بمستشفى ابن طفيل بمراكش.. تفاصيل مثيرة عن عملية اختطاف رضيع من قبل «عصابة» يقودها طبيب

حقائق صادمة كشفتها الأبحاث التي أنجزتها المصالح الأمنية بمراكش على خلفية واقعة اختطاف رضيع من مصلحة الولادة بمستشفى ابن طفيل في الساعات الأولى من صباح أول أمس الثلاثاء.
فقد أكدت المديرية العامة للأمن الوطني أن المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة مراكش، تمكنت بتعاون وثيق مع مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، يوم الثلاثاء، من توقيف أربعة أشخاص، طبيب إضافة إلى زوجين ووسيط، يشتبه في تورطهم في قضية تتعلق ب”اختطاف رضيع حديث الولادة، والاتجار بالبشر، وتعمد عرقلة التعرف على هوية طفل وليد”.
و في استعراضه لتفاصيل الواقعة أوضح بلاغ المديرية العامة للأمن الوطني، أن مصالح الأمن تلقت إشعارا من طرف إدارة المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس، في الساعات الأولى من صباح يوم الثلاثاء، باختطاف رضيع حديث الولادة من طرف شخص قدم نفسه للأم على أنه طبيب، وهو ما استدعى فتح بحث قضائي تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وذلك لتحديد مكان تواجد الرضيع المختطف وتشخيص هوية مرتكب هذه الأفعال الإجرامية. حيث مكنت إجراءات البحث من التوصل إلى الفاعل الرئيسي، و يتعلق الأمر بطبيب يملك عيادة خاصة، كما تمكنت من إيقاف الوسيط الذي قام بنقل الرضيع، فضلا عن تحديد مكان تواجد المولود المختطف، والعثور عليه بمنزل زوجين يقطنان بمدينة مراكش.
البلاغ أكد أيضا أن المعلومات الأولية للبحث توضح أن الطبيب المشتبه فيه كان يعالج السيدة التي عثر على الرضيع بمنزلها، والتي تعاني من مشكل في الإنجاب، وأنه قام باختطاف المولود وتسليمه للمعنية بالأمر بمشاركة أحد الوسطاء، وذلك مقابل مبلغ مالي.
و من جهتها أعلنت إدارة المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش عن وقوع حالة سرقة رضيع في الساعة الثالثة صباحا من يوم الثلاثاء 26 شتنبر 2017، بمصلحة الولادة التابعة لمستشفى ابن طفيل، موضحة أن والدة الرضيع المختطف ولجت مصلحة الولادة يوم الاثنين في الساعة 9 و18 دقيقة ووضعت مولودها في منتصف النهار في الساعة 12 و40 دقيقة من نفس اليوم.
و قالت إدارة المركز الاستشفائي إن الممرضة المناوبة أكدت في تصريحها أن شخصا ولج مصلحة الولادة حيت ترقد الأم و مولودها، منتحلا شخصية طبيب من الطاقم الطبي المناوب بتلك الليلة ومرتديا البذلة الطبية الخاصة بغرفة العمليات بوجه غير مكشوف مغطى ب” البافيت” ، و دخل الغرفة حيث ترقد الأم و رضيعها موهما الممرضة انه سيجري بعض الفحوصات للأم، وبعد ذلك قام بأخذ مولودها بحجة تقديم بعض العلاجات الأساسية له، فاستجابت بدون تردد و سلمته إياه ، ليتبين بعد لحظات أنها عملية نصب وسرقة، فقامت الممرضة المناوبة بإخبار الحراسة العامة بإدارة المستشفى ، التي قامت بدورها بإخبار السلطات الأمنية.
سميرة والدة الرضيع التي يبلغ عمرها 34 سنة، صرحت بأنها خضعت لعملية قيصرية زوال يوم الاثنين، و حوالي الرابعة بعد ظهر نفس اليوم ، بعد مغادرتها قاعة الجراحة، و نقلها إلى الغرفة حيث ترقد رفقة سيدتين وضعتا مولوديهما في نفس اليوم، دخل شخص و شرع في استفسار كل واحدة منهن عن جنس مولودها. و عندما أجابته السيدة الأولى و الثانية بأن جنس مولوديهما أنثى انصرف عنهما و توقف أمام سميرة و طرح عليها نفس السؤال فأجابته بأنه ذكر. حينها أبدى اهتماما كبيرا. و سألها عن فصيلة دمها ، و بعد أن مدته ببيانات تحليل فصيلة الدم، سألها عن فصيلة دم زوجها، فأخبرته بأنه لم يجر التحليل الخاص بذلك، فألح عليها بأن تطلبه فورا بالهاتف، مؤكدا أن الأمر يتعلق بإجراء تحاليل تقام باهظة بالمختبرات الخاصة، و تُجرى مجانا بالمستشفى. عند وصول الزوج رافقه إلى المختبر لأخذ عينات من دمه و إجراء التحليلات التي طلب.
الزوجة أضافت أن هذا الشخص اختفى بعدها. و لم يعاود الظهور إلا في الواحدة من صباح الثلاثاء، حيث قال لها هذه المرة أنه الطبيب الذي أجرى لها العملية القيصرية، و قام بفحصها أولا، ثم استفسر عن حالة الرضيع، و عما إذا كان طبيب الأطفال قد عاينه، فأجابته بالنفي. عندها أخبرها أنه سيذهب للتأكد من و جود الطبيب. اختفى لبرهة وجيزة ثم عاد، و أخبرها بأن الطبيب في انتظار الرضيع، و طلب منها أن تسلمه له لإجراء الفحوصات اللازمة. وثقت الأم به ، و لم تشك في سلوكه، فسلمته الطفل ، و غادر. انتظرت الأم أن يعود الطبيب بابنها الرضيع. لكن انتظارها طال، فبدأت الشكوك تنتابها ، فأخبرت الممرضة المكلفة بالحراسة ، و انطلقت عملية البحث في أرجاء المستشفى. فتأكد لها أن ابنها قد اختطف. أخبرت إدارة المستشفى الأمن فحلت عناصره بالمكان و شرعت في إجراء أبحاثها. سميرة قالت في هذا الصدد إن مسؤولا أمنيا طمأنها مؤكدا أنهم سيرجعون لها ابنها في أسرع وقت. و ذلك ما حدث.
مصدر من مستشفى ابن طفيل أكد أن كاميرات المراقبة ساعدت كثيرا في التعرف على الشخص الذي قام بعملية الاختطاف، حيث تأكد أن الأمر يتعلق بطبيب يعمل في القطاع الخاص و يملك عيادة للطب العام بحي المسيرة افتتحها في دجنبر 2015.
مصادر أخرى أوضحت أن المشتبه فيه خطط لعملية اختطاف رضيع حديث الولادة، مع سيدة تعاني من صعوبة في الإنجاب، حيث أن المعنية أوهمت محيطها من المعارف و المقربين ، بأنها حامل، بل كانت تعد لإقامة حفل عقيقة مولودها المزعوم في الأيام القليلة القادمة لولا افتضاح مخططها. و أضافت مصادرنا أن تورط الطبيب المذكور في هذه العملية جاء عقب إغرائه بمبلغ مالي ضخم في صفقة أبرمها مع الزوجة المعنية.
الوسط الطبي بمراكش الذي صدم كثيرا بوقائع هذه القضية ، لأن المشتبه الرئيسي في تنفيذ عملية الاختطاف طبيب، أكد أن عيادة المعني بهذه الجريمة، تعرف رواجا كبيرا منذ افتتاحها، و أن آخر شيء يمكن تصوره هو أن يلجأ لهذا الأسلوب الإجرامي للحصول على المال لكون نجاحه المهني يكفل له تلقائيا تحقيق هذه الغاية من دون اللجوء لمثل هذه الممارسات. لذلك يرجحون أن تكون في هذه القضية مفاجآت أخرى و تفاصيل تكشف جوانب غامضة من الواقعة و خاصة في الجانب المتعلق بدوافع تورط الطبيب فيها و علاقته بباقي المشتبه فيهم، و خصوصا السيدة الراغبة في الحصول على الرضيع.
وذكرت المديرية العامة للأمن الوطني أنه تم إخضاع المشتبه فيهم الأربعة لبحث قضائي تحت إشراف النيابة العامة المختصة، بينما تم تسليم الرضيع لوالديه في انتظار إخضاعه للخبرات الطبية اللازمة.
و تجدر الإشارة إلى أن سرعة تحرك الأجهزة الأمنية وتفاعلها الجاد و الفعال مع هذه الجريمة بإنقاذ حياة الرضيع و إرجاعه سليما لوالديه في ساعات قليلة بعد وقوع حادث الاختطاف و إيقاف المشتبه فيهم ، خلف ارتياحا كبيرا ليس فقط داخل أسرة الرضيع المختطف، و إنما أيضا وسط عموم المواطنين.


الكاتب : عبد الصمد الكباص

  

بتاريخ : 28/09/2017