النهوض الاتحادي :
أولا ، رافعة الاتحاديات والاتحاديين الذين ركنوا إلى مواقف الانزواء والانتظار ، دون المساس بوحدة الحزب أو النيل من رصيده الوطني وصدقيته السياسية، والذين يمتلكون التجربة النضالية والخبرة السياسية والكفاءة التنظيمية، هؤلاء الأخوات والاخوة جدير بهم أن يضعوا اليوم ذكاءهم وخبرتهم ورصيدهم في خدمة حزبهم من أجل خدمة القضايا العادلة للوطن.
ثانيا، رافعة النخب والمثقفين الذين لم يعودوا يجدون المكان المناسب للقيام بدورهم في الحياة السياسية والذين يتعين إعادة مد الجسور معهم من أجل المساهمة السياسية الفعلية والمباشرة، بما يمكن من الدفاع عن المشروع المجتمعي التقدمي الحداثي .
ثالثا، رافعة الشباب باعتباره المستقبل السياسي الواعد لبلادنا الذي علينا في مختلف المؤسسات الحزبية أن تفسح له المجال لاندماج اكبر في الفعل السياسي وتأثيره ، سياسيا وثقافيا ، على مستوى الجهات والأقاليم، من أجل تأهيله لتحمل المسؤولية السياسية والقيادية في المستقبل للدفع بعجلة الإصلاح والتحديث.”
الأفق المستقبلي
– إن الاتحاد الاشتراكي كان دائما مالكا للأفق المستقبلي ومن ثم كان يستشرف المستقبل ويفعل في الأحداث وكان له بعد نظر يجعله يستبق هذه الأحداث ويقود معاركها.
وإن بناء الأفق الاتحادي وتجديده مشروط بسيادة الوعي الجماعي، وبسيادة الإرادة الجماعية لدى الاتحاديات والاتحاديين ؛ وأن هذا الوعي الجماعي يجب أن يكون سائدا وفاعلا مستبقا للأحداث وليس مسايرا لها ويكتفي بالتعليق عليها ؛ إن الذكرى الستين التي فتحت هذا الأفق مناسبة تاريخية للاتحاديات والاتحاديين للعودة من أجل بناء فكر اتحادي جديد ؛ بناء ثقافة اتحادية جديدة وتأسيس أفق اتحادي جديد مبني على مشروع جديد…
لقد ترجم الاحتفاء بالذكرى الستين للاتحاد الاشتراكي إرادة سياسية قوية تروم العمل بعزم ومثابرة على إطلاق دينامية ثقافة جديدة، تتجاوب ومتطلبات التحولات المجتمعية العميقة التي تغشى بلادنا اليوم. وترجمت هذه المحطة الجديدة؛ محطة المصالحة والانفتاح حقيقة التفاعل الايجابي، البناء بين التوجه النضالي الراسخ للحزب، ومتطلبات النهوض بالواقع السياسي، الاجتماعي الوطني.
إن مبادرة المصالحة والانفتاح تستلهم روح وقيم السجل النضالي للاتحاد الاشتراكي من جهة، وتستشرف من جهة أخرى، أفق التحول السياسي المنشود في مغرب الديمقراطية والتنمية والحداثة والتقدم..
إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي نشأ وترعرع في حمأة النضال من أجل ترسيخ الديمقراطية ، وتحقيق العدالة الاجتماعية، ونهج سبل التنمية الشاملة، وتعزيز دولة الحق والقانون والمؤسسات، ليشدد التأكيد من جديد على الإرادة القوية التي تحدُوه على تقوية جذور التواصل وتعزيز ديناميات التفاعل مع القوى الشعبية الحية بالبلاد، التي يجمعها وإياه ميثاق التلاحم المتين والنضال المستميت، في سبيل الارتقاء بالبلاد إلى أسمى درجات النهوض والتقدم ، في شروط الأمن والاستقرار والازدهار.
إنها مسؤولية جسيمة ، ومهمة نبيلة ، تسائلان بقوة كافة الاتحاديات والاتحاديين للنهوض بهما ؛ من أجل كسب رهان التقدم والحداثة، وتوفير حظوظ مستقبل زاهر للأجيال الصاعدة…
– إن واجب الوفاء والامتثال للمبادئ السامية والقيم النبيلة التي أسست لميلاد ” الاتحاد الوطني / الاتحاد الاشتراكي ” ، وأطرت مساره السياسي ، ورسخت خطه النضالي في مختلف المراحل والمحطات ؛ أن يعود الاتحاديون والاتحاديات إلى الاعتصام بحبل التآلف والالتحام، على قاعدة نفس المبادئ والقيم التي جعلت من حزبهم أنموذجا فذا في الوفاء والالتزام بقضايا الشعب والبلاد، مهما كلفه من تضحيات ونكران الذات.
الكاتب : عبد السلام المساوي - بتاريخ : 03/01/2020