بطاقة الفنان ومتطلبات دعمها
صادق مجلس الحكومة أول أمس على مشروع مرسوم، يتعلق بتحديد شروط وآليات ومعايير منح وسحب البطاقة المهنية للفنان، والبطاقة المهنية لتقنيي وإداريي الأعمال الفنية.
ينص على منح السلطة الحكومية المكلفة بالثقافة لبطاقتين مهنيتين، الأولى مخصصة للفنان، وتسمى «بطاقة الفنان»، والثانية تسمى «بطاقة تقنيي وإداريي الأعمال الفنية». كما ينص مشروع المرسوم على تحديد مدة صلاحية البطاقتين في خمس سنوات، وتخويل حاملها الأولوية في الشغل في الأعمال الفنية المنتجة أو المدعمة من قبل الدولة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية أو الشركات العمومية أو الشركات التي تساهم فيها الدولة أو الجماعات الترابية في قطاع العروض الفنية الحية أو المسجلة.
كما يفتح مشروع المرسوم أيضا المجال للفنانين ولتقنيي الأعمال الفنية المغاربة المقيمين بالمهجر، وكذا للفنانين الأجانب المقيمين بالمغرب بصفة دائمة من أجل الحصول على البطاقة المهنية للفنان أو بطاقة تقنيي أو إداريي العروض الفنية.
جدير بالتذكير أن بطاقة الفنان كما تم اقتراحها كانت ترمي إلى الاعتراف القانوني والإبداعي للفنان وحمايته الاجتماعية وتشجيع إنتاجاته ومساهماته في إغناء النسيج الثقافي المغربي. وخلال العشر سنوات الأخيرة تعرضت هذه البطاقة للتنويه كمبادرة لكن بعد صدور المرسوم المتعلق بها في سنة 2013 كان التوجه العام لدى الفنانين والفنانات بأنها بطاقة لاتسمن ولاتغني من جوع ،لأنها لم تفتح آفاقا منسجمة مع أسباب النزول أثناء حكومة 2007.ولم تضخ دفعة معنوية لدى المعنيين من أجل توفير شروط إيجابية للإبداع.
إن هذه البطاقة موجهة بالأساس كما هو معلوم لفائدة الأشخاص الذين يمارسون إبداعا فنيا أو عرضا فنيا في مختلف المجالات الإبداعية مثل الفنون المسرحية والموسيقية والتشكيلية والسمعية البصرية والفن الفوتوغرافي والفنون الكوريغرافية وفي مجال الأدب الفني الكتابي أو الشفوي وفي مجالات الفنون الشعبية والمنوعات والسيرك والعرائس.لكن يجب أن لاتكون هدفا بل تقتضي أن توفر الدولة الإمكانات للإبداع والمبدعين من بنيات وتجهيزات وتشريعات . وهنا نشير مثلا إلى معطيين اثنين يعبران عن واقع مؤسف . الأول تراجع عدد القاعات السينمائية من 65 قاعة سنة 2011 إلى 58 قاعة سنة 2012، ثم إلى 31 قاعة سنة 2015، وتتمركز 30 % من القاعات النشيطة بمدينة الدار البيضاء.
والمعطى الثاني، استمرار هزالة الاعتمادات المالية المخصصة للشؤون الثقافية والتي لم تتجاوز، خلال السنوات الأخيرة، نسبة 0,3 % سنويا من الميزانية العامة.
إن المطلوب اليوم ودعما لبطاقة الفنان هو بلورة وتطبيق استراتيجية وطنية شاملة للثقافة المغربية بما فيها الشق الإبداعي باعتماد مقاربة تشاركية في مختلف مراحل الإعداد والتنفيذ والتتبع والتقييم، وذلك بضمان مساهمة مختلف المتدخلين والفاعلين الحكوميين والمدنيين والخواص على الصعيد الوطني والجهوي والمحلي.
ومطلوب كذلك بلورة مخطط سنوي وممتد عبر سنوات متعددة لرصد الاعتمادات اللازمة من أجل إنشاء وتجهيز الفضاءات المختلفة مع تجميعها ما أمكن في مركبات متكاملة المرافق والخدمات (دور الثقافة والشباب، المتاحف، المسارح، القاعات السينمائية، المدارس الموسيقية، الأندية التشكيلية، الخزانات والمكتبات الوسائطية، مراكز الفنون الشعبية).
ومطلوب ثالثا العمل على خلق الأدوات والبنيات الملائمة لترويج المنتوج الثقافي الوطني والجهوي وضمان إشعاعه دوليا ومحليا، مع تطوير الآليات المتعلقة بحماية الملكية الفكرية للمبدعين وتبني مقاربة ناجعة لحماية الحقوق الإبداعية في مختلف المجالات الثقافية ومحاربة كل أشكال القرصنة.
هذه بعض المتطلبات من أجل دعم بطاقة الفنان حتى يكون لها بالفعل معنى وقيمة معنوية وحماية اجتماعية وحماية الإبداع . هي مكسب سنده الرئيسي يكمن في سياسة ثقافية وإبداعية مندمجة.