يحلو للشخصيات المثيرة للجدل أن تحافظ على هذه الصفحة، حتى وهي تستعد لمغادرة عالم ملأته وشغلت ناسه، كذلك هو الأمر لهذا »الثوري« الذي ظلت تفجيراته تملأ جهات الأرض كلها، يفضل أن يفجر… (آخر) قنابله وهو وراء سجن “بواسي المركزي”« بفرنسا. قنابل لم يسلم منها المغرب.
في قوة الانفجار علينا أن نستمد المعنى من محاولة المقارنة: ماذا لو أن أسامة بن لادن ترك لنا أسرارا تهم المغرب، كيف كان ردنا سيكون؟ وأي حيز سيتخذه؟
كارلوس”»الثوري الشامل”« تحدث عن اغتيال الحسن الثاني بتخطيط من …هواري بومدين، وتنسيق مع الراحل أحمد الدليمي، في عملية روى تفاصيلها الصحافي لازلو ليسكاي في كتابه الصادر في ماي الماضي عن سيرة “العالم حسب كارلوس وجها لوجه مع الذئب” وهو الكتاب الثاني لهذا الصحافي الهنغاري الأصل الفرنسي المنشأ والثقافة بعد “كارلوس في ظل الستار الحديدي”.
في 27 من دجنبر 1978 فقد كارلوس أحد حماته الأكثر نفوذا عندما مات الرئيس الجزائري هواري بومدين في الجزائر العاصمة، وكان الرئيس الجديد الشادلي بنجديد قد وضع المخلصين من مساعديه في الإدارة وأعفى المساعدين السابقين مثل أحمد دراية، مدير الأمن العام، وصالح حاجب الملقب بفيسبا، رئيس الكوميسارية المركزية بالعاصمة.
مع هذا الأخير، المجرم سابقا والقاتل تحت الطلب في عهد رئاسة بومدين، خطط كارلوس لاغتيال الحسن الثاني بالمغرب!
فقد أرسل كارلوس فريقين متفرقين إلى المغرب، كل فريق يضم أربعة أشخاص دون أن يعرف أحدهما الآخر.
يقول كارلوس:” لا أحد كان على علم بمن هو مخبرنا، وقد كان هناك شخص واحد فقط بإمكانه أن يدلنا على الطريق التي سيسلكها الحسن الثاني لمغادرة الرباط ، وكان على كل فريق أن يتخذ له موضعا على جانب أحد الطريقين، وكان المخبر عندما يحين الوقت سيطلعنا على أي الطريقين سيسلك الحسن الثاني، الطريق الأحمر أم الطريق الأزرق، وحده رجل …اتصالنا المباشر صالح وأنا بالرباط من كان على علم باسم المخبر”.
الجنرال أحمد الدليمي؟
. شخصيات السيناريو
من المحقق أن وفاة هواري بومدين وإعفاء أحمد دراية قد أوقف تعاون »كارلوس« مع أصدقائه الجزائريين، وبالتالي »تم« إلغاء عملية اغتيال ملك المغرب.. وإذا كانت شخصية »كارلوس« لا تستوجب ذلك، فإن بعض الشخصيات تستحق تسليط الضوء عليها… وأولهم المدعو صالح حاجب…..
يقول صاحب الكتاب، هو صالح حاجب، قاطع طريق (سابق؟)، اشتهر في أوساط المجرمين في ستينيات القرن الماضي، باسم »صالح فيسبا Vespa« لأنه كان يتجول باستمرار على متن دراجة نارية من نفس الطراز.. اشتهر أيضا في فرنسا بكونه كان يأخذ »الجزية« من مواطنيه أصحاب المحلات التجارية، لاسيما أصحاب المقاهي، بعد التهديد بالقتل….
ولعله كان أحد المنفذين الرئيسيين في تصفية محمد خيضر، في مدريد، في 1967، الذي اغتال أمين المال السابق لجبهة التحرير الوطني الجزائري، في سياق التصفيات الأهلية داخل الثورة الجزائرية بعد الاستقلال، هذا الشخص الدموي، تخلص منه نظام الشادلي بن جديد في ما بعد وفاة بومدين، عبر إلحاقه بالسفارة الجزائرية بجنيف.. لكن سيرته مميزة حقا، فهو اشتغل كأحد اللصوص المعروفين بالسطو على محلات الجواهر والمعارض لكنه سرعان ما أصبح مكلفا بالمفوضية المركزية للأمن في الجزائر في عهد بومدين!!
وتقول السيرة غير الرسمية، بأن أحمد دراية أعطى أوامر لصالح هذا، لكي يشكل كوماندو اغتيال محمد خيضر بعد اتهامه بتحويل أموال الجبهة لصالحه«! وقد استقطب لذلك المدعو عوالة محمد الملقب »”محمد استيفان«”، وهو مجرم في ألمانيا و شخص آخر يدعى ربيع محند امقران، الملقب بآلان، للقيام بمهمة الاغتيال،… ولعلها نفس المجموعة التي رصدتها جزائر بومدين لاغتيال الحسن الثاني….
وقد روى، في سياق ذي صلة، انطونيو كوبيو “زعيم ” حركة استقلال جزر الكناري الذي رعته الجزائر نفسها منذ 1962، وفي حوار أجرته معه »”الوطن” الجزائرية في 14 شتنبر 2012، أي بعد قرابة، 45 سنة، على اغتيال محمد خيضر قال فيه، انه تمت عملية “تسليم جاسوس اسباني مقابل اغتيال خيضر”، وقال في تفصيل الحكاية: »إن الجاسوس الشهير لويس مانويل غونزاليس ماطا فتح جمعية للصداقة الجزائرية الكوبية، ولكنه كان عميلا مزدوجا، كان يشتغل رفقة شخص آخر يدعى بالاستر كاليغو والذي كانا يتجسسان على الجمهوريين الجزائريين، وقد تم اعتقالهما، على إثر الكشف عن تجسسهما، وقد تم الإفراج عن بالاستر بعد انقلاب 1965 وبعد تدخل والده لدى بومدين (والده كان قنصل اسبانيا في عنابة)، وبعد ذلك بقليل تم استبدال ماطا مع الجزائري الذي اغتال خيضر في مدريد».
دراية أحمد
لاشك أن العملية، قد تمت في الفترة ماقبل 1977 أي قبل وفاة بومدين بسنتين على الأقل،… لأن أحمد دراية تحمل مسؤولية المدير العام للأمن الوطني الجزائري في الفترة مابين يونيو 1965 تاريخ الانقلاب على أحمد بن بلة وأبريل 1977…
أحمد دراية هو الاسم المتداول لأحمد درايعية، المزداد بسوق أهراس، الذي تكلف بمهام الاستعلامات في القاعدة الشرقية في 1957، كما أنه عين عضوا في قيادة القاعدة الجنوبية لجيش التحرير الوطني تحت قيادة عبد العزيز بوتفليقة سنة 1960 وقد كان الرئيس الحالي وقتها. مقيما في وجدة.
العملية كانت إذن جدية……
وكانت تعني الكثير مادام صاحبها دراية، صار (مجاهدا) وأصبحت تسمى باسمها الجامعات في الجزائر! درايعية- دراية تم اعتقاله للتخطيط في مؤامرة ضد »الحكومة المؤقتة الجزائرية في 1958 وتم نفيه إلى الحدود المالية.
المخابرات الجزائرية، تأسست في المغرب على يد بوصوف(وزارة الحربية والعلاقات العامة) للتجسس والتصنت إبان حرب التحرير.
وتم تجاهل مؤسسها في عهد بومدين، الذي أسس الأمن الوطني العام، تحت رئاسة أحمد دراية… لمراقبة (المخابرات العسكرية.
ومن المحقق أن العملية تمت بعد 19 دجنبر 1975 تاريخ احتجاز رهائن الاوبيب opep. في صباح ذلك اليوم، تولى كارلوس بمعية كوماندو مختلط الجنسيات والانتماءات )ألمانيون، عرب، يساريون، قوميون (احتجاز وزراء 11دولة منتجة للنفط. وتم نقل الجميع الي الجزاذر العاصمة، التي تفاضوت السلطات باسم الدول المحتجز وزراؤها مع المختطفين.. تفاصيل كثيرة يرويها كارلوس عن العملية، ما يشدنا فيها هو السلاسة التي أصبحت عليها العلاقة بينه وبين عبد العزيز بوتفليقة، ثم المدير العام للأمن أحمد دراية..
وقد اقترح الجزائريون على كارلوس ورفاقه اللجوء السياسي مقابل الافراج عن الوزراد، وكما يحدث في فيلم سينمائي« وجد المحتطفون والمختطفون انفسهم في القاعة الشرفية للمطار للاحتفال بالنهاية السعيدة لعملية الاختطاف» وهنا كانت ممحاولة من أحد اطر منطمة التحرير الذي سعى الى اغتيال الوزير السعودي زكي يمني ، هذا العضو كان اسمه خالد – انيس النقاش -وقد أراد تنفيذ حكم الاعدام في الوير السعوي «وقد لاحط بوتفليقة أنه كان عصبيا فمنحه كأس عصير ، فشربه بجرعة واحدة وتقدم نحو زكي يمني ، فاحاط به حراس بوتفليقة وفتشوه فوجدوا مسمدسا مخبأ في ملابسه وقد اعترف انثاد التحقيق بانه كان يريد اغتيال الوزير يمني، هنا حدث ما لا يتوقعه احد «اقترب احمد دراية من كارلوس وهمس له في أدنه:»كان عليكم أن تغتالوه لما كنتم في الطائرة وليس هنا فوق التراب الجزائري..«..
وقد منح الجزائريون جوازات سفر للمختطفين الذين ذابوا في العديد من مدن العالم وفي المنطقة..
الواضح من السرية الحالية أن العملية تكون قد تم التخطيط لها في الفترة ما بين 1975 الي 1977 ..
قصة أخرى.. على هامش المتن…
غير أن التشويش الوحيد عليها هو وجود عملية أخرى، من قبل في التفرة ما بين موتمر الرباط للاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممصل شرعي ووحيد ، ودور المغرب فيها..
وقد رواها الصحافي الذاكرة مصطفى العلوي…
وقد بدأ الحكاية باسم الشلواطي(واحد من اخوة الكولونيل الشلواطي،الذي اعدم في أعقاب هجوم الصخيرات،والذي قال لكوكبه الجنود المكفلين باعدامه،وهو يمر أمامهم”غدا ستتبعونني”
وأخ الشلواطي هذا… وربما كان مدفوعا بالرغبة للانتقام لأخيه… سبق له أن غادر المغرب واستقر في فرنسا بعد اعدام أخيه و أسس في زنقة دولاتور،وسط باريس مطعما سماه مطعم أمازيغ،أثته بالطريقة الأمازيغية وقدم فيه للزبناء الذين أغلبهم مغاربة،أشكالا منوعة من الطبخ البربري(…) ا قرر الحسن الثاني عقد مؤثمر القمة العربية السابع في الرباط(19 أكتوبر 1974)
وبالاستناد الى كتاب »كارلوس«تأليف كريستوف دوسبون،نشر البان ميشيل
(…) كان كارلوس يتعشى دائما في المطعم المغربي أمازيغ،حيث أخ الشلواطي لازال يفكر في الانتقام لأخيه،لتلتحق بهما أطراف أخرى كان من بينها اربعة يابانيين وعناصر معارضة مغربية وفلسطينية،سمعوا جميعا بأن ولي عهد المغرب سيدي محمد،لقي اعجاب الفرنسيين أثناء نيابته عن والده وهو في سنه الصغير،في جنازة الرئيس بومبيدو، بكاتدرائلية نوتردام يوم 16 ابريل 1974 فخطر للمجتمعين أن ينتقموا من الحسن الثاني عبر اختطاف ولده سيدي محمد. ودائما… وكما تحدث المعجزة…التي كان الحسن الثاني يسميها البركة،وبعد أن وصل كارلوس للمغرب،رفقة اليابنيين،وهو جميعا يحملون جوازات مزورة،أخبر أحد المغاربة المهاجرين،كان يستمع الى المخطط في المطعم،صديقا له في المخابرات المغربية بما يدبر لولي العهد،الذي كان يقضي باختطافه من قصر السويسي الذي كان يقيم به.وطبعا،أصبح اقطاب المخابرات وقتها في المغرب،وعلى رأسهم الخبير البوليسي الكبير،الحسين جميل،وادريس البصري ومساعده بن هاشم،على علم بوصول كارلوس وأصحابه للمغرب،وشددت الحراسة على ولي العهد،بينما بدأالبحث عن كارلوس،الذي علم بدوره أن البوليس المغربي يبحث عنه،فغادروا جميعا المغرب عبر ميناء مدينة طنجة التي غادروها بجوازات سفر أخرى غير التي دخلوا بها للمغرب،ونجا ولي العهد سيدي محمد من الاختطاف،من طرف أكبر ارهابي كان العالم كله يبحث عنه.كارلوس،وبعد هروبه من المغرب،ذهب لتنفيد مخطط ذي أهمية أكبر على الصعيد العالمي،حيث قام اختطاف وزراء البترول العرب الذين كانوا مجتمعين في اطار الأوبيك بفيينا..»
السوال الكبير هل كان التدبير ايضا جزاذري عسكري، حتي في هذه الحكاية؟ من قبل أن يتم التعارف علي انقاض عملية المختطفين الوزراء..
الواضح أن الدليمي لم يلغ ابدا من ذهنه قضية الانقلاب..حتى بعد أن ذهب استاذه ومنافسه محمد اوفقير..
ومن الدروس أنه مثله عادة ما يخفون نقمتهم علي الملكية بالتنكيل الشديد بالمعارضين
ويخفون حقدهم بـــــــ الحب السياسي المبالغ فيه ، عبر محنة المناضلين المدنيين…