ثلاثة افتراضات

بعد الفحص، وجلسات الإنصات، قال:
«أنت، الآن، موظف، أمورك تسير على نحو جيد، وهذا معناه أنك شخصية سوية، لا تعاني من مشاكل مرضية حقيقية، نعم هناك أمور تزعجك، لكن، هذا ليس نقصا في ذكائك أو قدراتك… فلا تضخم الموضوع، قد يتحول التضخيم إلى مشكلة، حاول أن تجعل الأمور تسير بشكل طبيعي سلس…»
في البدء، كنت كلما استيقظت، صباحا، للذهاب إلى عملي، أنسى المكان الذي وضعت فيه مفاتيح سيارتي، فأقلب البيت بحثا عنها…
بعدها، أصبحت أنسى أين ركنت سيارتي، وأحتاج إلى وقت وجهد للعثور عليها… وأحيانا، كنت أنسى أنني خرجت بها، فأركب الحافلة أو سيارة أجرة وأعود إلى البيت!!!
آخر مرة، خرجت لأعيد ابني من المدرسة… وبعدما قطعت مسافة، وجدتني بلا وجهة، نسيت اسم المدرسة وموقعها،
وأضعت الطريق إليها…
أحسست بأطرافي ترتعش، بالدموع تختنق في محجري…
لم أكن ابتعدت كثيرا عن البيت، عدت أدراجي، أخفيت الأمر عن زوجتي، وطلبت منها مرافقتي، بدعوى حدوث تشنج في ساقي…
تكلفت هي بالسياقة، سارت نحو المدرسة، وكانت قريبة من البيت، لم يتطلب الوصول إليها سوى بضع دقائق…
صراحة، لم أنم تلك الليلة، بتُّ أتقلب على فراشي، أتوقع أسوأ السيناريوهات…
صباح اليوم الموالي، قمت أستعد لأوصل ابني إلى مدرسته، وأذهب إلى عملي…
قلت هي فرصة أرسخ فيها خريطة الطريق في ذهني…
سرت بانتباه وتؤدة، وصلت إلى المدرسة، اكتشفت أنني كنت أمر عليها مرتين كل يوم، على الأقل، لأنها في طريقي إلى العمل…
استغربت، لم يُقبِّلْني، ترك سندويتشه على المقعد ونزل!
واصلت طريقي…
فجأة، توقفت، أخذت هاتفي، ركبت رقم رئيسي في الشغل، اعتذرت له عن الحضور بدعوى أن ابني مريض…
ومتى تزوجت لتلد ويمرض ابنك؟! رد، وقطع الخط!
بصدق، في البدء، لم أفهم غضبته ولا سببها، لكنني حين فكرت مليا في الأمر، خمنت أن السبب لا يمكن أن يخرج عن ثلاثة افتراضات هي:
*أنني تزوجت دون إذن منه.
*أنني فعلتها دون أن أدعوه للحفل.
*أنني وَلَدْتُ دون أن أتزوج.


الكاتب : علي بنساعود

  

بتاريخ : 30/04/2020