الدكتور محمد بنعجيبة، مدير المركز الوطني لتحاقن الدم بالرباط : شحّ الإمكانيات العلاجية كان سببا في وفيات مرضى الدم في مطلع التسعينات

o من هو الدكتور بنعجيبة؟

n محمد بنعجيبة، من مواليد 27 يناير 1961 بمدينة طنجة. نشأت بين خمسة إخوة في عائلة جد متواضعة، حيث كان أبي رحمه لله يشتغل كموظف ببلدية طنجة ومات وهو يتقاضى كمتقاعد أجرة شهرية تبلغ 1600 درهم.
الجو العام الذي ترعرعت فيه يطغى عليه البعد الديني كمكوّن أساسي في التربية و التعليم بحكم أن عائلة بنعجيبة معروفة برجالاتها الذين اشتغلوا كثيرا في مجال التصوف.

o كيف جاء اختياركم لدراسة الطب؟

n اختياري دراسة الطب أملته في الحقيقة الظروف التي نشأت فيها والقناعات التي تشبعت بها. لقد كانت انشغالاتي وهواياتي تميل دائما إلى الأعمال التي تساعد الآخرين وتقدم لهم يد العون، وهذا ما يفسر أيضا انخراطي منذ الصغر في العمل الجمعوي ذو الطابع الاجتماعي. وفي هذا الإطار، فمجال الطب هو اجتماعي بالدرجة الأولى لذا كنت دائما شغوفا به إلى درجة الهوس لأنه يلبي حاجياتي النفسية وكنت أرى فيه الوظيفة التي تجمع بين الخيرين، «خير الدنيا والآخرة».

o وكيف جاء اختياركم لتخصصكم الطبي؟

n قصتي مع التخصص هي بحق أعدّها من المحطات الأساسية في مساري المهني، كنت أتابع دراستي في السنة الثالثة بكلية الطب والصيدلة بالرباط، وأخضع لتدريب في مصلحة أمراض الدم وسرطان الأطفال بالمستشفى الجامعي للأطفال بالرباط، وصادفت حينها مريضة من مدينة فاس، لا يزيد عمرها عن سبع سنوات، والتي كانت تعاني من سرطان الدم الحاد الذي يصيب كريات الدم البيضاء. وخلال مدة استشفائها لم ينقطع نزف الدم من أنفها، فكنت أرافقها في جميع تنقلاتها من مصلحة إلى أخرى، مرة لإجراء التحاليل، وأخرى لتلقى علاج معين، و تابعت حالتها بكل جوارحي وحواسي، وشاءت الأقدار أن تفارق المسكينة الحياة في اليوم السابع من دخولها المستشفى، فتألمت لذلك ألما شديدا وبعفوية صادقة توجهت إلى الله تعالى وأنا ما زلت بجانب المريضة المتوفاة، داعيا إياه أن يوفقني لأصبح طبيبا أخصائيا في أمراض الدم لأكون خادما لهذه الفئة من المرضى، لعلي أساهم في التخفيف من معاناتها. فكان ذلك.

o ما هو تقييمكم لواقع المنظومة الصحية اليوم؟

n حتى أكون دقيقا ومنصفا في جوابي، أحبذ أن أتكلم عن المجال الذي اشتغل فيه وهو أمراض الدم و سرطان الدم وتحاقن الدم.
لقد بدأت حياتي المهنية في مصلحة أمراض الدم وسرطان الأطفال بالمستشفى الجامعي ابن رشد سنة 1991، حيث كان يتواجد آنذاك 15 طبيبا متخصصا، وهو كل ما يوجد من الأطباء المتخصصين في هذا المجال على الصعيد الوطني. كان جل المرضى، في هذه الفترة، يلقون حتفهم لشح الإمكانات العلاجية المتوفرة آنذاك، وكذلك ارتفاع ثمن بعضها. كنا نقضي أياما عصيبة حيث كانت معاناتنا تفوق معاناة المرضى لشعورنا بالعجز أمام ما كنا نراه من حالات مرضية.
أما الآن فالوضعية تغيرت رأسا على عقب من حيث عدد الأطباء الذي تجاوز المئة، والإمكانات العلاجية المتوفرة والمتنوعة والمتطورة.
وخلاصة القول، فإن منظومتنا في هذا المجال عرفت تطورا نوعيا يشهد به الجميع. فإذا انتقلت إلى تحاقن الدم فانه يمكنني أن أستخلص نفس النتائج عندما يتعلق الأمر بجودة وسلامة المنتجات الدموية التي يستفيد منها مرضانا. فالمنظومة الصحية في هذا المجال تطورت بالشكل المطلوب لكي تساير المستجدات العلمية والطبية. وبناء على هذا وإذا اعتبرنا ما نراه في هذا المجال في الدول المتقدمة، فإنه يجب علينا بذل مزيد من الجهود لتطوير الخدمات التي نقدمها لمرضانا.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 10/06/2017