تجاوزات فادحة بكلية الآداب عين الشق تمس بمصداقية التعليم العالي ببلادنا
وجه حسن حلمي، أستاذ بكلية الآداب عين الشق (جامعة الحسن الثاني)، رسالة مفتوحة إلى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، في شأن الخروق والتجاوزات التي شابت امتحانات الفصل السادس في شعبة الدراسات الإنجليزية. هذا نص الرسالة:
“معالي الوزير،
تحية واحتراما. وبعد، أودعت لدى مصالح وزارتكم، بتاريخ 31/7/2017، رسالة مرفقة بملف موثق يلقي الضوء على مختلف الخروق والتجاوزات التي شابت امتحانات الفصل السادس في شعبة الدراسات الإنجليزية، كلية آداب عين الشق، جامعة الحسن الثاني. وقد حاولتُ أن أوضح بأن تلك الخروق والتجاوزات تنال من مصداقية الجامعة وتجعل الامتحانات المذكورة عرضة للطعن.
وسأُذكّر هنا، في إيجاز، بمراحل الموضوع. بعد أن أجريت الامتحان النهائي في الوحدة 65 (الفصل السادس)، لفت انتباهي أن ما يقرب من ثلث الطلبة المسجلين في المجموعة التي أدرسها كان غائبا. وبعد التحري عن الموضوع، اتضح لي أن الطلبة الغائبين قد فضلوا تغيير المجموعة دون أن يقوموا بأي إجراء إداري يثبت أنهم فعلا انتقلوا إلى مجموعة أخرى. وفي 26/5/2017 قابلت السيد رئيس الجامعة بحضور عضوين من المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم العالي لأنبه إلى ما في ذلك تجاوز. وكان السيد الرئيس متفهما للموضوع ومتفقا مع موقفنا، ووعد أن يتصل بالسيد عميد الكلية لينبهه، ويحثه على عدم السماح للطلبة الغائبين باجتياز الامتحان. غير أن السيد العميد فضل تجاهل تدخل السيد الرئيس، وسمح للطلبة المذكورين باجتياز الامتحان في مجموعة لم يكونوا في الأصل مسجلين بها، بل تمت إضافة أسمائهم إلى المحاضر المطبوعة، في تحد سافر لكل القوانين المنظمة. وعندما عبرتُ عن تحفظي على ما قامت به الإدارة، تقرر في البدء اعتبارهم غائبين، وتم إعلان النتائج دون إعلان أسماء الغائبين بين الناجحين. ولكني علمت في مرحلة لاحقة أن السيد العميد استصدر قرارا من لجنة كونها هو يقضي باعتماد النتائج المفتوحة للطعن. واتصلت فورا بالرئيس مصحوبا بالسيد الكاتب العام للمكتب الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم العالي، وبعد مناقشة الموضوع، أخبرنا السيدُ الرئيس بأنه سيراسل السيدَ العميد. ويبدو أن ذلك أقنع السيد العميد بسحب قراره وعدم تغيير النتائج. واعتبرت الموضوع، بعد ذلك، منتهيا؛ ولكني فوجئت بعد بضعة أيام بتغيير نتائج ثلاث طالبات فقط من بين مجموع الطلبة الغائبين. واتصلت فورا، بالإدارة وطالبتها بإلغاء هذا التغيير ففعلت. وفوجئت بعد ذلك بمجموعة من الطالبات يخبرنني بأنهن عرضن المشكل على السيد العميد بحضور السيد الكاتب العام وتم وعدهن بإنجاحهن إن هن حصلن على موافقة خطية مني. وراسلت السيد العميد ملتمسا منه أن يؤكد لي أو ينفي ذلك، ولم أتلق منه لحد الآن أي رد في الموضوع. ويبدو أن خمس طالبات (واحدة منهن غير معنية بالموضوع)، ومعهن طالب واحد، قررن الاعتصام في بهو مكتب العميد، احتجاجا على ما اعتبرنه ظلما في حقهن. وبعد يوم واحد انسحبت كل المعتصمات باستثناء طالبة يبدو أن لديها جنسية أسترالية ظلت معتصمة لما يفوق خمسة أيام. وحصلت أثناء ذلك أحداث مؤسفة لا داعي للخوض فيها هنا. وقد كتبت السيدة الأسترالية الجنسية رسالة تظلم إلى السيد رئيس الجامعة نشرتها في وسائل التواصل الاجتماعية، تعرض فيها حالتها، وتتهم الإدارة بأنها حاولت أن تساومها عارضة عليه أن تعيد الامتحان فقط في المادة التي أدرسها في حضوري أو غيابي، أي بتكليف أستاذ آخر، بل ذهبت الإدارة، حسب رسالة المتظلمة، إلى حد أن عرضت عليها أن تبعث الامتحان بالبريد الإلكتروني! وأظن أن ما ورد في رسالة المتظلمة من اتهامات بالرشوة والفساد كفيل بتحريك الدعوة العمومية.
وقد استدعاني السيد الرئيس مؤخرا (2/8/2017) للتشاور في الموضوع. وكان اللقاء بحضور السيد الكاتب العام للمكتب الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم العالي ولا أخفيكم بأننا تفاجأنا معا من تغيير السيد الرئيس لموقفه، إذ أخبرنا بأنه ينوي اعتماد النتائج ونشرها بدعوى إنصاف الطلبة. وقد أوضحنا للسيد الرئيس أننا لسنا ضد إنصاف الطالب، ولكننا متشبثون أولا بتعيين لجنة تحقيق تتقصى هذه النازلة وتحدد المسؤوليات، وذلك من أجل تحقيق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، ومن أجل عدم تقنين الفوضى، وعدم إتاحة الفرصة لكل من يريد أن يتغاضى عن تجاوزات فادحة تمس بمصداقية التعليم العالي ببلادنا.
وإني لأناشدكم، معالي الوزير، أن تولوا هذا الموضوع ما يستحق من اهتمام.
وتقبلوا فائق الاحترام والتقدير.”