بعد مرور 15 سنة على انطلاقها، اختارت قناة «الرابعة» أو «الثقافية» بعد تغيير اسمها، أن تقف وقفة لتأمل مسارها خلال هذه السنوات، في لحظة احتفاء وتقييم للتجربة التي ارتبط اسمها سنة 2005 بالإعلامية الراحلة ماريا لطيفي التي اختارت أن تقود هذه التجربة الأولى من نوعها في المجال البصري، إيمانا منها بقدرة المكون الثقافي للمجتمعات على إحداث التغيير داخل الذهنيات والارتقاء بالذائقة الثقافية لدى المشاهد في تفاعل منتج مع الثقافات المحلية والعالمية.
اعتبر الإعلامي ومدير قناة «الثقافية» والذي راكم تجربة إعلامية طويلة زاوج فيها بين الصحافة المكتوبة والإعلام البصري بالقناة الثانية والكتابة الإبداعية، عبد الصمد بن الشريف، خلال حفل أقيم بالرباط يوم الخميس 27 فبراير ، بمناسبة مرور 15 سنة على انطلاق القناة، أن الاحتفاء لا يمكن حصره في مشاعر الارتياح والفرح، بل هو حدث له دلالات ترتبط بطموح العاملين في القناة، «طموح لا يرتكن الى ما تحقق قبل 15 سنة من طرف جيل المؤسسين». واعتبر بن الشريف أن تخليد الحدث، يمثل لإدارة القناة والعاملين بها، مناسبة لمساءلة الذات وتطويقها بمجموعة من الأسئلة، بالمعنى الإيجابي، في مواجهة الرهانات والتحديات التي تواجه مشروع قناة مطالبة بتقديم عرض مبدع، مقنع ومتجدد في إطار تقديم خدمة عمومية تحترم ذكاء المشاهد وتجيب على انتظارته الثقافية، وهو الهدف والرهان الذي تنتظم حوله كل الأعمال المقدمة من طرف القناة.
وأوضح بن الشريف أن القناة باختيارها شعار «الالتزام»، تسعى الى الاستثمار الأمثل للغنى والتنوع الثقافي بالمغرب، لتكون منخرطة في الشأن الثقافي بتقديم برامج منسجمة ومتكاملة، عبر دفتر تحملات واضح، للمساهمة في فتح فضاءات للتعبير والنقاش، خاصة في هذه الظرفية العالمية التي تعرف اليوم انقلابا جذريا في طرائق التواصل وسرعة المعلومة، وهو ما يضاعف من ملحاحية وضرورة وجود تلفزة عمومية تكون في مستوى المنافسة في ظل سيادة الخطابات التبسيطية والتي تفتقر إلى هوية ورؤية.
إن الشأن الثقافي ، كما شدد على ذلك بن شريف، ليس همّا معزولا يمكن معالجته بشكل فردي، بل يتطلب دعم ومشاركة كل الفاعلين الثقافيين المغاربة، الذين يمتلكون مصداقية عربية ودولية تؤكد الحاجة الملحة إليهم في بناء أي مشروع ثقافي وسياسي، خصوصا أمام ما يحدث اليوم من صراع هوياتي وسياسي وجغرافي يطرح ضرورة انخراط المثقفين في الديناميات السياسية والمجتمعية، وهو انخراط لن يتأتى إلا بإعادة الاعتبار للثقافة والمثقفين.
وتوقف مدير القناة عند المشاكل التي تواجه المادة الثقافية في وسائل الإعلام عموما وفي القنوات الموضوعاتية خصوصا، رغم المجهودات التي تبذل للرقي بالمنتوج الثقافي، حيث لا تتعدى نسبة المشاهدة 3%، ما يطرح استعجالية إيجاد خطة لتسويق صورة القناة وبرامجها في وسائل الإعلام.
وفي لحظة تكرس لثقافة الاعتراف والتكريم ، تم عرض شريط يوثق لمسار الراحلة ماريا لطيفي المديرة السابقة للقناة منذ انطلاقها ، مع تسليم درع تكريمي للعائلة عرفانا بما بذلته الراحلة لإيصال صوت ونبض الثقافة للمشاهد المغربي.
وقد تم خلال اللقاء، الذي عرف حضور مكثفا لشخصيات فكرية وسياسية وحقوقية وفنية وإعلامية، تقديم لمحة عن الشبكة البرامجية الجديدة للقناة والتي تضم 14 برنامجا جديدا، أو التي تم إدخال تغييرات جوهرية عليها، بدءا بتغيير موعد انطلاق البث الذي سيصبح ابتداء من 12 زوالا بدل الساعة 3.
وتضم شبكة البرامج الجديدة برامج متنوعة تنهل من مختلف مشارب الثقافة المغربية والعالمية، منها برامج حول الحضارة والتراث (متاحف المغرب، أطلس المغرب، مروا من هنا) ثم برامج العلوم والمجتمع وتعنى بقضايا البحث العلمي والمرأة والبيئة (إيكولوجيكا، الباحث، بنت بلادي، كلنا خوت)، بالإضافة الى برامج ثقافية وفنية (مبدعون، ياموجة غني، بلادي، حوارات، برنامج عن الشعر… ) والتي شرع في بثها ابتداء من أمس الجمعة 28 فبراير الجاري، كما سيتم تقديم «المجلة الثقافية» الاسبوعية والتي تعنى بمواكبة الأنشطة الثقافية على المستوى الوطني.