جاءت توقعات بنك المغرب أكثر تشاؤما من جميع الفرضيات التي توقعتها المؤسسات الوطنية والدولية لتطور الاقتصاد الوطني، الذي يرتقب أن يشهد هذا العام انكماشا بنسبة 5.2٪ ، وتدهورا حادا في عجز الموازنة وديون الخزينة، فضلا عن تدهور أوضاع المالية الخارجية للبلاد.
وقرر مجلس بنك المغرب ، بعد خفض سعر الفائدة بواقع 25 نقطة في مارس الماضي، خفضه مرة ثانية بمقدار 50 نقطة أساس إلى 1.5 في المائة، كما قرر تحرير الحساب الاحتياطي بشكل تام لفائدة البنوك، مسجلا أن التوقعات الماكرو-اقتصادية التي أعدها البنك في ظل هذه الأوضاع تبقى محاطة بشكوك كبيرة بشكل استثنائي.
وتوقع البنك المركزي أن يسجل الاقتصاد سنة 2020 على الصعيد الوطني، وبفعل التأثير المزدوج للجفاف والقيود المفروضة للحد من انتشار وباء کوفید-19، أقوى تراجع له منذ سنة 1996، وهي نفس الفترة التي واجه فيها الاقتصاد الوطني ما وصفه الملك الراحل الحسن الثاني ب “السكتة القلبية”. وحسب بنك المغرب، فإن القيمة المضافة في القطاع الفلاحي ستتراجع هذا العام بواقع 4.6 في المائة، مع محصول حبوب قدره 30 مليون قنطار حسب تقديرات وزارة الفلاحة، و ينتظر أن تنخفض في الأنشطة غير الفلاحية بنسبة 5.3 في المائة.
وفي سنة 2021، يرجح أن يرتفع النمو إلى 4.2 في المائة، مع تزايد القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 12.4 في المائة، مع فرضية تحقيق محصول حبوب قدره 75 مليون قنطار، وتحسن وتيرة الأنشطة غير الفلاحية إلى 3.1 في المائة.
وسجل بنك المغرب أن نسبة التضخم، التي تم قياسها بناء على تغير المؤشر الجديد لأسعار الاستهلاك الذي نشرته المندوبية السامية للتخطيط في ماي الماضي، حيث يتخذ سنة 2017 كسنة أساس، قد تراجعت إلى 0.9 في المائة في أبريل، بعد 1.4 بالمائة في المتوسط خلال الفصل الأول من السنة الجارية، خاصة بفعل تدني أسعار المحروقات.
وعلى المدى المتوسط، وفي سياق اتسم بضعف الضغوط التضخمية الناتجة عن الطلب وتدني أسعار السلع الأساسية، يتوقع بنك المغرب أن تظل نسبة التضخم في مستوى معتدل يناهز 1 في المائة في سنتي 2020 و2021 على السواء.
أما التضخم الأساسي، الذي يستعمل لقياس التوجه الأساسي للأسعار، فيرتقب أن ينتقل من 0.5 في المائة إلى 0.8 في المائة في السنة الجارية ثم يتراجع إلى 0.7 في المائة سنة 2021.
ومباشرة بعد اجتماع مجلس البنك المركزي ،عقد والي بنك المغرب، عشية الثلاثاء، ندوة تفاعلية بثتها قناة بنك المغرب ، عبر خلالها عن معارضته الشديدة لأي عملية تستهدف طبع الأوراق المالية، وضخها في السوق المالية المغربية من أجل مواجهة تداعيات جائحة كورونا، معتبرا أن مثل هذه المقترحات تنطوي على مخاطر كبيرة، متعلقة بارتفاع التضخم وامتصاص النقد الأجنبي، وميزان الأداءات، ويمكن أن تؤدي إلى ارتفاع عجز الميزان التجاري الخارجي.
وانتقد الجواهري التحليلات الاقتصادية التي تطالب بطبع الأموال وتريد الحد من استقلالية البنك المركزي، معتبرا أن أصحاب هذه التحليلات يغفلون أمرا أساسيا يتعلق بالأثر السلبي المرتقب للخطوة التي يطلبون تنفيذها على الادخار، الذي تؤدي البنوك فوائده.
وأشار الجواهري إلى أن المغرب سبق وعانى خلال الثمانينيات من أزمة اقتصادية خانقة كان من أوجهها التدبير النقدي، وجعلت البلاد غير قادرة على شراء المواد الأساسية من الخارج، ولا خدمة الدين، فيما احتاج المغرب إلى ربع قرن للتعافي منها، مع الاضطرار لإعمال برنامج التقويم الهيكلي، و الرضوخ لصندوق النقد الدولي، متسائلا عما إذا كان هؤلاء المختصون يفكرون في إعادة التاريخ نفسه.
وفي هذا السياق، أوضح والي بنك المغرب أن عجز الميزان التجاري للمغرب، والذي يبلغ 200 مليار درهم ، سيكون له انعكاس على الادخار الخارجي للمملكة ، مشيرا إلى أن التقويم الهيكلي في الثمانينيات كان سببه فقدان العملة الصعبة لشراء المواد الأساسية والاستثمار و تسديد الدين الخارجي.