الخرافات والأساطير مجرد اعتقادات أو أفكار قائمة على مجرد تخيلات دون وجود مسبب عقلاني أو منطقي مبني على العلم أو المعرفة، وترتبط هذه الاعتقادات بفلكلور الشعوب أو بالأنماط العليا للتفكير، حسب التحديد الذي وضعه لها جيلبيرت دوران، حيث إنها عادة تمثل إرثًا تاريخيًا تتناقله الأجيال وقد تكون دينية أو أسطورية، أو ثقافية أو اجتماعية، وقد تكون شخصية ترتبط ببعض الأفراد الذين يصنعون خرافاتهم بأنفسهم، أو يدفعون الآخرين المحيطين بهم إلى صنعها والتكتل حولها.
«هاي – برازيل» Hy-Brasil، هي جزيرة ظهرت على الخرائط القديمة في وقت مبكر من 1325، وفي 18800 ميلادياً، حيث لوحظت لأول مرة من قبل رسام الخرائط Angelino Dulcert. وفي معظم الخرائط كانت تقع تلك الجزيرة على بعد حوالي 200 كم «321 مم» قبالة الساحل الغربي لأيرلندا في شمال المحيط الأطلسي، وواحدة من السمات الجغرافية لتلك الجزيرة، انها غالباً ما تظهر على الخرائط على شكل دائرة بها قناة أو نهر يجري من الشرق إلى الغرب في مركزها.
كانت هناك الكثير من القصص عن تلك الجزيرة الغامضة في جميع أنحاء أوروبا وإستمرت لعدة قرون، وكانت توصف على أنها «أرض الميعاد» أو «الجنة»، وحسبما تقول الأساطير الأيرلندية ،فقد عاشت هناك حضارة متقدمة، وذلك قبل أن تختفي تلك الجزيرة في الضباب، ولا تظهر إلا كل سبع سنوات، فحينها تصبح مرئية، ولكن لا يمكن الوصول إليها أيضا.
للجزيرة الغامضة أسماء عديدة، فهي تسمى أيضاً «Breasal Hy-Brazil،Hy-Breasil،Brazir»، وكلها مشتقة من إسم Breasal، وتعني الملك السامي الذي يحكم العالم كما في تاريخ السلتيك.
في عام 1436، ظهرت الجزيرة بإسم «سولا دي برازيل»، في خريطة البندقية التي رسمها «أندريا بيانكو»، وكانت واحدة من أكبر الجزر في مجموعة جزر المحيط الأطلسي، وظهرت مرة أخرى عام 1595 على خريطة أورتيليوس من أوروبا، وأحياناً كانت تظهر في مواقع مختلفة قليلاً على الخرائط بمرور الوقت.
البحث عن الجزيرة الغامضة
في عام 1480، غادر «جون جاي الإبن» مدينة بريستول بإنجلترا في رحلة للبحث عن الجزيرة الأسطورية ولكنه عاد خالي الوفاض، بعد ان قضى شهرين في البحر، وفي عام 1481، إنطلقت إثنتين من السفن من بريستول للقيام برحلة إستكشافية للعثور على جزيرة «هاي – برازيل»، ولكن لم تكلل الرحلة بالنجاح.
وعلى الرغم من فشل هذه الرحلات الإستكشافية إلا أن في عام 1497، أفاد الدبلوماسي الأسباني «بيدرو دي أيالا» أن «جون كابوت» – وهو أول أوروبي قام بزيارة أمريكا الشمالية منذ عهد الفايكنج – أنه اكتشف تلك الجزيرة.
وبعد قرنين من الزمان، زعم القبطان البحري الإسكتلندي «جون نيسبيت» أنه إكتشف جزيرة «هاي – برازيل» خلال رحلته من فرنسا إلى أيرلندا عام 1674، حينما إرتفع الضباب أمام السفينة، وظن الطاقم أنهم سيصطدمون بالصخور إلا أنهم وجدوا الجزيرة، ويدعي «نيسبيت» أنه قد أرسل فريقاً من البحارة إلى الشاطيء، حيث قضوا يوم كامل على الجزيرة الأسطورية، والغريب في الأمر أنهم زعموا لقائهم على الجزيرة برجل كبير حكيم قدم لهم الذهب والفضة، كما قالوا ان الجزيرة كانت تسكنها أرانب سوداء كبيرة، وساحر غامض يعيش في قلعة حجرية، وتبعت تلك الحملة، حملة أخرى بقيادة القبطان «الكسندر جونسون» والذي زعم أنه وجد تلك الجزيرة، مؤكداً ما قاله القبطان «جون نيسبيت».
آخر رؤية موثقة لجزيرة «هاي – برازيل»، كانت في عام 1872، من قبل «روبرت أوفلايرتي»، حيث إدعى أنه زار الجزيرة 3 مرات في ثلاث مناسبات مختلفة، وكان مأخوذاً بسحره، حتى أنه أحضر عائلته حتى يروا الأمر بأنفسهم، وبالفعل كانوا شهوداً على وجود تلك الجزيرة التي كانت تظهر من العدم ثم تتلاشى أمام أعينهم.
هناك العديد من الخرافات والأساطير التي تحيط بتلك الجزيرة الغامضة، فمنها ما يزعم أنها مسكونة من قبل الكهنة والرهبان الدين يحملون المعرفة القديمة التي سمحت لشعب الجزيرة في خلق حضارة متقدمة يوماً ما، ويعتقد البعض انها «أرض الميعاد».
وفي حين أن أتلانتس قد تكون الحضارة المفقودة الاكثر شهرة إلا أن «هاي – برازيل» موثقة بشكل أفضل، وهناك الكثير من الروايات لشهود العيان الذين رأوها هناك بين الضباب.
وتلك الأسطورة كانت تنتقل عبر الإجيال من نهاية العصر الجليدي، عندما كانت مستويات البحر أقل، وربما أصبحت بعد ذلك تحت مستوى سطح البحر، وغرقت إما لكارثة أو بسبب إرتفاع منسوب مياه البحر بعدما ذاب الجليد.