محنة عمال شركة سيكوميك متواصلة : 650 عائلة بمكناس يتهددها التشريد والضياع

منذ بداية شهر نونبر 2017 ، و650 مواطنا من عمال وعاملات سيكوميك ، يظلون بباب المعمل الكائن بشارع السعديين بطريق البساتين ، ينتظرون من الادارة التي أغلقت أبواب المقاولة إغلاقا كليا ، أن تفي بما التزمت به أمام اللجنة الاقليمية للبت والمصالحة ، وذلك بتأدية جزء من أجرة عمل شهر أكتوبر المستحقة ، ثم فتح المعمل في وجه العمال لمزاولة عملهم .. لكن بدون جدوى ،اذ بالرغم من كل المساعي التي بذلها الاتحاد الجهوي لكدش والمكتب النقابي للعمال ، وبالرغم من الوقفات الاحتجاجية أمام مقر كدش والمسيرات التي نظمها العمال من أمام باب المقاولة حتى مقر منظمتهم النقابية ، رغم كل هذه الحركات التي لم تكن هدفا في ذاتها ، بل كانت مجرد وسيلة للفت الانتباه الى أن هناك نية مبيتة في تشريد 650 عائلة بمكناس ، بالرغم من كل ذلك فإن أبواب الشركة موصدة في وجه العمال ، وأصحاب الشركة متوارون عن الأنظار ، والجميع يتفرج الى أن تحدث النكبة ، فيتشرد من يتشرد ، ويتوقف عن الدراسة من يتوقف ، ويطلق من يطلق ، ولم لا حدوث الأسوأ ؟
وحتى تكون الصورة واضحة للجميع بدون مغالطات ، لا بد من العودة الى تاريخ الشركة عسانا نكون صورة عن الأمور بعيدة عن تلك الصورة التي تحاول أن تصور العمال على أنهم « شبعو خبز « ؟؟
يعود تأسيس شركة سيكوم ، الاسم الأصلي لشركة سيكوميك ، الى سنة 1974 ، ومنذ انطلاقها والعاملات والعمال محرومون من الاستفادة مما يكفله قانون الشغل من حقوق ، ولو في الحدود الدنيا .. وحرمانهم من الحقوق هذا ، لم يكن بسبب نفوذ رب المعمل فقط ، وإنما يرجع الى ضعف آليات الرقابة من مفتشيات شغل ، و صندوق وطني للضمان الاجتماعي ، وقضاء ..أمام سلطة المال والنفوذ كما عرفته سنوات الرصاص .. يضاف الى ذلك اعتماد السلطات الأمنية والمحلية على «قانون» قمع أية حركة احتجاجية مهما كانت مشروعة .. واستمرت معاناة عمال سيكوم الى حدود الصحوة النضالية التي عرفتها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ، في مطلع التسعينات بمكناس ، حيث الاضرابات بالوكالة المستقلة للنقل الحضري ومعامل الاسماعيلية وأخشاب الأطلس وصوفانور وفيم ومعامل زيوت مكناس ومطاحن زرهون .. ونظرا لصدقية هذه النضالات التحق بصفوف الكدش أنذاك العشرات من القطاعات العمالية ، وبخاصة تلك التي كانت تعرف حيفا وتضييعا لحقوقها الاجتماعية والقانونية ، ومن بينها عاملات وعمال سيكوم ، الذين التحقوا بصفوف الكدش ، وهم لشدة ما يتعرضون له من استغلال ، لا يعرفون كم ساعة يعملون في اليوم ؟ ولا يعرفون كم يتقاضون من أجر مقابل الساعة ؟ حيث كان أحسنهم لا يتجاوز أجره 500.00ده في الشهر ؟ أما العطل والتصريح لدى ص.و.ض.ج. فذاك كان من سابع المستحيلات في سيكوم .. المعارك البطولية ، وحكمة المسؤولين النقابيين محليا واقليميا ، الذين اقترحوا أن تجدول هذه الحقوق على دفعات استمرت ثلاث سنوات جعلت العمال أولا يحصلون على حقهم في الترسيم ، وحقهم في الحد الأدنى للأجر ، وحقهم في منحة الأقدمية ، وحقهم في التصريح بهم لدى الصناديق الاجتماعية ، وحقهم في الاستفادة من العطل .. هكذا وفي صفاء ضمير لرب الشغل في ذات مقابلة نقابية ، صرح يومها بأن تحسين ظروف العمل قد رفع من نسبة الانتاج الى ما يعادل 15 في المائة ، دون أن تبذل الادارة أي مجهود لا في التقنيات ولا في المواد الخام .. هكذا تحسنت العلاقة بين شركاء الانتاج مع ما كان يعتريها بين الحين والآخر من مد وجزر ، لا يلبث أن يزول بالتواصل والحوار ، كما أن العمال الذين هم على جانب كبير من الوعي كانوا يقدرون ظروف الأزمة فينصرفون للعطالة التقنية دون أي احتجاج يذكر ..
ورغم ما يمكن أن يقال عن الخطوات الآتي ذكرها ، من أنها حق من حقوق التصرف لرب الشغل ، فإن المآل الذي آل اليه العمال اليوم من مصير مجهول ل650 عائلة .. يؤكد بأن كل تلك الخطوات انما هي تدبير ممنهج للتخلص من العمال ، بل ولتضييعهم في أي حق يترتب عن هذا التخلص اللاقانوني ، واللاانساني .. ذلك أن بداية خطوات التخلص بدأت سنة 2012 ، يوم أقدم الرئيس المدير العام للشركة ، كانت مع بداية نقل الآليات والأطر التقنية والإدارية الى مصنعين حديثي النشأة لصاحبهما الرئيس المدير العام نفسه .. بعدها تم التخلص من وسائل نقل الشركة ، وبيعها الى ادارة المصنعين حديثي النشأة ؟ بعد ذلك بستة أشهر ، أي في نفس سنة 2012 ، تم التخلص نهائيا من العقار المقام فوقه الشركة الى شركة ، صاحبها هو أخ الرئيس المدير العام لسيكوم ؟؟ .. بعد أن تم تتريك الشركة ، ولم يبق لها الا الأصل التجاري والعمال تم التخلص منها نهائيا في شهر يونيو 2016 ، وذلك ببيع الأصل التجاري بأبخس الأثمان لمستثمرين ، مغربي وفرنسي .. وتنص عقدة البيع بالاضافة الى ضمان حقوق العمال ومكتسباتهم ، على عقدة كراء العقار مقابل عشرة ملايين سنتيم في الشهر .. و وسائل النقل مقابل 2100.00 في اليوم .
المستثمرون الجدد التزموا أمام السيد عامل مكناس باحترام المادة 19 من مدونة الشغل ، وهي التي تضمن الحقوق المادية والمعنوية المكتسبة للعمال قبل البيع .. لكن العمال أصبحوا بعد شهرين من بيع الشركة مضطرين الى رفع العديد من الشكايات ، وطلب عقد اللقاءات إن تحت اشراف المديرية الاقليمية للشغل ، أو تحت اشراف السلطات المحلية ، فقط من أجل جعل الادارة الجديدة تؤدي أقساط الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتغطية الصحية التي تقتطع من أجور العمال ؟ وفي هذا يتوفر العمال على أربعة محاضر اجتماعات تمت تحت اشراف اللجنة الاقليمية للبت والمصالحة ( 27 يناير ـ 8 غشت ـ 17 أكتوبر ـ 22 نونبر 2017 ) .. بل ان الادارة الجديدة لم تلتزم بأي بند من المادة 19 الذي يحمي حقوق العمال ، إن في حالة البيع او في التوقيف .. بل انه وفي ظروف غير معلنة تم رهن الحق التجاري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مقابل دين 700مليون سنتيم ؟؟ والى البنك المغربي للتجارة الخارجية مقابل دين 200 مليون سنتيم ؟؟
اليوم ، وعلى أنظار الملأ والأشهاد ، يتوجه العمال منذ 2 نونبر 2017 جميعهم الى باب المعمل ، من أجل تنفيذ الادارة ما التزمت به أمام اللجنة الاقليمية ، والمتمثل في أداء تسبيق عن أجرة شهر أكتوبر 2017 قدره ألف درهم مع استئناف العمل ، ليفاجؤوا بالاغلاق الكلي للمقاولة خارج أي ضابط قانوني ؟ ليكون المصير مجهولا ل650 عائلة؟ أكثر من 90 في المائة منها لا مورد لها الا عمل معيلها بهذه الشركة ..


الكاتب : حميد العكباني

  

بتاريخ : 05/12/2017