فجري الهاشمي يكتب عن رحيل المناضل إبراهيم جلُّول .. «في معركة التغيير ساهمت بحصتي»

هذه الحكمة ذكرها مفكر فرنسي لم أعد أذكر إسمه خلال برنامج ثقافي تعده قناة TV5 تقول الحكمة : أن حريقا شب في إحدى الغابات فما كان من طائر السونونو إلا أن ملء فمه بقطرات من الماء في محاولة لإطفاء الحريق ، سخرت منه الحيوانات الأخرى قائلة ماذا تفيد قطرات من الماء لإطفاء الحريق فما كان من طائر السونونو إلا أن أجاب : لقد ساهمت بحصتي.
وذلك ما قام به المناضل المرحوم ابراهيم جلول .
تعرفت عليه نهاية سنة 1972، كانت الجامعة المغربية تعيش أحداثا هامة بعد تولي تيار جب* الطلبة التقدميين قيادة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ، وكانت الثانويات تعيش وضعا نضاليا كانت تحركه النقابة الوطنية للتلاميذ ذات التوجه اليساري.
كان أخي المرحوم مصطفى فجري قد التحق بكلية الآداب ، التقى خلالها بعدد من المناضلين الاتحاديين، وكان أن توقفت الدراسة ، عاد إلى الدارالبيضاء بهدف تكوين نواة للشبيبة الاتحادية ، وهكذا ابتدأ الأمر ، حيث نظم ندوة تكوينية لنا بتنسيق مع المناضل الكبير أبو ابراهيم والذي كان أخوه تلميذا في ثانوية مولاي عبدالله ، أطر هذه الندوة حول تاريخ الاتحاد المناضل المعروف آيت قدور ، في تلك الندوة التي حضرها رفقة عبدالرحيم عميمي ولشكر محمد . تعرفت على ابراهيم جلول وكانت معنا المناضلة الحاجة تلميذة في ثانوية الخنساء كان ذلك بداية انطلاق مسلسل تأسيس الشبيبة الاتحادية بالدارالبيضاء .
كان ابراهيم جلول شعلة ينطبق عليه وصف Agitateur لاحظت ذلك في المظاهرات التي نظمناها في المدينة الأولى أمام سينما الزهراء والثانية أمام سينما الكواكب بشارع الفداء ، بعد إعدام عمر هكون صباح عيد الأضحى في نونبر 1973.
بعد القمع الذي تعرض له الاتحاد سنة 1973 ، كنا نجتمع في المنزل رقم 14 الذي يقيم فيه ابراهيم جلول بحي درب الكبير وهو منزل العائلة حيث تقيم المناضلة الحاجة ابنة عمته .
كنا حينها على اتصال ببعض المناضلين الاتحاديين الذين تكلفوا بمهمة تأطيرنا منهم الاستاذ الصايغ الذي كان يحضر معنا في ذلك المنزل بدرب الكبير كما كان المرحوم أخي قد ربط لنا الاتصال بالمناضل بوزيا والذي كنت أنا وعميمي عبدالرحيم نلتقي به في حديقة الأمم المتحدة كنا في سرية تامة . ومن بين المناضلين الذين كنا نتصل بهم الاستاذ عبدالكبير طبيح والأستاذ جلال الطاهر حيث كنا نزورهم وهم انذاك طلبة في شقة قرب ثانوية الخنساء. في هذه الأجواء المتسمة بالقمع والمواجهات بين الطلبة والتلاميذ والنظام توطدت علاقتي بالمرحوم ابراهيم جلول .
سوف يحصل المرحوم على الباكلوريا وينتقل إلى الرباط بكلية العلوم، بعدها سوف يتابع دراسته في فرنسا وتحديدا مدينة كرونوبل ، حين عاد في أحد الأيام وكانت المناسبة ندوة الأطر التي نظمتها الشبيبة الاتحادية بالمعمورة، بدا ابراهيم جلول معتدلا سياسيا ولم يعد ذلك المتطرف الذي عهدناه ، من أسباب تطرفه سقوط شقيقه مصطفى جلول تحت رصاص قمع انتفاضة مارس 1965 والتي جعل الكشف عن الحقيقة قضيته .
سوف يكون الرجل حاضرا في نضالات الطبقة العاملة حيث في نهاية الثمانينات، كان من المحسوبين على جناح الأموي، وقد ساهم في تجربة الأوراش التي نظمتها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل .
بعد تأسيس الأموي لحزبه، سوف يعود ابراهيم جلول لمنزله الأصلي الاتحاد، حيث ساهم في تأسيس قطاع المهندسين .
الاتحاد الاشتراكي يرشح جلول ابراهيم في الانتخابات البرلمانية 1996 وكيلا للائحة الدائرة البرلمانية الحي الحسني يضع الثقة في أحد أبناء المدرسة الاتحادية ، المناضل ابراهيم كان هدفه حضور صوت الاتحاد رغم معرفته المسبقة بأنه لن يفوز ، ولكن كان عدم الترشيح هو الهزيمة نفسها .
قبل سنتين، زارني في منزلي لأرافقه إلى مدينة القنيطرة، حيث كان مرتبطا بعمل ، بعدها انتقلنا إلى مدينة الرباط لحضور حفل توقيع كتاب فتح الله ولعلو « نحن والصين» وهو في الحقيقة كان يريد لقاء أعز أصدقائه الاستاذ فؤاد الزعيم الذي ارتبط به في مدينة كرونوبل ، وحين عدنا إلى الدارالبيضاء اصطحبني معه للقاء مجموعة من الأطر يسميها خلية الأطر .
لا تكفي هذه الورقة الصغيرة للحديث عن حصة الرجل في معركة التغيير التي آمن بها، وما زلت أذكر قبل المؤتمر الاستثنائي كيف كان صلاح الدين المانوزي معجبا بثورية ذلك الشاب ولذلك أقول أن تكون ثوريا وتصير معتدلا أو أن تكون معتدلا وتتحول إلى ثوري هي حصة واحدة في ميزان النضال .


الكاتب : فجري الهاشمي

  

بتاريخ : 04/02/2020