عاشت بلدة تونفيت، إقليم ميدلت، خلال الأسابيع الأخيرة، على إيقاع سلسلة من الاحتجاجات الشعبية، وفي كل مرة تصدح حناجر المحتجين بشعارات منددة بمظاهر الحكرة والتهميش والإقصاء الذي طال المنطقة منذ عقود، ومطالبة بالعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية ومحاسبة المفسدين بالمنطقة والدواوير المحيطة بها، والتأكيد على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية العادلة والمشروعة، وتقوية البنى التحتية والخدمات الأساسية، والحد من نزيف الاستنزاف والتخريب الذي تعرفه الثروة الغابوية، ومعالجة التسيير السيئ الذي تعاني منه أمور الشأن العام وأحوال الساكنة، مع احتواء مظاهر تفشي البطالة والفقر والأمية، بالإضافة للمطالب الداعية لوضع حلول عاجلة وشافية لمعضلات كثيرة تتخبط فيها المنطقة، وفي كل المرات يطالب المحتجون بتدخل ملك البلاد، ويعلنون عن مواصلة كل الأشكال النضالية السلمية حتى تحقيق المطالب وتحسين الأوضاع.
ومن خلال ورقة حصلت عليها “الاتحاد الاشتراكي”، فقد أعرب المحتجون في أكثر من محطة عن سخطهم الشديد حيال واقع البنية التحتية المهترئة والطرق والمسالك المتردية، والأيادي المشبوهة التي تسعى بكل الأساليب للإبقاء على المنطقة حبيسة نزواتهم الضيقة، سيما بعد الزيارة الملكية عام 2007 التي استبشرت الساكنة، من خلالها، خيرا وانتظارا لتغيير شامل، وعقب الحراك الذي عرفته مناطق البلاد، التأمت عدة فعاليات محلية في إطار “تنسيقية ضد التهميش والحكرة” عملت على تسطير برنامج نضالي غايته إعلاء صوت الساكنة ومطالبها بالحد من الدمار الغابوي بالمنطقة، ومساءلة ومعاقبة رؤوس مافيا شجر الأرز، وتخليف ما سقط من هذا الشجر بغرس أخرى تحت إجراءات المراقبة والتتبع، ومن المطالب المرفوعة التشديد على ضرورة توفير شاحنة لنقل الأزبال وحاويات خاصة، وما يكفي من عمال النظافة، وإحداث مطرح للنفايات في إطار حماية البيئة.
وعلى مستوى التجهيز، طالب المحتجون، وفق لائحة المطالب، بالتدخل لإصلاح وترميم الطريق الرابطة بين تونفيت وبومية، ووضعها تحت إشراف لجنة للتتبع والمراقبة، وتعبيد طريق أدعداع، وإصلاح القنطرة، ثم إصلاح الطريق الجهوية الرابطة بين تونفيت وأغبالة، عبر جماعة سيدي يحيى أويوسف، وكذلك الطريق الرابطة بين تونفيت وإميلشيل نظرا لأهميتهما القصوى في الدفع بقاطرة التنمية بالمنطقة، والعمل الفوري على تعميم الإنارة العمومية بجميع أزقة البلدة، وتبليط مختلف الأحياء، دون تمييز أو محسوبية أو انتقامات انتخابوية، علاوة على ربط كافة المنازل بشبكة الصرف الصحي، وإصلاح أسوار المقابر، وإنشاء قنطرة بمنطقة تاغوشت.
أما على المستوى الصحي، لم يفت المحتجين ضمن لائحة مطالبهم، التشديد على ضرورة إحداث مستوصف محلي بشروط ومعايير مناسبة ومقبولة، وإعفاء المواطنين من فاتورة سيارة الإسعاف، وتعميم استفادة المواطنين بالأدوية التي توفرها وزارة الصحة، ومحاكمة كل من يقوم استغلالها بالبيع، أو يقوم بتوزيعها بمنطق الزبونية خارج ضوابط المساواة، مع القضاء على مظاهر التسيب المعروفة بالمركز الصحي الحالي.
وبخصوص ما يتعلق بقطاع الثقافة، ألح المحتجون على إحداث خزانة عمومية، وإنشاء مركب ثقافي، وتفعيل دار الشباب ومركب التكوين المتواجد بالحي الإداري، بينما وضع المحتجون مطالب أخرى فيما يخص الجانب الاجتماعي، ومن ذلك الاهتمام بالحاجيات الأساسية لذوي الاحتياجات الخاصة، وتوفير مناصب الشغل للشباب والعاطلين عن العمل، مع إحداث ملعب جماعي بمواصفات حقيقية وملاعب للقرب، كما تناولت باقي المطالب تحسين خدمات الجماعة القروية، وتعزيز أواصر التواصل مع الساكنة والفعاليات المحلية، والعمل على إيفاد موظف آخر لوكالة البريد، وتوفير سيارة لنقل اللحوم، وتوفير الدقيق المدعم للساكنة بكميات كافية، إلى جانب توفير الأمن الذي يحفظ سلامة وحياة الساكنة بعد استفحال أعمال السطو على عدد من المنازل.