الملتقى الجهوي حول آليات الديمقراطية التشاركية .. دعوة إلى مراجعة القوانين المؤطرة للتشاور العمومي

دعا أكاديميون و فاعلون مدنيون إلى تجويد القوانين التنظيمية المؤطرة والمنظمة لهيئات التشاور العمومي في علاقتها بالجماعات الترابية انسجاما مع السقف الدستوري الذي اختاره المغاربة سنة 2011 ، وذلك من أجل تيسير مشاركة المواطنين و فعاليات المجتمع المدني في رسم و تنفيذ و تتبع و تقييم السياسات العمومية المحلية ، مع الحرص على الشفافية في الاختيار و التمثيل و احترام استقلالية الجمعيات بهدف تطوير أداء كل الفاعلين في مجهود التنمية المحلية .. كما سجل المشاركون في الدورة الثانية لأشغال الملتقى الجهوي للمنتدى الجمعوي المنظم بآسفي نهاية الأسبوع الماضي ، سوء الفهم الكبير الحاصل حول الأدوار الحقيقية لهيئة المساواة وتكافؤ الفرص و مقاربة النوع من طرف عدد كبير من الجماعات الترابية ، مما حال دون تفعيل آليات التشاور ، و بالتالي تحقيق الفعالية والنجاعة في تطوير و تنفيذ السياسات العمومية المحلية.
وسجل المشاركون، خلال هذه الدورة، الهوة الموجودة بين النص القانوني والتفعيل العملي لهيئات التشاور العمومي نظرا لضعف القناعة السياسية لدى العديد من المنتخبين بفعل احتراسهم من الانفتاح والتفاعل مع المجتمع المدني كشريك حقيقي ومكمل لدور باقي الفاعلين… وعدد المشاركون في هذا المنتدى الأعطاب التي تكبح دينامية التواصل بين الهيئات المنتخبة و آليات التشاور بما فيها صعوبة الوصول إلى المعلومة في ما يتعلق بتدبير الشأن العام المحلي ، مما يكرس الدور الثانوي و الشكلي لآليات التشاور العمومي ، وقد تجلى ذلك – حسب العديد من الشهادات – من خلال غياب استدماج مقاربة النوع الاجتماعي و المساواة بين الجنسين في مخططات و برامج التنمية بعدد كبير من الجماعات الترابية ..و لتجاوز هذا العطب الذي من شأنه أن يبطل المكتسبات الدستورية و في مقدمتها دسترة الديمقراطية التشاركية كإدارة سياسية واضحة يسعى من خلال المشرع إلى التفاعل مع الانتظارات الواسعة للمواطنين والفاعلين المدنيين، يبقى الرهان على آليات التشاور كأفق بديل لخلق فرص متجددة للتنمية ، وبالتالي الاستجابة للسقف الحقوقي الذي تضمنه دستور 2011 ..
و شددت توصيات المنتدى على ضرورة تطوير القوانين التنظيمية المتعلقة بهيئات التشاور العمومي من أجل ضمان الاستقلالية و الفعالية ، والبحث عن المشترك بين السياسي و المدني لإنتاج فعل تشاركي منتج لسياسات عمومية محلية قادرة على الإجابة عن حاجيات و تطلعات المواطنين . كما دعا المشاركون إلى فتح حوارات محلية مع مختلف الفاعلين لضمان نجاعة و فعالية السياسات العمومية على المستوى المحلي عبر تقوية تنافسية المجال الترابي واستثمار الذكاء الجماعي من خلال الاستغلال الأمثل للموارد و الإمكانيات المادية والبشرية مما يقتضي تقوية قدرات الفاعلين من أجل تحقيق نجاعة و فعالية التدخل العمومي ..
و على المستوى التشريعى ، طالب المشاركون في الملتقى الجهوي بمراجعة تركيبة المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي بما يسمع بالتوازن على مستوى التمثيليات المدنية ، و التسريع باستصدار قانون التطوع و التفاعل الإيجابي مع انتظارت الحركة الجمعوية في ما يتعلق بقانون الجمعيات ..
اللقاء الجهوي الذي أطره الأكاديميون : محمد الغالي و أنس مطيع و محمد لفتوحي و عبد اللطيف بكور ، إلى جانب زكية المريني رئيسة لجنة الداخلية و الجماعات الترابية بالبرلمان و حضره منتخبون بالجهة و رؤساء جماعات بآسفي و الصويرة إلى جانب منتخبين عن مجلس الجهة و ممثلين عن الائتلاف المدني من أجل جهوية ديمقراطية و ممثلات عن الفدرالية الديمقراطية لحقوق النساء بالإضافة إلى العديد من الجمعيات المدنية ، تميز هذا اللقاء بالكلمة التوجيهية لرئيس المنتدى الجمعوي عبد الكبير اجميعي ، الذي أكد في كلمته بالمناسبة ، على المكانة المحورية التي تحتلها الجماعات الترابية ضمن الهندسة الدستورية الجديدة باعتبارها المدخل الطبيعي لكل إصلاح سياسي و اقتصادي و اجتماعي في بعده المحلي ، مشيرا إلى أن الدستور المغربي خص الجماعات الترابية ب 12 فصلا ، بما يعني الأهمية القصوى للجماعات الترابية في البناء المؤسسي للبلاد من أجل تجسيد الحكامة الجيدة و تحقيق التنمية المجالية و تجسيد الديمقراطية التشاركية عبر آليات التشاور أثناء إعداد و تنفيذ و تتبع برامج عمل الجماعات أو برنامج التنمية بالعمالة أو الإقليم أو المخطط الجهوي للتنمية .. و أكد رئيس المنتدى الجمعوي على أن المغرب خطا خطوة مهمة نحو تعزيز البناء الديمقراطي ، لكنه شدد بالمقابل على مواجهة كل الأعطاب القانونية أو المسطرية أو السياسية التي تعيق مشاركة المواطنين في تدبير شأنهم المحلي .. واعتبر- في سياق كلمته – اللقاء الجهوي فرصة من أجل تبادل الخبرات و التجارب ، و لكن أيضا من أجل بلورة آليات للترافع في أفق تجويد مسار الديمقراطية التشاركية ببلادنا ..


الكاتب : منير الشرقي

  

بتاريخ : 26/09/2017