في اللقاء التواصلي حول «الاتحاد الاشتراكي وأسئلة المرحلة.. مستجدات وطنية، قضايا قطاعية»
قال محمد بنعبد القادر ” إن الحدث الهام و البارز في نهاية هذا الاسبوع ،هو الخطاب الملكي السامي لجلالة الملك محمد السادس، الذي ألقاه بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الثانية من الولاية العاشرة ، والذي كان يترقبه الشعب المغربي خاصة انه جاء بعد مدة وجيزة عن خطاب العرش الذي كان دقيقا في تشخيص الاوضاع والاختلالات المعرقلة للتنمية بالبلاد”.
واضاف محمد بنعبد القادر الوزير المنتدب المكلف بإصلاح الادارة والوظيفة العمومية وعضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في لفاء تواصلي حول “الاتحاد الاشتراكي وأسئلة المرحلة؟ مستجدات وطنية، قضايا قطاعية” نظمه مكتب فرع الحزب بمدينة ابي الجعد ، إن الخطاب الملكي أكد على النقد للاوضاع المختلة من اجل تصحيحها ومعالجتها وتقويمها ، مبرزا أن الخطاب شدد على ان هناك تأسيسا لمقاربة ناجعة، ولمسيرة من نوع جديد وهذا يدخل في صميم صلاحيات جلالته الدستورية، وهوتجسيد لإرادته القوية، في المضي قدما في عملية الإصلاح، وإعطاء العبرة لكل من يتحمل مسؤولية تدبير الشأن العام.
وسجل القيادي الاتحادي في نفس اللقاء الذي حضره عدد كبير من المناضلات والمناضلين بمدينة ابي الجعد والمدن المجاورة كوادي زم وخريبكة و الفقيه بن صالح، أن هناك إرادة ملكية قوية في ربط المسؤولية بالمحاسبة بصفته الضامن لدولة القانون والساهر على احترامه ولن يكون هناك تردد في محاسبة كل من ثبت في حقه أي تقصير في القيام بمسؤوليته المهنية أو الوطنية.
وفي هذا السياق ذكر بنعبد القادر أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ملتزم ومنخرط في هذا النفس الاصلاحي وأعلن ذلك مباشرة في بيان المكتب السياسي بعد خطاب العرش، مؤكدا كذلك على ان الاتحاد الاشتراكي حزب من صميم ثقافته وهويته السياسية النقد والنقد الذاتي الذي يعتبر ركنا رئيسيا في تصحيح الاوضاع المختلة، من هذا المنطلق شدد على أن الاتحاد لا يمكن له الا ان يكون منخرطا وملتزما بهذا النفس الاصلاحي ومساهما في تجديد النموذج التنموي المنشود.
وذكر بنعبد القادر أن الاتحاد الاشتراكي كحزب وطني وديمقراطي، كان دائما على استعداد للمشاركة الفاعلة والمساهمة الناجعة في التحولات الكبرى التي عرفتها البلاد وبحس وطني رفيع، مشيرا في هذا الصدد لقيادة الحزب لحكومة التناوب والمساهمة في الانتقال السلس للسلطة وانقاذ البلاد من السكتة القلبية والعمل على طي صفحات الماضي ..واليوم يقول بنعبد القادر، الاتحاد الاشتراكي مستعد وعازم وجاهز بكل بنياته وطاقاته وأطره السياسية والفكرية والعلمية والاكاديمية، لدعم النهج الاصلاحي للمؤسسة الملكية والذي تأكد في الخطب السامية لجلالة الملك باعتبار أن يصب في المصلحة العليا للبلاد ولما فيه الخير للشعب المغربي.
وبخصوص دعوة جلالة الملك في خطابه الأخير لنموذج تنموي جديد، أكد بنعبدالقادر على أنه بالرغم من ان المغرب حقق تقدما تنمويا و نجاحا ملحوظا في الاستثمارات وإرساء البنيات التحتية والتجهيزات الاساسية …فهذا لم ينعكس بالشكل المطلوب على مستوى تحقيق العدالة الاجتماعية وادماج الشباب في الشغل، ما حدا بجلالة الملك للتأكيد على ان المغاربة اليوم، يحتاجون للتنمية المتوازنة والمنصفة، التي تضمن الكرامة للجميع وتوفر الدخل وفرص الشغل، وخاصة للشباب، وتساهم في الاطمئنان والاستقرار ، والاندماج في الحياة المهنية والعائلية والاجتماعية، و التطلع لتعميم التغطية الصحية وتسهيل ولوج الجميع للخدمات الاستشفائية الجيدة في إطار الكرامة الإنسانية.
وأشار إلى ان المرء لا يمكن الا ان يكون مرتاحا لمضامين الخطاب الملكي الشامل الذي عاد مرة اخرى للتأكيد على نوع التعليم الذي يجب ان يضمن لابناء المغاربة، ألا وهو التعليم الجيد، الذي لا يقتصر على الكتابة والقراءة فقط ، وإنما يضمن لهم الانخراط في عالم المعرفة والتواصل ، والولوج والاندماج في سوق الشغل ، ويساهم في الارتقاء الفردي والجماعي، بدل تخريج فئات عريضة من المعطلين، مضيفا ، كما جاء في الخطاب الملكي، أن المغاربة يحتاجون أيضا إلى قضاء منصف وفعال، وإلى إدارة ناجعة، تكون في خدمتهم ، وخدمة الصالح العام، وتحفز على الاستثمار، وتدفع بالتنمية، بعيدا عن كل أشكال الزبونية والرشوة والفساد.
وسجل بنعبدالقادر بهذا الخصوص المقاربة التشاركية والديمقراطية التي دعا لها جلالة الملك في اعداد نموذج تنموي جديد، بحكم ان النموذج التنموي الوطني الحالي أصبح اليوم، غير قادر على الاستجابة للمطالب الملحة، والحاجيات المتزايدة للمواطنين، حيث دعا الحكومة والبرلمان، ومختلف المؤسسات والهيئات المعنية ، كل في مجال اختصاصه ، لإعادة النظر في هذا النموذج التنموي، مؤكدا على المقاربة التشاركية، التي اعتمدت في القضايا الكبرى، كمراجعة الدستور، والجهوية الموسعة، من اجل إشراك كل الكفاءات الوطنية، والفعاليات الجادة، وجميع القوى الحية للأمة.
وفي ما يتعلق بتحديات العمل الحزبي والتنظيمي في ظل التطورات المتسارعة للتكنولوجيات الحديثة، اوضح القيادي الاتحادي، أن الاتحاديات والاتحاديين مطالبون بالتفكير، اكثر من أي وقت مضى، في هذا المستجد الذي فرض نفسه في اطار العولمة التكنولوجية لما له من دور اساسي وحاسم في التعبئة والتنسيق والتواصل. وساق أمثلة عديدة من خلال استغلال شبكات التواصل الاجتماعي في التعبئة لما سمي بثورات الربيع العربي او في الدول الاوربية كإسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة الامريكية ابان الحملات الانتخابية.
وفي هذا السياق ابرز بنعبد القادر على ان الرهان اليوم اصبح معقودا على حسن استعمال التكنولوجيات الحديثة واستغلالها في تعبئة المواطنين لما فيه خير البلاد وخلق رأي عام وطني حول قضايا وطنية كبرى يتملك الاتحاد الاشتراكي المبادرة فيها، متأسفا في نفس الوقت على الاستغلال السلبي لشبكات التواصل الاجتماعي في تصفية الحسابات الصغيرة الضيقة والقيام بحرب البسوس، ونشر الترهات والنزعات الذاتية والشخصية، لذلك يقول بنعبدالقادر، فنحن مدعوون لاستخلاص الدروس في هذا المجال ووما يدور في محيطنا.
ولم تفته الفرصة بأن يضع النقط على الحروف بشأن مساءلة بعض البديهيات التنظيمية الحزبية التي كانت تعتمد عليها التجربة الحزبية سلفا ، والى اي حد مازالت لها قيمة مضافة او بالاحرى نافعة في عصرنا الحاضر الذي يتميز بالهاتف النقال المرتبط بالانترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي …كما تطرق للوسائل الحديثة في إقناع المواطن وخلق رأي عام وطني حول قضية معينة التي لم تعد كافية فيها فقط وسيلة الترافع وتقديم القضية والمطالب المرتبطة بها، موضحا أن المعارك السياسية في العصر الحالي لم يعد الخوض فيها يتم سوى بالوقائع والحقائق ، كما كان في السابق الاتحاد الاشتراكي حين رفع شعار “الحقيقة اولا”، بل اليوم، كما عاين ذلك العالم ككل في التجربة الفرنسية للوصول الى قصر الاليزيه، من خلال تأسيس حزب في 13 شهرا ، او في نمط الحملة الانتخابية للرئيس الحالى لأمريكا ترامب، اذ الآن أصبحت المعارك السياسية والانتخابية والتواصل مع المواطنين تخاض بما يسمى في معجم اوكسفورد كمصطلح POST VERITE ما بعد الحقيقة.
وفي معرض رده على بعض الاسئلة الني تهم قطاع اصلاح الادارة والوظيفة العمومية، قال الوزير ” إن فئة المتصرفين كانت من بين الفئات الاولى التي استقبلتها في الوزارة واستمعت لها وتفهمت قضية ملفهم وقلت هذا في البرلمان في رد على سؤال بهذا الخصوص. وهذا يبقى موقفي، لكن البت النهائي في الملف يهم الحكومة بأكملها “.
كما أكد الوزير الاتحادي انه لم يقدم اية وعود لأية فئة معينة قد استقبلها في اجتماع وحيد ، في اشارة لحركة الاطر المشتركة حملة الشواهد، كما انه لم يوقع اي اتفاق او محضر اجتماع مع أية فئة كانت، موضحا في هذا الاطار ان التفاوض له أدبياته وخصوصياته، وله أيضا ممثلوه القانونيون.
وذكر بنعبد القادر ” أن المبدأ العام الذي يؤكد عليه هو لابد من العدالة الأجرية ولا اصلاح بدونها ، وهذا يتطلب عملا ومجهودا كبيرا ولا يمكن تحقيقه بين عشية وضحاها، مذكرا أن شغيلة الموظفين لها مركزيات نقابية بمثابة ممثليها القانونيين؛ واستقبالنا لفئات من الموظفين فهو يأتي من صميم الاستماع والانصات لقضاياهم وتفهمها من اجل استدماجها في عملنا وخططنا واستراتيجيتنا الاصلاحية بشكل عام”.
وكان سعيد مسكيني كاتب فرع حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قد ألقى كلمة ترحيبية بضيف مدينة ابي الحعد محمد بنعبد القادر ، ثم الحضور الذي جاء من المدن والاقاليم المجاورة للمساهمة الفعالة في هذا اللقاء التواصلي ما بين القيادة الحزبية والقواعد المحلية والاقليمية. كما اعطي سعيد مسكيني نبذة عن السيرة المهنية والنضالية لمحمد بنعبد القادر، ثم طرح اسئلة سياسية حارقة تسائل الاتحاد الاشتراكي في هذه المرحلة السياسية العصيبة، و أسئلة تهم العمل التنظيمي والحزبي التقليدي وتحديات الواقع والعصر الحديث المتميز بتسارع التطورات التكنولوجية والتحولات الاجتماعية والاقتصادية ودور الاتحاد كحزب ديمقراطي اشتراكي لربح هذه الرهانات ومجابهة هذه التحديات.
ويذكر أن اللقاء عرف نقاشا غنيا ومستفيضا ينم عن غيرة المناضلين على حزب الاتحاد الاشتراكي واسترجاع مكانته داخل المجتمع والمشهد السياسي المغربي، وتملكه للمبادرة السياسية ، وهذا ترجمته مختلف التدخلات .