1. أولُ الكلامِ
كنتُ قريبا منهمْ
يا أبي
وما قادَنِي أحدٌ منهمْ إليّ
وما فطنوا إلى ندْرةِ القمحِ
في شَرايينِي
وما ملأتُ بئرَ المدينةِ
بالدّمعِ، والغمامِ
ولمّا مِتّ
أرشدتُهم إلى جثّتي
وبقايا الطّينِ بين أظافرِهمْ!
2. كثيرونَ في معطفٍ واحدٍ
في الطريقِ إليكَ
تسلّلَ الكثيرون إلى معْطفي، و خطايَ:
حراسُ الخيباتِ، والمدائحِ القديمةِ
القاتلُ والمقتولُ، وما بينهما من وجعٍ
النسوةٌ اللائي جرحْنَ باطنَ الغيمِ
باستدارةٍ سريعةٍ
التوابونَ، والخطاؤونَ
والرّماةُ الذين ورثوا الأرضَ، والنشيدَ
كلّهُم صاروا أنا
فاحذرْني
يا رفيقي!
3 – يومَ صرتُ شبحاً
عائدا منَ المدائحِ الكبْرى، إلى بيتنا الْقديمِ
حيّيتُ الأطفالَ، والجيرانَ، وكلبَ الحراسةِ
قبّلتُ صغيراتِ الحيّ، ورأسَ العجوزِ التي كانتْ
تدعو لي بالسّلامةِ، والرزقِ كلّ صباحٍ
وما التَفتوا إليّ
كأيّ ضيفٍ مهملٍ
جلستُ على كرسيّ هزّازٍ
بنظّارتيْنِ صغيرتينِ، وكتابٍ
وناديتُ كلّ واحدٍ باسْمهِ
وما الْتفتوا إليّ
وكلّما لمستُ أحداً، أو أغلقتُ نافذةً
فزِعوا
وتحدّثوا بصوتٍ خفيضٍ
عنِ الغامضِ الذي يعيدُ ترتيبَ البيتِ
وكيّ الملابسِ، واللصوصِ
يسبقهُ بردٌ، وضجيجٌ خفيفانِ
ورائحةُ فرنٍ مهجورٍ
في الطّريقِ إلى بيتنا الْقديمِ
أدركتُ أنهمْ غيّروا اسْمي
غيّروا اسمَكِ، والأقْفالَ كلّها
صرْنا شبحيْنِ غريبيْنِ
كلّما حنّا إلى أحدٍ
كسَرا شيئاً
أو فتحَا نافذةً!
4 – آخرُ الكلامِ
موتايَ البعيدينَ
أحِبّوا بعضَكم
فإن المماتَ الكبيرَ
يضعفُ بأسُهُ
عندَ العناقِ!