قبل سنوات عديدة، لم يكن الشباب المغربي يجد نفسه في دساتير المملكة وحتى بالنسبة إلى الترسانة القانونية لم تنزل كما أرادها؛ ترسانة قانونية تؤسس إلى تعاقد اجتماعي شبابي، وترسم معالم السياسة العمومية في مجال الشباب.
لقد حركت احتجاجات الشباب المغربي المياه الراكدة ، وتتبعنا في تلك المرحلة الصعبة كيف رد الخطاب الملكي ل 9 مارس 2011 الاعتبار للشباب المغربي وجاء بعد ذلك الدستور المغربي الذي يشكل وثيقة “التعاقد السياسي الجديد” لكل الفاعلين، من خلال ترسيم عدة آليات سياسية وترافعية جديدة يجب العمل على تتمة أجرأة عملها كما جاءت في الدستور المغربي. وما تواجد الشباب اليوم من خلال الفصل و33 وأيضا فصل 170 من هذه الوثيقة الدستورية سوى تأكيد على مدى الاستعداد السياسي لجل الفعاليات لإعادة الثقة لهذه الفئة، خصوصا أن المغرب يعرف بهرم سكاني شاب، وهذا ما اتضح من خلال خطاب تقديم الدستور، والذي أكد فيه الملك على الدور الذي يجب الاضطلاع به لما يحتله الشباب كشريحة مهمة في المجتمع. ولأن الشباب المغربي إذا أتيحت له الفرصة، فهو قادر على لعب أدوار طلائعية على مستويات رفيعة جدا، سواء على المستوى الوطني أو الدولي. فوسط التراكمات التي يعيشها المغرب من تحولات وتطوير للآليات الوظيفية للاشتغال، سواء السياسية منها أو الاقتصادية يبقى دور الشباب فاعلا رئيسيا في رسم السياسات العمومية للدولة.
قد نقول أن المعركة الأولى للشباب المغربي قد تحققت، لكن في المقابل يبقى الكثير من العمل لجعل آلية المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي تؤسس لفضاء تشاركي يعمل على وضع سياسة وطنية مندمجة/ فوق قطاعية للشباب المغربي بمشاركة مختلف الفاعلين ومأسسة العمل الجمعوي الذي يتخبط في ارتجالية دائمة تعيق التنمية المحلية والوطنية، اللهم بعض التنظيمات التي تخطت بتوجهاتها العمل العشوائي.
إن دور المؤسسات الآن، وهي تضع نصب أعينها الشباب المغربي، هو العمل على تحقيق ملموس للدستور من خلال إعداد ترسانة قانونية واضحة قادرة على تفعيل دور الشباب كقوة اقتراحيه في صياغة القرار و المساهمة بفعالية في البناء الديمقراطي والعمل على وضع مساطر جدية للنهوض بقضايا الشباب و تعزيز مشاركته الإيجابية و المسؤولة وترسيخ ثقافة التطوع لديهم وتعميم النقاش العمومي في أوساط الشباب المغربي؛ وكذا تربية الشباب على قيم المواطنة و قيم التسامح والمسؤولية والموضوعية و إشاعة ثقافة احترام حقوق الإنسان. لذلك يعيش المغرب اليوم وسط تحد كبير لمعالجة قضايا واهتمامات الشباب، وندرك أنه تمكن من تحقيق جزء من المطالب الشبابية والمدنية، وبقيت أخرى تنتظر النضال الديمقراطي من أجل كسب الرهان. فالاختيار الوطني الذي يسير عليه المغرب بتدرج نحو إعداد قيادات شبابية قادرة على نشر الوعي بين الشباب حول مجمل التحديات التي تواجههم وكيفية التعامل معها وفقًا للمصلحة العامة، يعطي الأمل في المشاركة السياسية للشباب، ومما لاشك فيه، فوجود مؤسسات استشارية داخل الدستور الجديد، سيجعل النظام السياسي بشكل عام يعمل على الدفع قدما نحو تخليق الحياة العامة، وتفعيل الآليات الكفيلة بمحاربة الفساد واقتصاد الريع وكل الأشكال والسلوكيات المخلة للقيم الوطنية التي تجعل الشباب في حيرة من أمره وغير واثق بالممارسة السياسية. وحتى لا نحمل المسؤولية فقط لمؤسسات الدولة وكوادرها؛ فالشباب أيضا يجب أن يتحمل المسؤولية التاريخية في المساهمة في تغيير الواقع ليس بمنطق إقصائي في التعاطي مع المعطيات الدستورية، ولكن بمنطق واقعي يؤسس لوعي المجتمع بضرورة إتاحة الفرصة للشباب المغربي، لأن الرهان المستقبلي بين أيدي المكونات الشبابية للمساهمة في بناء مغرب الديمقراطية والتعددية الثقافية والمواطنة المشتركة.
إن الوضع الراهن يضعنا أمام خيارين، أولهما واقعي وموضوعي، يجعل من مكون الشباب لبنة أساسية في هندسة السياسات العمومية، لان الشباب يعيش مرارة “الحكرة” بمفهومها الاجتماعي والسياسي، ويعاني التهميش ويشكو من البطالة ويتخبط في منزلقات التربية والتكوين…وأما الخيار الثاني، فهو سياسة الترقيع التي تهرب إلى الأمام وتنظر إلى تطلعات الشباب كأنها قنبلة موقوتة يمكنها أن تؤرق الفاعل السياسي الحزبي…
لقد كانت تطلعات الحركة الشبابية على المستوى المؤسساتي هي دسترة مجلس وطني للشباب، والآن تطلعات الشباب هي وضع ترسانة قانونية تؤسس لتعاقد اجتماعي-سياسي شبابي جديد، يريدها بالشباب مع الشباب ومن أجل الشباب. إن الشباب يريد من هذه الآلية أن تستجيب لتطلعاته وأن تكون قادرة على وضع هندسة سياسية شبابية متكاملة من داخل السياسات العمومية للدولة، وذلك لطرح بدائل قابلة للتحقيق على مستوى المشاركة السياسية للشباب والتشغيل والتكوين.
بعد إحالة الحكومة لمشروع قانون رقم 89.15 المتعلق بالمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي على مجلس النواب يوم الاثنين 25 يوليوز 2016 وبعد المصادقته على المشروع في جلسة عامة يوم الاثنين 24 يوليوز، بالأغلبية، والذي حظي بتأييد 110 نواب، وامتناع 49 نائبا عن التصويت، مع تسجيل غياب 231 نائبا برلمانيا، والذي حمل في بنوده سلبيات وإيجابيات، حاولت من خلال كتابي الجديد “الشباب المغربي والمشاركة السياسية” الذي صدر لي مؤخرا، تسليط الضوء على موضوع المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي ومحاولة إشراك الفعاليات الشبابية في صنع المجلس الذي يريدون، لذلك قمت باستطلاع للرأي شمل 517 شابة وشاب طرحت عليهم 24 سؤالا مرتبطا بالمجلس وأهدافه وتشكيلته وجاءت الأسئلة على الشكل التالي:
هل لديك فكرة عن المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي؟
هل لديك فكرة بالمجالس الشبابية السابقة في المغرب؟
إذا كان الجواب نعم أذكر أمثلة عن هذه المجالس؟
هل لديك فكرة بتواجد مجالس شبابية عبر العالم ؟
إذا كان الجواب نعم، أذكر ثلاثة أمثلة؟
فيما يخص عضوية المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، هل تقترح أن يكون مؤلفا من المنظمات الأعضاء أو الأفراد؟
كم العدد الذي تقترح ليكون في عضوية المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي ؟
هل أنت مع تحديد سن العضوية في المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي
هل تتفق مع تشكيل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي في قطاعين: قطاع الشباب وقطاع العمل الجمعوي؟
هل تتفق مع فكرة المناصفة في طريقة تشكيل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي؟
إذا كان الجواب لا، ما هي نسبة الإناث ونسبة الذكور:
ما هي الجهات التي تراها مناسبة للتمثيل داخل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي:
ما هي المهام التي يمكن أن يقوم بها المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، حسب الأولوية؟
ما هي التحديات والصعوبات التي ستواجه اشتغال المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي؟
ماهي الفعاليات والمنظمات الفاعلة التي ترافعة وضغطة من أجل تأسيس مجلس الشباب؟
من وجهة نظرك، هل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي يمكنه أن يعبر عن أفكارك ؟
ما هي الآليات التي يمكن أن يعتمد عليها المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي للتأثير على صناعة القرار ؟
هل سيلعب المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي دورا في الرفع من ميزانية الشباب من الميزانية العامة للدولة ؟
هل أنت مع استقلالية المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي؟
هل تعتقد أن المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي يمثلك أو فقط يمثل الأعضاء المنتمين إليه؟
هل تظن بأن المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي قادر على الترافع في قضايا الشباب ؟
هل تعتقد أن المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي بإمكانه أن يلعب دورا في القضية الوطنية والديبلوماسية والتعاون الدولي؟
هل سيتمكن المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي من إشفاء غليل مطالب الحركة المدنية الجمعوية والشبابية؟
ما هي مجالات العمل الثلاثة التي تقترح أن يتدخل فيها المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي التي تمثل أولوية ؟
كم سنة تقترح لولاية المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي ؟
ما هي المبادئ التي يجب أن يتبناها المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي ( اذكر ثلاثة مبادئ على الأقل )
هل تتفق مع ضرورة تشكيل لجان جهوية ومحلية للمجلس؟
التعريف بعينة البحث:
عينة البحث ملأت الاستمارة بشكل عشوائي، وهي عينة حصر عددها في 517 تتراوح أعمارهم بين 20 و40 سنة. حيث إن الاستطلاع دام طيلة أسبوع تم خلالها ملء 313 استمارة عبر الانترنت و204 استمارة ملئت بشكل مباشر، حيث من الملاحظ أن أغلبهم يدرس في مستويات جامعية. ونسبة 17% من المستطلعين غير منخرطين في جمعية بينما 83 % منهم منخرط وملتزم بجمعية مدنية. في الدراسة أيضا تجدر الإشارة بأن نسبة مهمة من الشباب تقدر ب 59 % غير منخرطة في حزب سياسي، بينما 41 % مشاركة سياسيا من خلال انتمائها لحزب سياسي.
فمن خلال قراءة أولية لعينة البحث، يتضح جليا بأن هذه العينة العشوائية تعد شابة من حيث السن لها تكوين أكاديمي متقدم ومنخرطة مدنيا وسياسيا، وهذا المعطى سيجعل من الدراسة تأخذ بعدا شبه متقارب من حيث الأجوبة على الأسئلة المطروحة، خصوصا جل الشباب المشارك في الاستطلاع له دراية أكاديمية وفعلية للحياة السياسية المغربية.
المجالس الشبابية في المغرب
إن أول سؤال حول المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي مفاده معرفة مستوى إدراك المستجوبين بتاريخ المجالس الشبابية التي أسست منذ سنوات مضت، أي منذ الاستقلال إلى بداية الألفية الثالثة؛ فالملاحظ أن الشباب لا يعرف بشكل كبير وجود مؤسسات وطنية سبق وأن أسست من قبل، حيث يعبِر 81 % من الشباب عن عدم معرفتهم بمجالس الشباب، بيد أن 19% منهم له دراية نوعا ما بالمجالس المؤسسة في السابق، هذا ما يدل على فرضية أساسية كون المجالس الوطنية الشبابية السابقة لم تكن فاعلة لدرجة لم تسمح للفعاليات السياسية والشبابية بتناولها في مراجعهم التاريخية ولم يكتب حولها الشيء الكثير، حيث إن المجالس الوطنية للشباب يصعب أن تجدها في الأرشيف اللهم المجلس الوطني للشباب والمستقبل الذي ترك خزانته غنية بمجموعة بحوث، لم يتم استغلالها آنذاك. لم نكتف بذلك فحسب، بل إن الشباب المشارك في الاستطلاع لم يتعرف على أي من المجالس السابقة اللهم 10 شباب فقط من أصل 19% ممن عرفوا المجالس السابقة وقدموا بذلك مثالا عن تجربة المجلس الوطني للشباب والمستقبل.
مجالس شبابية عبر العالم
في مقابل ذلك، يعبر مجموعة من الشباب المشارك في استطلاع الرأي عن معرفتهم بتواجد مجالس شبابية عبر العالم، وهذا ما يسجل دراية 38 % بمجالس الشباب العالمية مقابل 19% فقط من يعرفون المجالس الشبابية التي سبق وأن أسست في عبر العالم. ورغم ذلك يجب أن نسجل ملاحظة أساسية حول هذا السؤال بارتباطه بالسؤال السابق الذي طرح على الشباب حول مدى اطلاعهم على المجالس الشبابية السابقة في المغرب؛ ففي الوقت الذي وجدنا فيه 19% من الشباب المشارك في الاستطلاع لديهم معرفة بالمجالس الوطنية نجد في مقابل ذلك 38 % يعرفون المجالس لشبابية المتواجدة في باقي الدول. فهذا التناقض يقرأ من زاويتين اثنتين؛ الأولى أن الشباب المغربي أصبح متأثر بشكل كبير ومهتم بما يقع في الدول الأجنبية أما الثانية، فإن المجالس الدولة تتبع خطة تواصلية متميزة تجعل المعلومة تخترق المعرفة المغربية لتصل للشباب المغربي.
مجلس شبابي برأسين
فق 79% من الشباب المشارك في الاستطلاع على ضرورة تشكيل المجلس وفق تصور قطاعين؛ قطاع يهم الشباب وقطاع يهم العمل الجمعوي في تكامل وتعاون العمل بينهما، بيد أن 21% من الشباب لا يتفقون مع هذا التصور ويحبذون العمل وفق لجان موضوعاتية.
عضوية المجلس الاستشاري
للشباب والعمل الجمعوي
أما بخصوص عضوية المجلس فإن 51% من الشباب يشيرون على ضرورة المرور عن طريق التعيين لأفراد فاعلين، في مقابل 49% يتشبثون بضرورة تعيين تمثيليات للمنظمات الفاعلة، حيث تكون العضوية مؤسساتية. في هذه النتيجة، يتضح تقارب بين من يدافع عن الفرد كفاعل أساسي وبين من يدافع عن المؤسسات، وهي نتيجة طبيعية إذا ما تم ربطها بالسؤال المرتبط بعضوية جمعية أو حزب سياسي الذي طرح على الشباب، ففئة عريضة من الشباب المشارك في الاستطلاع غير منتمية لا حزبيا ولا مدنيا. وبذلك، فإن من المنطق أن يدافعوا على ذواتهم كفاعل رئيس وتأتي المؤسسة بالصف الثاني، وهذا ناتج بالأساس لعدم رضى فئة كبيرة من الشباب على المؤسسات السياسية والمدنية المتواجدة في الساحة الوطنية. كما يمكن أيضا ربط هذه النتيجة بالمستوى التعليمي للشباب المشارك في الاستطلاع، والذي يتجاوز غالبيتهم التعليم الجامعي، حيث إن من المعروف أن الطالب المغربي من داخل الجامعة يبدأ في الاعتماد على ذاته بشكل فردي أولا ثم بعض ذلك يأتي الانضمام إلى الشكل التنظيمي، سواء أندية أو فصيل طلابي أو تيار سياسي.
عدد أعضاء المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي
فيما يخص عدد الاعضاء الذي يقترحه 517 المستجوب، فقد اختلفت التوجهات في الارقام، لكن النسبة الاكثر حظوة وحضورا هي 42 في المائة من الآراء المعبرة عنها تعتبر أن عدد الاعضاء في المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي يجب أن يكون محصورا بين 40 و50 عضوة وعضو. في المقابل ترى نسبة 36 في المائة أن عدد الأعضاء الذي ينبغي أن يمثل في المجلس يجب أن يكون بين 30 و40 عضوة وعضو، في حين عبر 6 في المائة عن ضرورة تقليص العدد ليكون بين 20 و30 عضوة وعضو، أما 16 في المائة المتبقية فهي ترى ضرورة توفر المجلس على أكثر من 60 عضوة وعضو فما فوق.
تحديد سن العضوية
في المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي
يرى 123 شابة وشاب أنه ليس من الضروري تحديد السن لعضوية المجلس، وحسب تصورهم للموضوع فإن هذا المجلس يبقى ذو طبيعة استشارية لذلك وجب الاستفادة من ذوي التجربة والخبرة للإجابة على مجموعة من قضايا تهم الشباب المغربي. في مقابل ذلك يرى أكثر من ثلثي المستجوبين أي 394 شابة وشاب ضرورة تحديد السن للعضوية في المجلس لأن هذه المؤسسة هي فضاء للشباب يجب معالجة قضاياه به ومعه. بيد أن هذه النسبة اختلفت من ناحية السن الذي ينغي تحديده لكن في نسبة كبيرة قدرة في 274 شابة وشاب ذهب إلى تحديد السن في 40 سنة على غرار اللائحة الوطنية للشباب بينما اعتبر 91 منهم ضرورة أن لا يتجاوز السن 35 سنة أما 29 من الشباب فأكد على أن السن الذي يجب تحديده يجب أن لا يتجاوز 30 سنة.
المناصفة والمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي
45% من الشباب المشارك في الاستطلاع لا يحبذون فكرة المناصفة بين الإناث والذكور داخل تركيبة المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، بينما يرى 55% منهم بضرورة التوزيع العادلة للعضوية بين الإناث والذكور، حيث إن من الملاحظ في هذه النتيجة أن 53% من المشاركين في الاستطلاع فئة الذكور و47% من فئة الإناث، حيث إن 82% ( 200 شابة ) من فئة الإناث عبرن عن ضرورة تبني منطق المناصفة أي ما يعادل 38% من النسبة العامة و% 16 ( 43 شابا) من نسبة الذكور العامة يؤكدون على المناصفة في تكوين المجلس.
تركيبة المجلس الاستشاري
للشباب والعمل الجمعوي
اتفق 96% من الشباب المشارك على ضرورة تشكيل لجان محلية وجهوية وهي قضية جوهرية بالنسبة للشباب، حيث تدل إلى أجوبتهم على البعد الجهوي والمحلي البعيد كل البعد على مركزية القرار في العاصمة، وهذا ما يدل على أن فئة كبيرة من الشباب عند افتحاص مناطقهم من خلال استمارة البحث يتضح أنهم ينتمون لمختلف جهات، المغرب. إن اختيار الشباب بأغلبية ساحقة الإجابة بنعم حول تشكيل لجان جهوية ومحلية يتجه في العمق إلى كون الشباب يعي كل الوعي بالدور الذي يمكنه أن تلعبه الجهوية الموسعة في المستقبل.
التعبير عن أفكار الشباب
كثيرا ما تطرح إشكالية التمثيلية وما مدى ستلعب دورا في التعبير عن أفكار الشباب، كما أن مجموعة من الشباب يتساءلون في محافل عدة حول إمكانية المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي أن يلعب دورا في التعبير، عن الشباب المغربي، وهي أسئلة لم يكن من السهل الإجابة عنها أو على الأقل، فإن البعض يحتكم إلى أحكام جاهزة ويؤكدون أن المجلس له دور صوري فقط، ولا يمكنه أن يتكلم باسم الشباب أو يعبر عن أفكارهم، بيد أن نتيجة البحث جاءت بشكل مفاجئ تدحض كل ذلك وتؤكد بأن 85% من الشباب مقتنعون بأن المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي قادر على التعبير عن أفكارهم وقادر أن يلعب دور مكبر صوت للشباب، ليسمعها الفاعل السياسي. في المقابل 15% غير متفائلين ويؤكدون عدم جدوى وجود مجلس للشباب، لأنه غير قادر على التعبير عن أفكار الشباب.
التمثيلية داخل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي
إشكالية التمثيلية، عندما يطرح هذا المفهوم عادة ما يتوجه المدلول إلى شقين أو جانبين أساسيين:
التشكيل وضمانات الاستقلال والتعددية
1 – ينبغي أن يكون تكوين المؤسسة الوطنية وتعيين أعضائها، سواء بالانتخاب أو بغير انتخاب، وفقا لإجراءات تتيح توفر الضمانات اللازمة لكفالة التمثيل التعددي للقوي الاجتماعية (في المجتمع المدني) المعنية يتعزيز وحماية حقوق الإنسان، لا سيما بسلطات تسمح بإقامة تعاون فعال مع الجهات التالية، أو باشراك ممثلين لها:
(أ) المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان وجهود مكافحة التمييز العنصري ونقابات العمال، والمنظمات الاجتماعية والمهنية المعنية، مثل رابطات الحقوقيين، الأطباء، والصحفيين، والعلماء البارزين؛
(ب) التيارات في الفكر الفلسفي والديني؛
(ج) الجامعات والخبراء المؤهلون؛
(د) البرلمان؛
(هـ) الإدارات الحكومية (وفي حالة انضمامها لا يشترك ممثلوها في المداولات إلا بصفة استشارية).
2- ينبغي أن تملك المؤسسة الوطنية الهياكل الأساسية المناسبة لسلاسة سير أنشطتها، وبصفة خاصة الأموال الكافية لذلك، وينبغي أن يكون الغرض من هذه الأموال هو تمكينها من تدبير موظفيها وأماكن عملها لتكون مستقلة عن الحكومة وغير خاضعة لمراقبة مالية قد تمس استقلالها.
3- من أجل كفالة استقرار ولاية أعضاء المؤسسة الوطنية، التي لن تكون مؤسسة مستقلة حقا بغيره، ينبغي أن يكون تعينهم بقرار رسمي يحدد المدة المعينة لولايتهم. وتكون الولاية قابلة للتجديد، شريطة كفالة استمرار التعددية في عضوية المؤسسة.
مبادئ باريس: المتعلقة بمركز المؤسسات الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان
الأول مدى توفر البلد على مؤسسات منتخبة بطريقة ديمقراطية تتوفر فيها عوامل النزاهة والشفافية بما يجعل هذه المؤسسات تمثيلية لجميع المواطنين ولمختلف فئات المجتمع. والثاني مدى تعبير هذه المؤسسات ومن يمثل المواطنين عن انشغالاتهم والدفاع عن مكتسباتهم والسعي لتجسيد طموحاتهم بعيدا عن الأهداف المحدودة والمصالح الذاتية الضيقة للنائب أو المنتخب، وهما جانبان متكاملان في هذه العملية، إذ لا يمكن أن يكون هناك تمثيل في غياب هذه المؤسسات المنتخبة والمجسدة لإرادة قطاع واسع من المجتمع.كما تفقد هذه المؤسسات محتواها الحقيقي إذا لم تصبح تعبر عمن تمثلهم، وانساقت في أروقة سياسوية حساباتية مناوراتية بعيدا عن أدوارها الحقيقية في التعبير وحماية مصالح الشعب، الأمر الذي عبر عنه بعض المحللين بمصطلح الشرعية والمشروعية؛ أي شرعية التمثيل ومشروعية الأداء في الميدان.
إن نقاش التمثيلية داخل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، يطرح في كل النقاشات السياسية والمدنية، حيث إن هناك رأيا يؤكد بأن التمثيلية ليست من داخل المجالس الاستشارية، بل التمثيلية لها بعد ديمقراطي من الناحية الانتخابية وبالتالي، فإن الانتخابات المباشرة أو غير المباشرة هي من يحدد طبيعة التمثيلية بمفهومها العام. لذلك فطبيعة المجلس تستلزم بالضرورة تمثيلية مسؤولة لها بعد المحاسبة. فرغم كل الانتقادات التي تطال اليوم المجلس وكيف سيشتغل وكيف سيعمل ومن سيمثل داخل المجلس فما يناهز 352 من الشباب الذين شملهم البحث يؤكدون وبالحرف أن الاعضاء المقبلين للمجلس يمثلونهم؛ أي أنهم يمثلون الشباب المغربي، فيما يرى و160 من الشباب بأن الأعضاء المقبلين للمجلس يمثلون الشباب المغربي.
استقلالية المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي
طابع الاستقلالية حاضر بقوة من خلال أجوبة الشباب المشارك في البحث، فغالبية الشباب وبنسبة %94 يؤكدون على ضرورة استقلالية المجلس عن أي جهاز حكومي أو تشريعي وهو في العمق جواب على ضرورة الإعمال بمبادئ باريس التي أكدت في تمثيلية المجالس الوطنية أن ” الإدارات الحكومية (وفي حالة انضمامها لا يشترك ممثلوها في المداولات إلا بصفة استشارية)
، بمعنى أن الحكومة وإن مثلت داخل هياكل المجلس لن يكون له دور غير الاستشارة فقط، والأمر التقريري يعود للأعداد غير حكوميين. استقلالية المجلس من الناحية التمثيلية تجرنا إلى استقلالية المجلس حتى من الناحية المالية، حيث إنه حسب مبادئ باريس أيضا ينبغي أن تملك المؤسسة الوطنية الهياكل الأساسية المناسبة لسلاسة سير أنشطتها، وبصفة خاصة الأموال الكافية لذلك، وينبغي أن يكون الغرض من هذه الأموال هو تمكينها من تدبير موظفيها وأماكن عملها، لتكون مستقلة عن الحكومة وغير خاضعة لمراقبة مالية قد تمس استقلالها.
مجلس الشباب والرفع من ميزانية قطاع وزارة الشباب والرياضة
يعد قطاع الشباب والرياضة من بين أضعف القطاعات من الناحية المالية، حيث إن ميزانية القطاع لم تتجاوز في أحسن الظروف 0.7 % في أغلب الأحيان وهي الميزانية التي لا تستجيب لبناء أية إستراتيجية للشباب، رغم أن قطاع وزارة الشباب والرياضة لا يرتبط فقط بالشباب، بل إن ميزانيته تقسم إلى عدة مجالات؛ الشباب والطفولة والمرأة والرياضة، وبذلك تبقى ميزانية الشباب جد هزيلة مقارنة بباقي القطاعات الحيوية الاخرى. ففقر الميزانية يؤدي، بطريقة أو بأخرى، إلى فقدان برامج مندمجة للشباب لكن رغم ذلك، فإن أطر وزارة الشباب والرياضة بقلة عددهم وقلة ميزانية القطاع يقدمون أنفسهم كمناضلين يسعون لترجمة مفهوم قديم داخل قطاع وزارة الشباب والرياضة هو “صنع من لا شيء شيئا”. نضال الأطر يتطلب نضال المجتمع المدني والشباب من أجل الرفع من ميزانية قطاع وزارة الشباب والرياضة. فنسبة مهمة من الشباب المستجوب في هذا الاستطلاع أي 81% يرون أن المجلس يستطيع لعب أدوار جد كبيرة من أجل العمل على الترافع لدى الجهات الحكومية للرفع من ميزانية قطاع الشباب داخل مجموعة الميزانية العامة. بينما يبقى 19% منهم غير متفائل بهذا الدور، ويؤكد عدم إمكانية المجلس لعب هذا الدور.
*دراسة من إنجاز الباحث في قضايا الشباب، صدر جزء منها في كتاب الباحث الأخير حول:
الشباب المغربي وتحديات المشاركة السياسية