بعد أسبوع من نشر الشاعرة دارين طاطور قصيدة على فيسبوك بعنوان «قاوم يا شعبي قاومهم» جاءت الشرطة الإسرائيلية إلى منزلها في منتصف الليل واعتقلتها.
وستعرف الشاعرة التي تنتمي لعرب إسرائيل يوم الاثنين المقبل إن كانت ستدخل السجن بتهم التحريض على العنف ودعم جماعة إرهابية. ويصل متوسط الحكم في قضايا مشابهة إلى تسعة أشهر لكن أقصى عقوبة قد تواجهها هي خمس سنوات.
ويقول مدعون إسرائيليون إن طاطور (35 عاما) دعت للعنف بقراءة قصيدتها في مقطع فيديو نشرته على فيسبوك ويوتيوب يظهر فيه شبان فلسطينيون ملثمون وهم يرمون الحجارة والقنابل الحارقة على جنود إسرائيليين.
وجاء في القصيدة التي نشرت فيما بدأت موجة من هجمات فلسطينية في الشوارع بالمنطقة «قاوم يا شعبي قاومهم/قاوم سطو المستوطن/ واتبع قافلة الشهداء».
وقالت طاطور لرويتز في مقابلة بمنزلها في الرينة بشمال إسرائيل حيث تقبع رهن الاعتقال المنزلي «لم يفهموا قصيدتي. هناك كفاح يصورونه بأنه عنف».
وأضافت «الهدف من قصيدتي هو القول «كفى». المرء يشعر بأهله. أنا أنتمي للشعب الفلسطيني. وأعيش هذا الكفاح وتحدثت عنه من خلال هذه القصيدة».
وأثارت قضية طاطور اهتمام المدافعين عن حرية التعبير. كما لفتت الانتباه أيضا للتقنية المتطورة التي تستخدمها وكالات الأمن الإسرائيلية للبحث عبر شبكات التواصل الاجتماعي ورصد واعتقال مستخدمين يشتبه بتحريضهم على العنف أو تخطيطهم لهجمات.
ويقول منتقدون إن الإجراءات تنطوي على أوجه قصور لأن هناك أشخاصا اعتقلوا فقط على أساس الاشتباه بأنهم قد يرتكبون جريمة دون أن يكونوا قد أقدموا على ذلك بالفعل. وترفض إسرائيل هذه الانتقادات قائلة إن مخاوفها الأمنية فوق أي اعتبار.
وتستخدم بعض وكالات المخابرات الغربية أساليب مراقبة مشابهة لرصد أفراد بعينهم لكن خبراء يقولون إن إسرائيل تبدو الوحيدة التي تستخدم هذه الأساليب أساسا للاعتقال. * وقود يؤجج الإرهابيين»
منذ أكتوبر 2015 قتل 51 إسرائيليا في حوادث طعن وإطلاق رصاص ودهس بسيارات نفذها فلسطينيون. ويقول قادة فلسطينيون إن هذا رد فعل من المهاجمين على احتلال إسرائيل لأراض يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها.
وقتل أيضا نحو 270 فلسطينيا في العامين الأخيرين. وتقول إسرائيل إن ما لا يقل عن 180 من هؤلاء قتلوا أثناء تنفيذ هجمات كلها تقريبا فردية بينما قتل آخرون خلال اشتباكات. وقالت وزيرة العدل أيليت شاكيد خلال مؤتمر إلكتروني في جامعة تل أبيب خلال يونيو «التحريض على الإنترنت هو وقود يؤجج الإرهابيين في هذه الموجة من العنف».
ويقول مدعون إسرائيليون إن طاطور متورطة أيضا بسبب تدوينات أخرى غير القصيدة التي نشرت يوم الثالث من أكتوبر 2015.
وقال مسؤول في وزارة العدل «محاولة تصويرها كفنانة وشاعرة كتبت شيئا بريئا هو تحريف للحقيقة».
وذكر خبير في الترجمة العربية خلال محاكمتها أن «شهيد» تعني «إرهابي» لأي إسرائيلي. لكنها تعني ضحية بالنسبة للفلسطينيين أو أي شخص يقتل في الصراع مع إسرائيل سواء كان من المارة أو مهاجما.
وتقول وزارة العدل إن الاتهامات في قضايا التحريض على الإنترنت زادت بواقع ثلاثة أمثال في إسرائيل منذ 2014 وإن معظم المتهمين شبان فلسطينيون.
وفي الضفة الغربية المحتلة زادت الملاحقات من جيش إسرائيل أيضا وفقا لتقرير من المدعي العام العسكري. وأفاد تقرير نشر في صحيفة هاآرتس الإسرائيلية أنه جرى توجيه 170 اتهاما في 2016.
وقال ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي إن اعتقال أي شخص بتهمة التحريض يتطلب موافقة قضائية مثلما هو الحال داخل إسرائيل. *المطاردة بالخوارزميات.
ينشر الكثير من المهاجمين الفرديين رسائل وداع قبل أن ينطلقوا. ولاعتراض هؤلاء المهاجمين ومنع وقوع الهجمات تمشط قوات الأمن الإسرائيلية شبكات التواصل الاجتماعي باستخدام برنامج تحليل بيانات معقد يقوم بتحليل كميات هائلة من البيانات.
وقال مصدر أمني إن البرنامج يستخدم خوارزميات بحيث تعطي كلمات معينة مثل « شهيد « علامة حمراء وكذلك أسماء أي أشخاص سبق ونفذوا هجمات.
ويقول ناداف أرجامان رئيس جهاز الأمن الداخلي (شين بيت) إنه جرى منع ألفي مهاجم فردي محتمل باستخدام تكنولوجيا متطورة منذ 2016 وذكر مصدر في شين بيت أن بعض المهاجمين المحتملين ألقي القبض عليهم ومثلوا للمحاكمة بينما تلقى البعض الآخر تحذيرات.
وذكر المصدر أن بعض المشتبه بهم وضعوا رهن الاعتقال الإداري الذي تحتجز بموجبه إسرائيل فلسطينيين دون محاكمة. وتقول إسرائيل إن من الضروري منع العنف في حالات لا تتوافر فيها أدلة كافية لإجراء محاكمة.
وعندما سئلت عن سياسة إسرائيل قالت شركة فيسبوك إن التدوينات العلنية يمكن أن يقرؤها أي شخص بما في ذلك ضباط إنفاذ القانون والمخابرات. ورفضت شركة جوجل التي تملك يوتيوب التعقيب.
ومن بين الذين وجهت لهم تهم التحريض على الإنترنت تمارا أبو لبن (16عاما) التي اعتقلت في القدس الشرقية في يوليوز. وقال والدها معمر إنها نشرت مقطع فيديو على الإنترنت يظهر فيه رجل عجوز وهو يتشاجر مع قوات الأمن الإسرائيلية قائلا «أنا جاي استشهد عشان الأقصى.. طخوني (اقتلوني)».
ولم توجه لها اتهامات لكنها احتجزت لمدة يومين ومنعت من استخدام فيسبوك لمدة 180 يوما. وقال والدها إن جهاز الأمن الداخلي اتصل به ليبلغه بأنهم يراقبونها.
وقال والدها «إنهم على قناعة بأنها ستفعل شيئا. طلبوا مني التزام الحذر. حاولت أن أبلغهم بأن هذا فيسبوك وأنها تبحث عن نقرات الإعجاب».
ولم تعقب الشرطة على قضيتها لأنها قاصر.
شاعرة تحت المحاكمة.. كيف تلاحق إسرائيل منفذي الهجمات الفردية على الإنترنت
بتاريخ : 30/10/2017