إدوارد سعيد فى دفاعه عن الإسلام
عام 1981م أصدر إدوارد سعيد كتابه المهم «تغطية الإسلام» وهو الكتاب الذى عده الجزء الثالث من نظرية الاستشراق التى ابتدعها لتتناول العلاقة بين الشرق والغرب، فبدأ نظريته بكتاب «الاستشراق»، ثم تلاه بكتاب «المسألة الفلسطينية»، ليكون هذا الكتاب هو الجزء الثالث الذى يوغل فيه من أجل تأمل العلاقة المتوترة بين الشرق الضعيف دائما، الأسطوري، المنقلب، المتفجر بالإرهابيين، وبين الغرب الأقوى، المتحضر، المتحقق، ذى العقلية المنظمة، وربما كانت هذه المفاهيم هى لب نظرية الاستشراق التى ذهب إليها سعيد، وهى التى تُعطى الغرب دائما الحق فى التدخل فى شئون الشرق الأسطورى الضعيف.
يقول سعيد فى كتابه: «سواء قرأت رواية حديثة هلل لها النقاد مثل رواية «منحنى فى النهر» التى كتبها ف. س. نايبول، ومثل رواية «الضربة الرابحة» التى كتبها جون أبدايك، أو كتب التاريخ المدرسية، أو القصص المرسومة بالكاريكاتير، أو مسلسلات التليفزيون، أو الأفلام أو الرسوم الكاريكاتيرية، فسوف تجد التصوير الذى لا يختلف أبدا للإسلام، وتحس وجوده دون تغيير فى كل مكان، وترى أنه يستمد مادته من نفس الصورة القديمة التى ثبتها الزمن للإسلام، ومن هنا جاءت الصورة الكاريكاتيرية المتواترة للمسلمين باعتبارهم موردين للنفط، وإرهابيين، وأخيرا باعتبارهم جماهير غوغائية متعطشة للدم، وعلى العكس، لم تُفسح الثقافة الأمريكية بصفة عامة، ولم يُفسح الحديث عن غير الغربيين بصفة خاصة، مساحة تُذكر للحديث أو التفكير، ناهيك عن رسم صورة للإسلام أو أى شيء إسلامى بتعاطف وود، ومن المحتمل أنك إذا سألت أحدا أن يذكر اسم كاتب إسلامى يعرفه، أن تلتقى معظم الإجابات حول خليل جبران- الذى لم يكن إسلاميا- وأما الخبراء الأكاديميون المتخصصون فى الإسلام فقد دأبوا على تناول هذا الدين وشتى ثقافاته فى إطار أيديولوجى اخترعوه، أو حددت الثقافة صورته، فامتلأ بالانفعال، وبالتعصب المعهود فى الدفاع النفسي، وأحيانا بالنفور، وهذا الإطار هو الذى يجعل تفهم الإسلام مهمة بالغة الصعوبة».
من خلال هذا المقطع الطويل نسبيا من كتاب «تغطية الإسلام» يؤكد سعيد أن الغرب يعمل دائما على تنميط المسلمين فى صورة الإرهابيين المتعطشين للدماء، وبالتالى سترى هذا فى كل وسائل إعلامهم، وفى أفلامهم، والكاريكاتير الساخر، ومن هنا يكون الغرب لاسيما أمريكا قد وضع كل وسائل الميديا الحديثة، ووسائل إعلامه من أجل تكريس مفهوم الإسلام العنيف؛ كى يكون هناك حالة دائمة من العداء تجاه المسلمين، ومن ثم الشرق الذى هو مهد هذا الدين الحسى الذى لا يعنيه سوى مضاجعة النساء، والمتعطش للدماء دون سبب – كما يراه الغرب – فى مقابل الغرب المثقف، المعتدل.