من هو الدكتور عبد لله رازق؟
أنا من مواليد سنة 1959 بالدارالبيضاء وتحديدا بدرب الفقراء الزنقة 12، من أسرة تتكون من 4 ذكور و 6 إناث، الوالد حفظه الله، ينحدر من منطقة اولاد سعيد بسطات وتحديدا من»جمعة فوكو»، كان مستخدما بالمكتب الوطني لاستغلال الموانئ، وقد فعل الشيء الكثير من أجل تربيتنا، شأنه في ذلك شأن والدتنا التي كانت ربّة بيت، والتي وافتها المنية سنة 1996، رحمة لله عليها.
متزوج ولي ابنتين، واحدة تدرس الطب والثانية تدرس الصيدلة.
نشأت في بيئة متواضعة بحي شعبي بدرب السلطان، ودرست في ابتدائية محمد بن يوسف «موناستير»، التي لي فيها ذكريات عديدة، هذه المؤسسة التي كان مديرها آنذاك الأستاذ مصطفى يعتة شقيق الراحل علي يعتة، في حين كانت تدرسنا زوجته في المستوى الثالث، وكنا حينها نعتقد بأنها أجنبية إذ كنا نناديها «مدام ياطا»، وكان أحد الموظفين ويدعى بلال مشهورا بقسوته وتكفله بحصص عقاب التلاميذ الذين لايقومون بواجباتهم باستعمال «الفلاقة» التي كنا نتابع أطوارها من الطابق الأول بالمدرسة التي كانوا يجمعوننا به، ونطل إلى أسفل لمتابعة فصول العقاب.
أما مستوى الإعدادي فقد درسته بمدرسة المقاطعة السادسة التي حملت فيما بعد إسم إعدادية التحدي، في حين كانت دراستي الثانوية بثانوية مولاي عبد لله.
كيف جاء اختياركم لدراسة الطب؟
في الحقيقة كنت أود اجتياز مباراة البحرية التجارية، لكن استقر الرأي بعد ذلك على اجتياز مباراة ولوج كلية الطب ومباراة الطب العسكري سنة 1980، وبالفعل نجحت في امتحان الطب، وفي ذلك الوقت حصلت على منحة دراسية لمتابعة دراستي بفرنسا فتوجهت إلى الديار الفرنسية لكنني وصلت متأخرا ثم عدت إلى المغرب ودرست سنة في تخصص البيولوجيا والجيولوجيا، وفي السنة الموالية حصلت على منحة دراسية لمواصلة دراستي بأوكرانيا، التي درست بها الطب، وجاء اختيار طب العيون لكونه يضم الطب العلاجي والجراحي معا، كما شجعني عليه احد الزملاء الذي كان يقطن معي، وكنت أرافقه وأتابع فصول العمل، بعدها حصلت على شهادة المعادلة بمستشفى 20 غشت، وكنت قد قضيت سنتين عن الخدمة العسكرية بتيشلا وهي منطقة أسفل الداخلة.
حدث طبع مساركم؟
التربية التي قدمها لنا والدنا التي تميزت بالتضحية، وهو الذي كان له 12 إبنا وإبنة، وناضل من أجل توفير لقمة العيش لنا ومن أجل تمدرسنا، إلى جانب والدتي، وكذا الدعم الذي قدّمه لي شقيقي الأكبر نورالدين، هي أحداث ستظل راسخة لدي.
الحفاوة التي قدمتها لنا أسرة زوجتي الأوكرانية بأوكرانيا خلال مرحلة الدراسة هناك، في مرحلة لم تكن فيها هناك منحة دراسية.
كذلك هناك علاقتي بأستاذي يوسف زومان بأوكرانيا، وتفاصيل البرد الذي عشته بأوكرانيا مقارنة بحرارة تيشلا، وعلاقتي بصديقي صدوق وأسرته، وفترة التحضير للباكلوريا.
وإلى جانب ماسبق هناك حالات تظل ترافقني لمرضى جاءوا للعلاج، حالات اجتماعية وإنسانية متعددة، والصدى الطيب الذي نتركه في نفوس هؤلاء المواطنين الذي يترجمونه إلى دعوات وشكر نتلقاه بكل اعتزاز، شانهم في ذلك شأن الذين نقدم لهم خدمات في إطار القوافل الطبية والمبادرات الإنسانية المتعددة، التي احرص على المساهمة فيها.
وإضافة إلى ذلك، هناك اللحظات الممتعة التي أقضيها مساء مع حفيدتي الصينية، بالنظر إلى أن ابنتي هي متزوجة من شاب صيني الجنسية، وهو أيضا طبيب عيون، الذي أحاول أن أقدم له المساعدة من أجل حصوله على المعادلة، هذا الملف الذي يعرف بكل أسف تأخرا وتعثرا رغم استيفاء كل الشروط، وبالتالي أجد صعوبة في أن أشرح له كيف أن الإدارة المغربية هي ليست دائما تتميز بالنجاعة بل يعتريها التعثر؟
آخر كتاب اطلعتم عليه؟
الطاعون لألبير كامو، وهي رواية تروي قصة عاملين في المجال الطبي الذين يتآزرون فيما بينهم زمن الطاعون، كتاب قرأته وأعيد قراءته لكونه يغري بذلك، خاصة بالنسبة لي، في الجزء الذي يتحدث عن معاناة طفل وفراق بين شخصين يمتهنان الطب.
إلى جانب ذلك أعكف على قراءة كتاب في المجال الطبي يتطرق للتقنيات الجديدة عن علاج الشبكية والقرنية.
ميولاتكم الفنية والرياضية؟
تعود إلى زمن الباكلوريا، والكلاسيكيات، من أغاني أم كلثوم والجيل الذي رافقها، وعندما كنت في السنة السادسة كنت أعشق السينما وكنت أتردد كثيرا على سينما الكواكب.
أما على مستوى الرياضة، فقد كنت أحب كرة الطائرة، وحاليا أمارس الرياضة الخفيفة بالنادي، في حين وتحت إلحاح إبنتي كنت أصطحبها إلى المقهى لمتابعة مباريات المنتخب الوطني المغربي، إذ كانت تعجبها أجواء التشجيع.
رأيكم في المنظومة الصحية اليوم وفي طب العيون؟
هناك مجهود على مستوى المنظومة الصحية لكن يجب القيام بمراجعة وتكثيف العمل من أجل إنجاح الشراكة بين القطاع العام والخاص، وان تكون العلاقة بينهما علاقة تكامل لا تنافر خدمة للمواطنين، كما يجب العمل وبشكل جماعي على تقوية الثقة بين المريض والطبيب.
بالنسبة لطب العيون فهو جيد في المغرب، وبلادنا تتوفر على الكفاءات المهمة في هذا المجال، وأبرز المشاكل المرتبطة بالعين تأتي من الإصابة بمرض السكري والضغط الدموي. وارتباطا بهذه النقطة، أود أن أنبه إلى بعض الممارسات غير السليمة التي تقوم بها فئة من المبصاريين، الذين يعملون على تمكين المواطنين من نظارات دون وصفة طبية بل ويقومون بشكل أحادي بتغيير قياسات زجاج النظارات بين الفينة والأخرى لنفس الشخص دون الرجوع للطبيب، الأمر الذي أدى إلى إصابة البعض بمضاعفات خطيرة، وهي حالات وردت علينا ووقفنا على حجم الضرر الذي طالها، وبالتالي وجب تصحيح هذا الاختلال وأن يقوم كل بدوره ومهمته الطبيعية وأن نساهم جميعا في الحفاظ على صحة المواطنين وسلامتهم.
كلمة أخيرة؟
شكرا لكم على هذه الاستضافة الطيبة والمجهود الذي تبذلونه في هذا الصدد، وأود تحية أسرتي تحية خالصة، وكل الشرفاء الغيورين على المهنة، وأدعو إلى الحرص على الوقاية باعتبارها خير من العلاج خاصة بالنسبة للمصابين بداء السكري، وأن يهتم الآباء بأطفالهم، والتفكير بشكل جدي في أن يصبح فحص العيون عند الأطفال إجباريا عند سن الرابعة لتفادي مضاعفات تكون وخيمة في حال تقدم السن، إذ يجب الانتباه إلى أن الأطفال تكون عندهم عين كسولة، ولا يتم الانتباه إليها، والحال انه إذا كان هناك فحص مبكر يتم تفادي الكثير من التداعيات.
اختصاصي في أمراض وجراحة العيون، طبيب عسكري سابق بالقوات المسلحة الملكية