نادية الدمناتي (*)
من رحم المعاناة يولد الصبر والعزيمة والتفاني، هذا حال أطرنا الصحية، المرابطة في كافة مستشفيات المملكة في زمن الكورونا، فالعدو واحد والهدف واحد، هو القضاء على هذه الجائحة التي قلبت موازين العالم أجمع. نساء ورجال، من طينة المحاربين، اصطفوا في الصفوف الأمامية لمحاربة وباء كورونا، يعملون ليل نهار بتفان ونكران للذات، ويسابقون الزمن للحدّ من انتشار الوباء، شعارهم «سنبقى هنا حتى يزول الألم».
أن تنتمي للجيش الأبيض، طبيبا كنت أو ممرضا أو تقني صحة، أو تقني إسعاف، فمعناه أن تضع كل ظروفك وانشغالاتك جانبا، وتطوي صفحة مخاوفك، وتستعد لتلبية نداء الإنسانية والواجب المهني أولا وقبل كل شيء، وكونك من مقدمي العلاجات، فمعناه أن تفصلك مسافة «صفر» عن المرض والعدوى، وألا تحتمي بجدران بيتك في الحجر الصحي، فأنت لا ينطبق عليك قانون «بقى في دارك»، بل يجب أن تتحرك للقيام بواجبك تجاه المريض، غير آبه بما قد تحسه من تعب وإرهاق جراء ساعات العمل الطويلة… ستغلبك دموعك، وتختلط عليك المشاعر وأنت تودع عائلتك وصغارك، وتعزل نفسك عنهم لحمايتهم من خطر العدوى… ستترك كل شيء خلفك، وتمضي بعزيمة وإصرار غير مبال بالأخطار المهنية، للتصدي لعدو قاتل… فالوطن أولا وفوق كل اعتبار.
قد تتذكر في لحظة تأمل عابرة، تضحياتك لسنوات في القطاع، وقفاتك الاحتجاجية، خرجاتك الإعلامية، التي كانت تدعو لتحسين ظروف الاشتغال والاهتمام بالقطاع، لكن زمن الكورونا رغم قساوته، إلا أنه أعطى درسا للجميع من أجل إعادة ترتيب الأولويات، والالتفاتة إلى القطاعات الحيوية، كقطاعي الصحة والتعليم، ففجأة توقفت عقارب الساعة، واختفى الدجالون، واتجهت كل الأنظار نحو العلم والعلماء والباحثين لإنقاذ البشرية.
(*) ممرضة بالمركز الإستشفائي
الإقليمي للجديدة