مسلكيات مغربية غريبة مع كورونا
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
أستغرب للذين يجدون أجوبة قديمة على فيروسات مستجدة.
يستجد الفيروس، والمرض والهلع، وكثيرون منا، في السلوك السياسي أو في المتابعة الإعلامية أو في تفسير الإجراءات، يميلون إلى أجوبتهم القديمة..
فقد تفاجأ، وأنت تتابع التصريحات أن يتفق داعية التدين المتشنج مع المناضلة اليسارية، على أن كورونا هو تلخيص جديد لنظرية المؤامرة، بما أن الرأسمال المتوحش هو الذي يقف وراءه…
وقد تفاجأ، بأن الفقيه المجتهد، يتفق مع رجل الشارع البسيط بأن الفيروس يستهدف الإسلام والمسلمين، وعندما تسألهم: لماذا كنتم تصرحون من قبل بأن الأمة منحرفة، وأنها خارج الدين وأن مشاكلها تأتيها من مروقها وانحرافها، فكيف تصرخون بأنها مستهدفة؟
ينظرون إليك بريبة وينصرفون وهم يدعون عليك بالويل والثبور، لأن التناقض كأس شايهم اليومي الذي تهرقه عليهم..
يتسلل الداعية المتطرف إلى شبكات العنكبوت، والتواصل الحديث، وإلى دروب الفايسبوك ويحمل عصا التجوال بين الحسابات العامة والخاصة، وهو يردد خطبته القديمة مع تغيير بسيط في الأسماء: هذا الوباء سلطه الله على دول الكفر، ودول المروق، الدول الطاغية والظالمة، وهو عذاب منه تعالى كما فعل بآل فرعون.
وتنظر جيدا إلى ملامحهم وتكتشف بأن أخطر ما فيه هو هذه القناعة الراسخة والصدق في الإيمان بأن ذلك صحيح!
تسأل الذين يرددون كلامه أمامك: ولماذا قتل الطاعون عبيدة ابن الجراح، أمين الأمة والمبشر بالجنة مرتين؟..
دعاة يفجرون سخرية مسلحة حقا ومنهم من يذهب إلى أن فيروس كورونا عضو سابق في هيئة النهي عن المنكر والأمر بالمعروف: فهو يمنع السهرات التي تجمع الناس كثيرا، ويفرض الحجاب بل حتى البرقع والنقاب، ولا أحد نبه السادة الدعاة المنشرحين، بمضمر مفاده أن الفيروس عقاب: ألم يمنع العمرة أيضا وقد يمنع غدا الصلوات والتراويح؟
هو ذا الممر المشبع بالمكر… يعود على أصحابه بالاستثمار..
يذهب المحلل إلى أن الوضع متحكم فيه، ويقارن الذين ماتوا في حالة زكام سابق بالانفلونزا ويصمت الطبيب الذي يملك العلم قليلا..
في بلادنا، يخرج خفافيش الربح السريع ليسارعوا إلى احتكار الكمامات أولا ثم سائل التعقيم الذي كان يتراكم في الرفوف بدون الحاجة إليه من قبل، ولا أحد منهم يتصور بأن الاحتكار قد لا يحميه من الإصابة، وأنه مصاب قبل هذا الداء بداء أفظع منه:الاتجار في المآسي وقلة الإنسانية وسقوط المناعة الأخلاقية….
يتحالف تجار المآسي وتجار المضاربات وتجار الخوف واقتصاد الرعب، في جوقة واحدة، بدون أدنى اقتراح يمكن البشرية المغربية من تجاوز الحالة التي تعيشها.…
تظهر فجأة رغبة دفينة في تزوير البيانات والرفع من حالة التوتر على سلم كورونا:
بيان مزور عن كلية، بيان آخر مزور عن مديرية الملاحة وثالث عن الداخلية..
وعلينا أن نواجه الحقيقي والمزيف في هذا الخوف، مع تصاعد درجات التوتر الوطنية.
تنقصنا عقلانية كبيرة للتعامل مع الهلع، وأيضا تلزمنا أخلاق كبرى لإنصاف الناس في خوفهم، أما الجشع المأساوي للفتاوي والجشع المالي لاقتصاد الفزع، فهي دلائل على اختلال فظيع في العيش في عصرنا….
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 08/03/2020