بوعبيد بوزيد المتعدد والمتفرد.. حكاية فنان تشكيلي

عن منشورات “باب الحكمة”، صدر للباحث المغربي مخلص الصغير كتاب عن الفنان التشكيلي بوعبيد بوزيد، بعنوان “بوعبيد بوزيد المتعدد والمتفرد، حكاية فنان تشكيلي”.
ينتمي هذا الكتاب إلى خزانة الكتب النفيسة في المغرب، وفيه يستعرض مخلص الصغير، وبلغة شاعرة، السيرة الزاخرة لبوعبيد بوزيد في الفن وفي الحياة.
من خلال هذا الكتاب يمكن للمتصفح، أيضا، أن يطالع صفحات من تاريخ المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان، على مدى سبعة عقود من الزمن، وصفحات أخريات من تاريخ الفن في مدينة تطوان، وفي المغرب بشكل عام. وإذا كان بوعبيد بوزيد قد نذر حياته للفن وتاريخ الفن فهذه “المونوغرافيا”، كما يقول عنها مخلص الصغير، إنما هي محاولة لكتابة تاريخ فنان اسمه بوعبيد بوزيد.
كما يأتي هذا الكتاب مقدمة لمشروع ثقافي وفني دشنه مخلص الصغير، وهو يسعى في كتابة ذاكرتنا الجمالية، عبر تحرير ما يسميه “المدونة التشكيلية المغربية”. حيث يرى المؤلف أن “تاريخ الفن هو أكثر المناطق إشعاعا والتماعا في ذاكرة الإنسانية، لأنه يوثق لأرقى اللحظات التي عاشها الكائن الإنساني، وهو يرسم الجمال أو يشاهده، من خلال أعمال فنية… لذلك، يقترح هذا الكتاب القيام بمهمة استعجالية، وهي كتابة تاريخنا الجميل”.
وبحسب مؤلف الكتاب، يستمد بوعبيد بوزيد فرادته من تعدد انشغالاته واتساع مجالاته، فهو الفنان التشكيلي ومؤرخ الفن والمتخصص في علم المتاحف، وفي ترميم الأعمال الفنية، والباحث في التراث. وقد استطاع هذا المبدع و”الفنان الجامع”، أن يقدم للحقل التشكيلي في المغرب منجزا أصيلا، “يستمد وعيه الجمالي من البراعة التي تشربها في المدرسة الوطنية للفنون الجميلة بتطوان، ومن المعارف الفنية والنظرية التي تلقاها في الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة في بروكسيل، خلال سبعينيات القرن الماضي”.
فبوعبيد بوزيد هو سليل المعهد الوطني للفنون الجميلة، منذ كان مدرسة ومهدا للدرس التشكيلي في المغرب، إلى أن صار معهدا وأكاديمية للفنون. وقد ظل بوزيد وفيا لهذا المعهد، وهو وارث سره، والمؤتمن على تراث الرعيل الأول من الأساتذة والتشكيليين المغاربة، أعلام مدرسة تطوان، منذ محمد السرغيني وعبد الله الفخار والمكي مغارة وسعد بن السفاج وغيرهم. لكن بوزيد سينحت لنفسه تجربة خاصة، منذ البداية، مستفيدا في ذلك من الدراسة المعمقة للفن وتاريخه، كما تلقاها في الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة في العاصمة الأوروبية بروكسيل، منذ 40 سنة من اليوم.
وهذا الكتاب ليس “مونوغرافيا” وحسب، تستعرض المسار الفني لبوعبيد بوزيد، بل هو عمل بيوغرافي أيضا، قدم لنا سيرة هذا الفنان التشكيلي، منذ دهشة الطفولة إلى اليوم. مثلما يضيء هذا الكتاب أعمال بوعبيد بوزيد، ويقترب منها اقترابا نقديا يكشف عن الخلفيات والأساليب والتقنيات التي شكلت أعمال هذا الفنان التشكيلي، منذ تجاربه الأولى، التجريدية الهندسية، وتجاربه في “التشخيصية المؤسلبة”، وصولا إلى أعماله الأخيرة، التي ارتبطت بفن الكولاج، عبر أساليب وتراكيب وأبعاد لا متناهية، تؤكد خصوصية “بوعبيد بوزيد المتعدد والمتفرد”، مثلما هو عنوان هذا الكتاب.
وإذا كان هذا الكتاب لا يدعي الإحاطة بأخبار وأعمال بوعبيد بوزيد، فإنه يزعم أنه جاء بالجديد، وكشف عن الكثيرمن أسرار بوزيد، وأنه قد يكون مقدمة ومرجعا عمدة لمن يريد الاشتغال على تجربة هذا الفنان، أو الانشغالبالبحث في تاريخ الفن التشكيلي المغربي.
وبالنسبة إلى مؤلف الكتاب، فإن هذا العمل، فضلا عن بعده التوثيقي والنقدي، فهو يصدر عن قيمة أساسية هي الباعث على كتابته وتأليفه، وهي قيمة “الاعتراف” التي تدعونا إلى دراسة وتأمل التجارب الفنية والإبداعية لمبدعين مغاربة قدموا الكثير للكثير من الأجيال، وأصروا، مدى حياتهم، على الانتصار للفن والجمال.


الكاتب : مراسلة خاصة

  

بتاريخ : 17/11/2017