انطلقت يوم الأربعاء الماضي فعاليات الدورة العشرين لمهرجان الفنون الإسلامية بالشارقة للفنون، وذلك تحت شعار “أثر” كتيمة تعكس الأثر الذي تتركه الفنون الإسلامية بمختلف مجالاتها على المنجز الإبداعي العالمي بما يمثله من قيمة فنية عالية ومكانة استثنائية في تيارات الفنون العالمية.
ويحتضن المهرجان الذي تنظمه وزارة الثقافة والإعلام بإمارة الشارقة أكثر من 181 عملا فنيا متنوعا من اللوحات والأعمال التركيبية والحرفيات والخط الأصيل والجدرايات..يقدمها 43 فنانا من 31 دولة عربية وأجنبية مشاركة في المهرجان.
وعرف الملتقى هذه السنة مشاركة مغربية متميزة من خلال أعمال الفنان التشكيلي المغربي أحمد جاريد، الذي يمثل المغرب بشكل منفرد والذي صرح لنا على هامش هذا الملتقى قائلا: “أشتغل في إطار مشروعي الفني على موضوع الأثر وهو محور وتيمة هذا الملتقى، لذلك حين توصلت بدعوة المشاركة كان الأمر مناسبا لي ولم أضطر إلى الاشتغال على موضوع جديد ، بل كنت أشتغل من داخل موضوع هو جوهر مشروعي كفنان…” ومزج الفنان أحمد جاريد خلال مشاركته بين عرض يتضمن عددا من اللوحات التي تحيل على تيمة اللقاء أي الأثر، وبين تركيب فني كتب عليه بخط عربي : « بعد الإنسان: الأثر..يسمى الإنسان لنسيانه. حين نتأمل حياتنا الماضية يهيأ لنا كمن يرى بحرا مهجورا يتتبع فيه أثر زورق يختفي….” ويعبر من خلال هذا العرض على فكرة الأثر من خلال الريح التي تعصف بقصاصات مكتوبة ومعلقة في فضاء العرض مع موسيقى خلفية أوبرالية..
ويعتبر أحمد جاريد أن العمل الفني ليس تأثيثا للمساحة بالأشكال والألوان، وإنما حذف أكثر ما يمكن من الجمل البصرية والإبقاء على الأساسي منها، بل على أثرها وما تبقى منها إلى حدود تبديدها ونسيانها ضمن اختيار زاهد للخامات الطبيعية يسعى منه إلى قول أكثر ما يمكن قوله بأقل أثر ممكن.
كما كان لحضور المغرب، كوريث شرعي للحضارة الإسلامية الأندلسية بصمات لا تخطئها العين في عمل عدد من الفنانين الأجانب الذين شاركوا في المعرض ، وقدموا أعمالهم متأثرين بشكل كبير بمشاهداتهم للأعمال الزخرفية الأندلسية المغربية، ومن بين هؤلاء الفنانين الأسترالية “ناتالي فيشر” التي قدمت أعمالها تحت إسم “معرض غرزة”، وجاء مطابقا للوحات الزخرفية التي تزين عددا من مساجد المملكة المغربية والتي اشتغلت كما صرحت لنا على اللوحات بطريقة يدوية بالإبرة مستلهمة أعمالها من مشاهداتها بالمغرب. نفس التجربة خاضتها الفنانة الدنماركية بيا جنسن والتي صرحت لنا بتأثرها بالزخرفة الأندلسية المغربية التي اعتبرتها منبع وحي كبير لها.
وتنوعت الأعمال المشاركة في الأطروحات الفنية المقدمة شكلا ومضمونا مما يعكس توق الفنانين المشاركين لتقديم رؤاهم والتعبير بصريا عن مفاهيمهم الجمالية ذات الصلة بالفنون، وتجسيد المفاهيم الإسلامية في أعمال فنية جميلة تبين بوضوح التيمة التي يقوم عليها المهرجان هذه الدورة.
للإشارة تضمن مهرجان الفنون الاسلامية هذا العام، 270فعاليات متنوعة بين المعارض والمحاضرات المتخصصة وورش العمل. تتعاون 28 جهة من دوائر وهيئات ومؤسسات إمارة الشارقة في تنظيمها مع وزارة الثقافة. كما تشمل فعاليات هذه الدورة 44 معرضا يتم تنظيمها في عدد من المتاحف والمراكز الفنية والأماكن العامة و153 ورشة فنية و27 عرض فيديو إلى جانب 46 محاضرة، فضلا عن اللقاء الحواري المفتوح بين الفنانين والجمهور أثناء افتتاح العروض الفنية.