قاربت ندوة فكرية نظمت، يوم الجمعة الماضي بورزازات، في إطار الدورة السادسة للمهرجان الوطني لفنون أحواش، موضوع» أحواش بين الإبداع والتأصيل» باعتباره ممارسة فنية جماعية أنتجها وسط طبيعي وثقافي واجتماعي.
وتطرقت هذه الندوة، التي عرفت مشاركة باحثين ومختصين في الشأن التراثي، إلى التحولات التي طرأت على هذا الفن وخصوصياته وكيفية المحافظة على هوية هذا الشكل الفني الذي يعد تشكيلة فنية تتكون من بناء إيقاعي ورقص جماعي.
وأبرز إبراهيم أوبلا، باحث في الثقافة الأمازيغية، في مداخلة حول «التميز والتثاقف في فنون أحواش»، مميزات هذا الموروث الثقافي الأمازيغي على مستوى النظم الارتجالي واستعمال لغة بليغة في الصياغة والمضامين ومناطق ممارسة هذا الفن في مناسبات اجتماعية وبعض المواسم والأعياد، بالإضافة إلى مجالاته الجغرافية إذ لكل منطقة نوع معين من أحواش، مشيرا إلى أن هذا الفن كإحدى التعابير الفنية التقليدية يعتمد على ثلاثة مرتكزات تهم الكلمة والصوت والحركة.
واعتبر الباحث أن كل فن من الفنون يتطور من داخله وذلك لمواكبة مستجدات العصر مع الاحتفاظ ببعض الثوابت والخصوصيات، وأن التميز والتمازج الثقافي حاصل في فن أحواش، ذلك أن لكل منطقة أحواش خاص بها، مبرزا أن عوامل التميز تكمن على المستوى السيكولوجي بغرض المحافظة على الهوية والانطواء الثقافي لكل قبيلة وكذا اللغة السائدة من حيث استعمال معجم لغوي معين والمناخي الطبيعي وأنماط العيش السائدة.
وبعد أن أكد أن مؤشرات التميز في فنون أحواش تبرز من خلال الأدوات التعبيرية، فالشاعر يستعمل لغته الموروثة (التراكيب النحوية والأصوات الإملائية والنغمة والإيقاع والتعابير والحركات الجسدية)، تطرق الباحث الى قضية التأثير والتأثر في السلوكات الثقافية فيما بين اللغات العربية والأمازيغية والأوروبية مما يخلق نوعا من التثاقف على مستوى الفنون الإبداعية والتمازج على مستوى الايقاع والتعابير الجسدية.
من جهته، تطرق الباحث في الثقافة واللغة الامازيغية رشيد أوبغاج إلى فن تارحالت الذي يعد من بين الفنون التي قلما كتب عنها، معتبرا ان احواش تارحالت الذي يرتبط بالرحل كاحتفال جماعي متناسق شهد عدة تطورات بحكم المتغيرات الثقافية.
وقال الباحث، في هذا الاطار، إن أحواش تارحالت يجمع بين الكلمة المعبرة والرقص وليس فيه مكان للآلات الموسيقية وهو يضطلع بدور اساسي في الحفاظ على بنية ووحدة القبيلة، مضيفا ان التعابير في هذا الفن تبرز على مستوى التعبير بالكلمة الموزونة والصوت والنغمة والحركة (اليدان والرجلان).
واعتبر ان هذا الفن، الذي يعد موروثا تراثيا يتميز عن باقي الفنون على مستوى طقوس الممارسة من حيث اللباس والزمان والمكان واستعمال الرمزية الشعرية والجمهور، بدأ يفقد بعضا من اصالته وخصوصياته ووظيفته الاجتماعية بحكم المتغيرات الثقافية والتلاقح الفكري.
ويشكل المهرجان الوطني لفنون أحواش، الذي تنظمه وزارة الثقافة والاتصال – قطاع الثقافة على مدى ثلاثة أيام تحت شعار «فنون أحواش في خدمة التنمية»، مناسبة للاحتفاء بفنون أحواش بالجنوب الشرقي كفن من أعرق الفنون التراثية الذي يستوجب الرعاية ورد الاعتبار والتثمين عبر التعريف به وبمكوناته وتكريم أعلامه وتسويقه، واطارا لشحذ الخبرات المختلفة وحشدها حول المشروع الواسع لتوثيق هذا الفن وانعاشه واحياء عناصره المهددة بالاندثار والسماح باستمرار أصالته تلقائيته.
(و.م.ع)
ندوة بورزازات تقارب فنون أحواش بين الإبداع والتأصيل
بتاريخ : 15/08/2017