رصد مكتب دراسات مكلف بإعداد التصميم الجهوي لإعداد التراب بجهة فاس-مكناس جملة من الاختلالات التي تعيق تنمية هذه الأخيرة، من بينها دينامية اقتصادية دون مستوى الإمكانيات وإكراهات مرتبطة بالتضاريس.
وينضاف إلى هذين الإكراهين اللذين أفرزهما التشخيص الذي أجراه المكتب وقدم خطوطه العريضة، الخميس الماضي بفاس، في لقاء جهوي تشاوري مع رؤساء الجماعات الترابية حول هذا التصميم، تواضع مؤشرات التنمية البشرية.
وجاء في الدراسة أن الدينامية الاقتصادية بالجهة دون مستوى المؤهلات حيث هناك قطاعات منتجة ضعيفة التطور ولا تتوفر على المقومات الكافية للتصدير، وتواجد كبير للصناعات التي تعاني من ضعف التنافسية، وقطاع فلاحي ذو مردودية محدودة، واختلال هيكلي في سوق الشغل، كما أن الوحدات الاقتصادية المتواجدة بالجهة هي عموما من حجم صغير أو متوسط بقيمة مضافة ضعيفة نسبيا، مع نسيج اقتصادي تهيمن عليه البنية التقليدية.
وسجل مكتب الدراسات فوارق مجالية بين الأوساط الحضرية والقروية، وعجزا اجتماعيا متراكما على عدد من المستويات، وكذا تنمية حضرية غير متحكم فيها، وعجزا في السكن، ومحاور طرقية وطنية محدودة التواصل على مستوى الفضاء القطبي لسايس والممرات المرتبطة به، مع عرض ضعيف في مجال النقل الحضري، وينضاف إلى هذه العوائق علاقات وظيفية ضعيفة مع الجهات المجاورة، ومشكل التواصل مع الجهات المجاورة والأقطاب الاقتصادية الكبرى.
وتنضاف هذه المعيقات الداخلية إلى أخرى خارجية منها ظهور أقطاب اقتصادية قوية ووازنة في الجهات المحاذية من شأنها إضعاف جاذبية جهة فاس- مكناس، وتأثيرات العولمة على المغرب بشكل عام وعلى الجهة بشكل خاص مما يساهم في إضعاف تنافسية الوحدات الاقتصادية بالجهة، والضغط الذي يمارسه تركيز النشاط الاقتصادي والديموغرافي في المناطق الساحلية للمغرب، وترحيل للأنشطة ذات القيمة المضافة من داخل الجهة نحو جهات أخرى، وارتفاع نزيف هجرة اليد العاملة المؤهلة من الجهة نتيجة قلة فرص الشغل.
وتأتي هذه المثبطات بينما عهد لجهة فاس- مكناس باختصاصات يتجلى بعضها في استراتيجيات قطاعية ذات بعد جهوي (صناعة، فلاحة، سياحة) وبرامج وطنية ناجعة لاستدراك الخصاص والعجز الاجتماعي من أجل تجهيز المناطق القروية، وآفاق واعدة للربط الطرقي السريع بين الشمال والجنوب (طنجة- فاس-مراكش) ونقطة مرور الخط المستقبلي للقطار فائق السرعة، وأيضا الاستراتيجية الإفريقية الجديدة التي تطورها الدولة، وتوسعة مطار فاس، وتطوير بنيات تحتية مينائية جديدة على الواجهة المتوسطية والشمالية القريبة من الجهة.
وقدم مكتب الدراسات جملة من المقترحات لتجاوز هذه الإشكالات منها بناء نموذج للتنمية الاقتصادية مدمج وقادر على الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات ومؤهلات مختلف مجالات الجهة غير المتجانسة مع تكريس التراكمات الإيجابية، وخلق الشروط التي تسمح بتحسين جاذبية الجهة لجلب الاستثمارات الوطنية والدولية، وتطوير النسيج المقاولاتي للجهة على أسس التنافسية والمزايا المقارنة للجهة، وتصحيح الاختلالات المجالية بين الوسطين الحضري والقروي على مستوى التجهيزات والخدمات الأساسية، وتطوير وتعميم الرقمنة كرافعة مستقبلية استراتيجية للجهة ووسيلة لتحسين جاذبيتها، مع تقليص الفقر والهشاشة الحضرية والقروية والفوارق المجالية، وتطوير القطاع الفلاحي وجلب المزيد من الاستثمارات لهذا القطاع وربطه بالقطاع الصناعي، وكذلك خلق شروط تنمية ملموسة ومدمجة بالعالم القروي، وإعادة بناء التوازنات البيئية الكبرى واستباق الآثار والمخاطر التي تزيدها التغيرات المناخية صعوبة.
والمكتب، وهو يعرض هذه المقترحات، توقف عند المؤهلات التي تتوفر عليها الجهة والتي تسمح لها بالتموقع على العديد من الرافعات الاقتصادية، حيث هي ثالث قطب صناعي جهوي بالمملكة، وأول قطب للصنائع التقليدية ذات القيمة المضافة العالية، وثالث قطب فلاحي وقطب للسياحة متعددة التخصصات وقطب للخدمات والتجارة وقطب للإعلاميات وترحيل الخدمات وقطب التكوين.
ولاستثمار هذه المؤهلات دعا المكتب بالخصوص إلى تقوية الربط الجوي بين فاس وباقي الأقطاب السياحية بالمملكة، وتطوير مناطق للأنشطة الخاصة بالصناعة التقليدية، و الإسراع في تعميم وتحسين حالة الشبكة الطرقية وشبكة الطرق القروية في بعض المناطق المعزولة وبالمناطق الجبلية لتحسين ظروف عيش ساكنة الجهة، وتفعيل ربط الجهة بالجهات والأقطاب الاقتصادية الأخرى، ورفع جودة منظومة النقل القروي، وفك العزلة عن مناطق الريف ومقدمة الريف والأطلس المتوسط الشرقي وتزويدها بالتجهيزات الأساسية وتثمين مؤهلاتها، وتحسين الشبكة السككية بكهربة وتوسيع الخط الرابط بين فاس وو جدة وتشغيل الربط بين ميسور وبولمان.
وأورد العرض ضرورة وضع آليات لضمان استفادة أحسن من المؤهلات الطبيعية للجهة، وتسريع برنامج تعميم المطارح العمومية المراقبة والمنظمة ومحطات معالجة النفايات السائلة، وتطوير برنامج جهوي لإنتاج الطاقة الشمسية والريحية والكهرمائية والحرارية الأرضية والكتلة الحيوية، وخلق شروط التنمية المستدامة كملاءمة التخصصات بالجامعات والمدارس العليا ومراكز التكوين بحاجيات سوق الشغل بالجهة أساسا، والعمل على جعل الجهة أهم قطب تراثي على المستوى الوطني، وصيانة وتأهيل كل مكونات التراث التاريخي والطبيعي بالجهة بشراكات مع الدولة والقطاع الخاص.
عائقان أمام تنمية جهة فاس – مكناس : دينامية اقتصادية دون مستوى الإمكانيات وإكراهات مرتبطة بالتضاريس ..

بتاريخ : 19/06/2017