البروفسور بنيونس رمضاني، رئيس المجلس الاستشاري لزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية .. التبرع بالأعضاء سبيل لإنقاذ الكثير من الأرواح

– من هو الأستاذ بنيونس الرمضاني؟
– بنيونس رمضاني، من مواليد 15 ماي 1956 بالسعيدية، من أبوين مغربيين، الأب كان يمارس التجارة الصغيرة، متزوج، وأب لابنتين.
متخصص في أمراض الكلي، رئيس مصلحة الكلي والتصفية والزراعة بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدارالبيضاء منذ سنة 2005، ومدير متخصص في أمراض الكلي بكلية الطب والصيدلة بالدارالبيضاء.

– كيف اخترتم دراسة الطب؟
– لقد تابعت مساري الدراسي بكل من السعيدية وبركان، لكن امتحانات الباكلوريا اجتزتها بوجدة، حيث حصلت على الشهادة سنة 1975، وعملت على التسجيل في كلية الطب والصيدلة بالرباط، ترجمة لأمنية رافقت والداي، وباعتباري الإبن الوحيد لهما فقد قمت بتحقيق هذه الرغبة، وكان ولوج كلية الطب آنذاك بدون مباراة، حيث كنا تلك السنة حوالي 1300 طبيب، موزعة على فوجين، الأول يدرس صباحا، والفوج الثاني زوالا، وواصلت دراستي إلى غاية سنة 1981 حيث خضت أول تدريب لي بمدينة القنيطرة، وخلال سنة 1983 ولجت امتحان داخلية المستشفى الجامعي ابن رشد بالدارالبيضاء، وكنا 11 متفوقا في تلك الدورة، في الوقت الذي كانت «الداخلية» تمنحنا سنتين، قبل أن يصبح الواحد أستاذا متمرنا.

o وماذا عن تخصصكم في أمراض الكلي؟
n اختياري لطب الكلي كان بالصدفة، لأن اختياري الأول كان هو طب الأطفال، ودرست سنة داخليا من 1983 إلى 1984، إلا أنني لم أستطع الصبر على أمراض الأطفال، وكنت أتأثر بمشاهدتهم وهم يتألمون، خاصة إذ توفي أحدهم، إذ كانت تؤثر في الوفاة بشكل كبير. وهنا أشير إلى أنه بخصوص السنة الثانية، ونظرا لأنه حتى في طب الأطفال كان يعجبني الإنعاش، قضيت النصف الأول من السنة في الطب العام للأطفال، وفي النصف الثاني كنت أتابع لإنعاش عند الأطفال، لهذا وخلال سنة 1984 انتقلت للتكوين في مجال الإنعاش عند الكبار، وفي تلك الوقت كان هناك دمج للإنعاش الطبي وطب الكلي، في مصلحة واحدة، فصرت أميل إلى هذا الأخير، ومن هنا بدأ اختصاصي وكان رئيس المصلحة حينها هو الأستاذ ادريس زايد، وفي 19 أبريل 1985 كانت أطروحتي حول ارتجاع المعدة، وفي 1988 اجتزت مباراة أستاذ مساعد ونجحت فيها، آنذاك لم يكن اختصاص طب الكلي معترفا به، إذ كان معترفا بالطب الباطني، الذي في جزء منه تحضر الكلي، ولم يتم الاعتراف به تخصصا قائما بذاته إلا سنة 1990، وفي 1992 اجتزت مباراة أستاذ مبرّز.

– كيف عايشتم تطور عمليات زراعة الكلي بالمغرب؟
– الحديث عن التخصص وعن الفترة التي أشرت إليها في جوابي وارتباطا بهذا السؤال، يحيلني على سنة 1988 عندما نجحت وذهبت لفرنسا للخضوع لتدريب حول زراعة الكلي بمصلحة «باريس الجنوبية»، التي كانت تجرى بها أكثر من 120 عملية زرع كلي في السنة، وهو مامنحني ميولا أكبر صوب زراعة الكلي والأمراض المرتبطة بها، وأتذكر في هذا الصدد كيف أنه تم بالمغرب سنة 1985 إجراء أول عملية لزرع الكلي وتحديدا بالدارالبيضاء، من طرف طاقم ليس كاملا مغربيا، لكون الجراح كان أمريكيا، وفريق التخدير والإنعاش فرنسيا، وشاركت في هذا التدخل كمساعد.
هذه العوامل دفعت الأستاذ ادريس زايد، لأن يطلب مني إعداد ملف الهدف منه أن تصبح زراعة الكلي 100 في المئة مغربية، وبالفعل أجرينا أول عملية سنة 1990 بطاقم طبي مغربي، وبدأ هذا النوع من الزراعات يتطور على مرّ السنوات، إلى غاية سنة 1999، حيث أجرينا حوالي 45 عملية تقريبا، وكان المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد هو المؤسسة الوحيدة التي تجرى بها هذه العمليات. إلا أنه وانطلاقا من سنة 1999 بدأت تظهر بعض المضاعفات نتيجة لعمليات الزرع على مستوى الجراحة فتم اتخاذ القرار بوقف العمليات، وتم ربط الاتصال بوكالة فرنسية بناء على اتفاقية بينها وبين وزارة الصحة، حتى تتكلف بها ويتم استئناف هذا النوع من العمليات في أحسن الظروف، وبالفعل ما بين 2000 و 2010 وصلنا إلى حوالي 170 عملية لزرع الكلي، ما بين الدارالبيضاء والرباط، من متبرع حي ينتمي لأسرة المريض، وليس من متبرع في حالة وفاة دماغي، إذ أن هذا النوع من العمليات لم يتم القيام به إلا في 2010 وتحديدا في شهر رمضان، وبلغ عددها أربع عمليات، بعد تبرع من عائلتين، كلّلت كلها بالنجاح. وهنا بدأت عملية التبرع والزرع من موت دماغي تتطور، وشرعت المراكز الأخرى في مراكش وفاس في القيام بها، وفي 2014 أضحت المستشفيات الجامعية كلها تقوم بذلك، وخلال سنة 2015 وبفضل 11 متبرعا في حالة موت دماغي، الذين تمت الاستفادة من أعضائهم، تم إجراء 20 عملية زرع للكلي، مع 8 عمليات لزرع الكبد، عملية واحدة لزرع القلب، و 12 علية لزرع القرنية، وهو مايبرز العدد الذي يمكن إنقاذه من المواطنين المرضى بفضل خطوة التبرع.

– ماهو تقييمكم للمنظومة الصحية اليوم؟
– هناك تباين بين القطاع الخاص والعام، هذا الأخير الذي يشكو من قلة الأطر بعد المغادرة الطوعية، ومسلسل الاستقالات التي جاءت كرد فعل عما يعرف بـ TPA ، وهو ما أثر بشكل كبير على المستشفيات الجامعية، إذ نعاني من هذا الوضع، سواء تعلّق الأمر بالأطر الطبية أو الشبه الطبية، فبعض الاختصاصات تئن تحت وطأة نقص حاد في الأطر، كما هو الحال بالنسبة للأمراض الجلدية، السكري، الإنعاش والتخدير، بعدما تم فقدان حوالي 50 في المئة من الأطر، وهذا سيؤثر بالضرورة على مردودية المستشفيات، لهذا أتمنى أن تكون هناك دراسة معمقة بخصوص مشكل الموارد البشرية في كافة المؤسسات الاستشفائية.
على مستوى الوسائل الطبية، ففي الحقيقة، يجب التنويه بظروف الاشتغال مقارنة بسنوات فارطة، نظرا لتوفر معدات طبية متطورة والأدوية، خلافا للسابق، ويبقى المشكل الكبير مرتبطا بالموارد البشرية، ففي الوقت الذي ارتفع فيه معدل التغطية الصحية باستعمال «راميد»، وهو مايعني ارتفاع تردد أعداد المرضى على المستشفيات وكذا متطلباتهم الصحية، يتواصل تسجيل الخصاص في الموارد المهنية.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 13/06/2017