خواطر المجنون (2)

14
الحجُّ؟
لكلٍّ حِجتهُ: إلى مكانٍ، ربما.
أو إلى زمان ربما.
أو إلى إنسانْ.
في كل لحظة، حَجّي إلى قُبلةٍ مترددة.
15
تلك المدينة حياة وحدها.
تحت «عمارة الطائر»
«دفنت أمواتي ونهضت». كان ذلك توصية من توفيق زياد.
هناك أوقدت ما أوقدت من حروف
وهناك
أتت النار علي!
16
كان الورد أزرق في وجنتيه:
– أحبك.
كان الضوء شاحبا في عينيها:
– ها قد وصلتَ. هذا الكلام لم يكن ضروريا.
كان الصمت ضيفا جاء على حين غرة:
– كل الكلمات كانت لك. وكل الورد الأزرق.
كان الأمل يكظم انفعاله:
– لكنني، كل هذا الوقت، كنتُ لي.
17
ذلك القلبُ
في تلك الجهة من العمرِ،
قادهُ إلى شكله النهائيِّ:
محبّ كبيرٌ بلا أمجادٍ (كبيرة)،
وعينان زائغتان عن اليقينِ،
وأحلامٌ تتناسلُ في الغبارْ.
18
لم يجد بابا جديدا للكلام.
كانت الحيرة بادية
كأنهُ ينتظر الملاكَ، أو كأنه على باب الجحيم.
لا وحي يا صاحبي. قال له صاحبهُ،
وأسعفهُ «في حضرة الغياب»:
«لا جحيم إلا خيبة العاشق».
19
الحبُّ
أن تنظرَ
إلى البحر فلا تراكَ.
إلى السماء فتغشاك الأحلامُ.
إلى الأرضِ فيشتدّ زلزال عليكَ.
إلى وجه الحبيبِ فتَنْسَاكَ.
20
هي الآن نائمةٌ.
ملاكها الحارسُ،
صديقي السريُّ منذُ عمْرٍ،
قالَ لي: تلكَ النجمة أنظرْ،
هناكَ.
في قلبكَ،
هيَ !
21
هيَ في الفكرة
تحيا،
وفيها تبعثُ.
في الفكرةِ
لها حياتانِ: ذكرياتي وحنينٌ.
22
«العارف إذا تكلم هلك»
قال الشبلي،
«والمحبّ إذا سكت هلكَ»
قال أيضا.
قلتُ: قلبي نهرُ كلامٍ في صحراءْ !
23
أفكر فيك مثل نبي في معجزة.
أن تكوني غيمة
فأكون!
24
لست مثل موسى بن نصير
يحركني الذهب
والحسان،
لكن هذا البحر المحيط يغري.
فقط يلزمني
متاع طائر
وحلم ينقلني إليك!
25
ماذا لو؟
فقط
لو حدث ما كان ينبغي أن يحدث:
أراها ولا أراها
تلك الرعشة في آخر الليل.
فقط بسبب حلم قديم!
26
ماذا لو؟
لو فقط
في تلك اللحظة
نظر الله إلي.
لو قال لي: «أحبك» لا تفي بما تريد.
لا تقل لها.
لو
فقط نظر إلي!
27
أفكر في الجنة
في ما فقدت:
بعض أسناني في كسر لوزة.
أصابعي في صدرك.
«قُلْفَتي» في يد الحجام
وخيالي عند سرة الكون.


الكاتب : جمال الموساوي

  

بتاريخ : 15/09/2017