الفنـان نـورالـديـن بن كـيـران .. من المسرح إلى السينما فيلم «الهايم» مشاهد قيامية وعذابات بشرية بحجم المدى

أشباح لا تعرف الرحمة، تطارد تعذب تدفن تقتل في الإنسان طفولته، تنكل منه الجسد المكبل بالأغلال تدهس قبره، ترقص في ابتهاج وهي تغتال ذاكرته وسط الزحام.
هذا كل ما تستطيع الذاكرة تخزينه من خلال مشاهدة ” ترايلر” إشهاري للفيلم القصير” الهايم” الذي يستعد مخرجه نور الدين بن كيران للعرض الأول بإحدى القاعات السينمائية بتازة.
فيلم الهايم THE ROAMER يعتبر باكورة الإنتاج السينمائي لرجل تشبع المسرح حتى النخاع. وخلال هذه التجربة وحتى يؤمن وصول رسائله الواضحة والمشفرة إلى جمهوره، يكشف نورالدين بن كيران حجم الجهود المبذولة فنيا،ويسعى بجد إلى إبرازبعض الطاقات السينمائية الشابة التي أبدت قدرة فائقة على التكيف الجسدي والتعبيري مع الفصول ، ونجحت في تقمص مختلف الأدوار وأدائها بنجاح يذهل المكان قلعة، في جزيرة من عالم من النسيان، وسط مقبرة للغرباء، ثمة رفات بشر، جماج ممفككة وعظام حيوانات منثورة هنا وهناك، حين يعلو أنين رجل قادم من الالتباس. صوت أنفاس القادم الهائم الغريب منهوكة متعبة مفككة تمتزج مع صفير الريع الذيتؤججه زوابع رملية خفيفة تارة وقوية مزمجره أخرى فتزوبع الأنفاس وتطوح بها بعيدا، حيث لا ذاكرة، فقط عوالم مفككة من التوجسات والأنين الملتاع ..هنا يقطن الغريب، حيث تموت الإنسانية في الإنسان، تاركة وراءها خيطا من نار ودخان، ثم أطياف خراب ولا حياة . أهي البدايات ؟ أم طفولة جسدإنساني يبحثعن ذاكرة افتقدها ويمعن في تفقدها بيأس الهائم وانتظاراته وسط متاهات تراجيدية مؤثثة بالحرب والدمار والخراب؟ لكنها صرخة مسموعة تستنجد عالما نسي أو تناسى بهاء النور وضياء الحق و فضيلة العدل والسلام.هنا ينتفض الهائم غريبا بلا خرائط ، يمضى إلى حال سبيله بلا عودة نحو الرذيلة والخطيئة، ليس لأنه ولد في عالم لا يفهم ولايدرك معنى الأمل والحب والسكينة. بل لحكمة وطبيعة الزمان الذي تدور فيه الوقائع القيامية التي تضمن شراء السم بنصيحة عدم تجرعه. صرخة أراد لها المخرج أن تشكل الفصل الأخير والمثير لذاكرة جار التحضير لاغتيالها بنجاح تام وسط الأضواء الكاشفة والأنوار المتراقصة وزحام الالتباسات الماكرة . لتبدو القصة وهما في نهاية المطاف ليس لها بداية وليس لها نهاية أيضا.
وسط هذه الأجواء القيامية الملتاعة الجارفة، فقط، حين يتناسى العالم أن – الهائم – لامحالة راجع حالم عائد لعالم كله حب وسلام، عاد في مهمة بعثية ليحيي الضمير وليعطي الإنسانية المعنى الحقيقي التي من أجلها ولد الإنسان. يشرع الشيخ في تدوير الطاحونة الأرضية المؤثثة بروث الحيوانات ووحل أحمر تكلس جراء شمس لاهبة بعد التساقطات الماضية يدور وهو حافي القدمين يحمل نعليه في وسطه بحبل. ما يحيل على التباس جديد أشد وأقوىمن سابقه. فيناجي الهائم نفسه” أنا ماض في سبيلي دون عودة للرذيلة،ولدت في عالم لا تفهمونه، لاتدركون معنى الآمل والحب والسكينة، أنا ماض في سبيلي دون عودة للخطيئة.”
وقال مخرج الفيلم نور الدين بن كيران أن اشتغاله على العمل السينمائي الجديد ” الهايم ” العمل فاق السنتين ، وأضاف خلال اتصال هاتفي للجريدة أن ولوج عالم السينما منبوابة المسرح ليس بالسهل ، لأن ركوب أمواج العمل الفني الجيد وغير المستهلك يوصل المتلقي الذكي إلى بر الأمان ويمنح ثقته للعمل يجعل المخرج مكانة محترمة من قبل جمهوره.
وأضاف ” أنه بهذا السناريو أراد أن يوجه بعض الرسائل منها البحث عن متلق ذكي يبحث عن الجودة في المضمون من خلال تفاعله عبر آليات تحليل مكتسبة وليؤكد من ناحية ثانية أن المشاهد العربي جدير كي يتفاعل مع المواضيع ذات الطابع الغرائبي الفانتازي بوعي متقد و بلغة الضاد – ولذلك تم انتقاء مناطق وطبيعة ملائمة للنص . فتضاريس مدينة تازة سينيمائيا ، حسب المخرج توحي وتضاهي أحسن الجهات في مجال التصوير السينمائي، كما أن بالمدينة كفاءات وطاقات إبداعية لم تأخذ حقها في البروز بما يكفي في جميع المجالات خاصة الحقل السينمائي.
وفيلم ? الهايم – هو إنتاج ذاتي دجنبر 2016 لم يتلق مخرجه وفريق العمل دعما من أية جهة..، وعن ظروف التصوير قال نور الدين بن كيران رغم بعد أماكنها بعض الشيء فقد تم اختيارها بفضل غناها وتنوعها وكلها في ضواحي مدينة تازة، هناك بعض الأماكن تأكد أنها رائعة للاشتعال لكنها بعيدة وتتطلب إمكانيات مادية ولوجيستية لم نتمكن من توفيرها. فكان الاشتغال بشغف وحب واندفاع الهاويلكن بمنطق العمل الاحترافي حيث البرمجة والتهييء الجيد في كل مراحل التصوير بعيدا عن الضوضاء والارتجال. واعتبر المخرج كل مراحل التصوير بمثابة ورشات للشبان الجدد لأن الحكامة والتسيير والنظام هو أساس نجاح كل عمل.
وعلى الصعيد التقني استغرق إنتاج فيلم الهايم 7 أشهر من العمل الصعب والمضني، لكن الممتع مدته ساعة ودقيقتان وسيعمل لإخراج نسخة ثانية قصيرة المدة 18 دقيقة، حيث سيتم العرض ما قبل الأول يوم 12 غشت بمقر غرفة التجارة والصناعة والخدمات بتازة باسم نادي المسرح والسينما بتازة الحاضنة للعمل . كما تمت دعوة العديد من الفنانين المغاربة وكذا مجموعة من النقاد والجمعيات المهتمة والصحافة المحلية والوطنية والالكترونية وجمهور عاشق للفن السابع بالمدينة، حيث الإجراءات جارية مع الجهات المختصة لتراخيص العرض يوم 13 غشت بساحة 20 غشت ( حديقة البلدية) وسيعرف اليوم الأول والثاني ورشات تكوينية في مجال التصوير والمونتاج من طرف أستاذة محترفين في المجال لفائدة شباب المدينة.
الفيلم من بطولة : نورالدين بن كيران – سمية الفائز- حسن الفائز- خالد البقراوي- عبد الرحيم وهاب – عزيزة امزيان- ايمان القرموني -ايمن العلوي -جلال الدين مطالسي- رضا الغنامي- عبد اللطيف الجزاري. تمثيل : كريم اليابوري – ايلى امزيان-مطالسي-اسماعيل اليوسفي- عبد الرحمان زروال- بدر بن داود- ماجدولين كحيحلي – هند صبحي- مرجانة- بلال امزور- امين جلولي – واطفال جمعية ازداد للتيكواندو بتازة.
الهايم قصة وسيناريو وحوار الفنان المقتدر: نورالدين بن كيران
إخراج : الفنان المقتدر نورالدين بن كيران
مخرج منفذ : عبدالرحيم وهاب
مدير التصوير : Rabie Atlas ربيع أطلس
كاميرامان : يونس الرطيبي، كريم هرنان، ربيع أطلس،
عبدالرحيم وهاب
مهندس الصوت ومونطاج : كريم الهرنان
ديكور واكسسوار : رشيد العليلي
المخرج نور الدين بن كيران أصر على توجيه الشكر الجزيل لجريدة الاتحاد الاشتراكي صوت الفنانين والغيورين والمثقفين في هذا البلد .


الكاتب : عزيزباكوش

  

بتاريخ : 08/08/2017