في كلمته أمام حفل تنصيب أعضاء لجنة تحكيم جائزة المجتمع المدني في دورتها الأولى، الأسبوع الماضي. اعتبر الأستاذ عبد المقصود الراشدي رئيس لجنة التحكيم لجائزة المجتمع المدني ، أن خلق جائزة المجتمع المدني بالمغرب، يعد تجاوبا مع أحد مطالب وانتظارات الحركة الجمعوية، واعترافا بالأدوار الاجتماعية والثقافية والتربوية والتنموية، التي أدتها هذه الحركة التطوعية منذ الاستقلال، كواجب تُجاه وطننا العزيز، من خلال الترافع، والدفاع عن حرية التعبير، وتأسيس الجمعيات، وخدمة المجتمع، وهو ما تأتّى لنا اليوم، باعتراف، وتثمين لمقتضيات الدستور الحالي بأدوار المجتمع المدني، بعد مرافعته في الموضوع، مما يعطي للحركة الجمعوية أدوارا مؤسسية، تعطي لفعله قوة أساسية في مسار التطور الديمقراطي ببلادنا.وفيما يلي نص الكلمة
«يسعدني باسم عضوات وأعضاء لجنة التحكيم التنويه بمبادرة خلق جائزة المجتمع المدني ببلادنا، تجاوبا مع أحد مطالب وانتظارات الحركة الجمعوية، واعترافا بالأدوار الاجتماعية والثقافية والتربوية والتنموية، التي أدتها هذه الحركة التطوعية منذ الاستقلال، كواجب تُجاه وطننا العزيز، من خلال الترافع والدفاع عن حرية التعبير وتأسيس الجمعيات وخدمة المجتمع، وهو ما تأتى لنا اليوم باعتراف وتثمين لمقتضيات الدستور الحالي بأدوار المجتمع المدني، بعد مرافعته في الموضوع، مما يعطي للحركة الجمعوية أدوارا مؤسسية تعطي لفعله قوة أساسية في مسار التطور الديمقراطي ببلادنا.
واسمحوا لي كذلك أن أشكر السيد الوزير على تشريفي وأعضاء لجنة التحكيم بهذه المهمة النبيلة في دورتها الأولى، التي نعتبرها لحظة تأسيسية مجددة للعمل المشترك مع مختلف مكونات الحركة الجمعوية بما يخدم الوطن في جسد جمعوي قادر على الفعل في مختلف المبادرات الكبرى …
ولعله من المهم التأكيد على أن اختيار 15 نونبر كتاريخ لهذه الجائزة، له دلالة رمزية في تاريخ المغرب الحديث بما يرسخ للتعدد والتنوع والتطلع إلى دولة وطنية ديمقراطية، دولة القانون، والحق في العيش الكريم والعدالة الاجتماعية….
ولهذه الرمزية اليوم أفق مستقبلي يجعلنا نستحضر مرافعة ونضال الحركة الجمعوية في تعددها: مسرح- سينما – طفولة- شباب- اوراش- كشافة – ثقافة…من اجل حرية التعبير والديمقراطية وتأسيس الجمعيات والفعل المدني التطوعي، وهنا تحضرني اللحظة وجوه: محمد الحيحي، والطيبي بنعمر، وبركاش- وطراغا- فاطمة المرنيسي- عبد الكريم الفلوس…وآخرون رحمهم الله، كما تحضرني وجوه كثيرة في مختلف مناطق المغرب التي أسست لحركة جمعوية بقيم وطنية ومدنية نبيلة، إلى هذا المستقبل الذي يتطلب منا اليوم وقفة جماعية للتأمل ورد الاعتبار للفاعل الجمعوي الذي اختار عن طواعية وقناعة خدمة الآخرين وإسعادهم، لأنها تخدم الوطن.
إن هذا المستقبل يتطلب منا الإسراع في العمل المشترك لتمكين بلادنا من تأهيل وتطوير الحركة الجمعوية التي يتميز بها المغرب عن باقي جيراننا في المتوسط، وجعلها في مستوى المشروع التنموي الديمقراطي الذي يتطلع له المغرب برهاناته التنموية والاجتماعية والثقافية .
إن هذا العمل يجب أن ينطلق من مقتضيات الدستور، والذي خول للحركة الجمعوية أدوارا أساسية وتمكينها من ترسانة قانونية وآلياتها لخلق دينامية جديدة على قاعدة الاستقلالية والفعالية والنجاعة، وذلك ب:
مراجعة وتطوير قانون الجمعيات لترسيخ الحريات وحق تأسيس الجمعيات، وضمان استقلاليتها، وتحديد معايير تصنيفها، وتقوية الحكامة الداخلية بها، على قاعدة تحديد مرجعية التوجهات والأهداف وتحديد مؤشرات القياس والمردودية والتقويم.
تنفيذ مقتضيات الدستور الخاصة بالمجتمع المدني، وخاصة بضرورة الإسراع بإخراج وإصدار الآليات القانونية والتنظيمية والهياكل الأساسية للديمقراطية التشاركية.
تمكين الجمعيات من حقها في وسائل العمل والمردودية من تعاقدات عامة توفر لها المقرات والأجراء والخبراء، لضمان مهنية أكثر للعمل التطوعي ببلادنا.
إخراج قانون المحاسبة الجمعوية، تلائم خصوصية عملها، وتطوير فعلها الميداني لضمان قواعد محاسبة خاصة بها.
تمكين الجمعيات من إعفاءات ضريبية تنسجم وطبيعة عملها التطوعي، وضمان امتيازات اجتماعية محددة قانونا، للمساهمة في امتصاص البطالة الشبابية ذات الكفاءة في الموضوع.
إصدار قانون التطوع بما يضمن ويحدد الحقوق والواجبات للشخص المعني وكذلك إصدار قانون الفاعل الاجتماعي Acteur social يضمن له وضع قانوني، ويجعله جزءا من شبكة الوساطة الاجتماعية عن قرب..
وطبعا هناك العديد من المطالب والتوصيات للحركة الجمعوية في تراكمها، والحوارات والدينامية التي عرفتها الساحة الجمعوية في السنتين الأخيرتين، وخاصة التوصيات الوجيهة لبعض المؤسسات الدستورية كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مما يتطلب في هذه اللحظة التأسيسية ملتقى وطنيا لتجميع الخلاصات والتوصيات والعمل المشترك من أجل العمل على إصدار قانون يفتح آفاقا جديدة للحركة الجمعوية التطوعية الديمقراطية للمساهمة في المشروع التنموي الحداثي الديمقراطي خدمة لبلادنا، على قاعدة حريتها واستقلاليتها وضمان شروط تأهيلها للقيام بواجبها.
أيها الحضور الكريم.
إن مختلف هذه القضايا والتطلعات شغلتنا بلجنة التحكيم احتفاء بهذه الجائزة في دورتها الأولى، ولرمزية تاريخ تنظيمها، و هو احتفاء بالحرية و الاستقلالية و العمل المؤسسي المنظم، من خلال اطّلاعنا على الملفات و دراسة المبادرات، و التمعن في وثائقها المكتوبة على قاعدة العمل، الذي قامت به اللجنة التنظيمية، مشكورة، لتصريف المعايير، و تدقيق الجدة والتميز، في كل مبادرة، و مدى فعاليتها ونجاعتها و ارتباطها بالقيم المدنية و التطوعية ،و الاستقلالية و علاقة كل ذلك بأهداف الجمعية المعنية….
و هكذا من بين 232 ملفا توصلت به اللجنة التنظيمية موزعة على 159 جمعية و 73 شخصية، توصلت لجنة التحكيم بما مجموعه 65 ملفا لمبادرات الجمعيات للتباري على الجائزة موزعة على 53 مبادرة للجمعيات المحلية و 11 للجمعيات الوطنية و ملف 1 لجمعيات مغاربة العالم.
أما ما يخص ملف الشخصيات،فلم يتجاوز العدد 33 ملفا لفاعلات وفاعلين جمعويين رشحوا أنفسهم لهذه الجائزة.
وعليه، فإن لجنة التحكيم، إذ تنوه بمختلف المبادرات و الاجتهادات التي رشحت نفسها للجائزة، فإنها تسجل:
أن مختلف المبادرات، تتميز في أغلبها، بكونها مشاريع تنموية محلية، ضمن برامج التنمية البشرية، ودعم بعض الشركاء محليا كالمجالس المنتخبة على تعددها، وأحيانا وطنية، كما أن هناك مبادرات محدودة جدا بدعم من بعض المنظمات والمؤسسات الدولية
محدودية الترشيحات خاصة بالنسبة للشخصيات الجمعوية.
محدودية الترشيحات من جمعيات مغاربة العالم المتميزة بدينامية خاصة للأسف الشديد…
ولذلك، فان لجنة التحكيم، إذ تؤكد تنويهها بالمشاركات والمشاركين، تتطلع في هذه الدورة التأسيسية، إلى أن تشكل الدورة المقبلة نفسا جديدا للجائزة، وأفقا لمشاركة غنية، متنوعة مجاليا وقطاعيا ولمغاربة العالم، تعكس الدينامية الجمعوية المغربية التي نعتز بها.
وأخيرا،فإن مداولات لجنة التحكيم بعد فحصها وتدقيقها لكل مبادرة على حِده، على ضوء الوثائق المتوصل بها، واستنادا للمعايير المشار إليها سابقا، عبر أربع مراحل رشحت في المرحلة الأخيرة :
4 مبادرات من صنف الجمعيات المحلية.
4 مبادرات من صنف الجمعيات الوطنية.
ملف واحد للشخصيات الجمعوية.
كما اضطرت اللجنة بكل أسف حجب جائزة مغاربة العالم.
وبعد إعادة دراسة مجمل هذه الملفات مرة أخرى، تم الاحتفاظ بملفين من كل صنف فقط، ليتم الاتفاق على الاحتفاظ بهما وترتيبهما في نفس الصنف لتسمية الجائزة الثانية، ثم الجائزة الأولى، لصنف الجمعيات المحلية وكذا الشأن بالنسبة للجمعيات الوطنية.
أما صنف الشخصيات المدنية الجمعوية، فإن اللجنة، قررت تسليم جائزة وحيدة وحجب الجائزة الثانية. وهي الجوائز التي سيعلن عنها حالا بحضوركن وحضوركم. واسمحوا لي في نهاية هذه الكلمة، بالتنويه بفريق العمل الذي يسر عملنا ولعضوات وأعضاء لجنة التحكيم على حس المسؤولية والموضوعية والجدية والالتزام، والعمل الجماعي البناء من أجل إعطاء أفق قانوني جديد ومؤسسي، تفعيلا للدستور من أجل الحركة الجمعوية المستقلة ولفعاليتها خدمة للديمقراطية التشاركية. «