تعد إندونيسيا والمغرب، بالرغم من بعد المسافة بينهما في أقصى شرق وغرب العالم الإسلامي، من البلدان التي تتقاسم العديد من أوجه التشابه، وتميل إلى تعزيز قيم الاعتدال والوسطية.
ويحرص البلدان، اللذان يعملان بقوة على إبراز قيم الاعتدال والتسامح من خلال العديد من المقاربات والمبادرات وكلما سنحت الفرصة لذلك، على إبراز نموذج الإسلام الحقيقي بعيدا عن الصور والقوالب النمطية الجاهزة.
وفي هذا الإطار، قام أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، رئيس المجلس العلمي الأعلى، بتأسيس معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، الذي يعمل بشكل ملموس على تعزيز دور الإسلام باعتباره دين سلام ورحمة.
وقال سفير جمهورية إندونيسيا في الرباط، سياريف سيامسوري، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن مبادرة جلالة الملك محمد السادس، بإنشاء ”معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات”، تضمن توجها دينيا أفضل وتمكنا من المناهج والمعرفة التي تسمح للأئمة بتنفيذ المهام المنوطة بهم .
وأشاد السفير بهذه المبادرة، التي تم إطلاقها بفضل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك، والتي تمنح أئمة من عدة بلدان فرصة جيدة لتحسين معارفهم وتكوينهم، وترسيخ قيم التسامح الديني.
وفي السياق ذاته، أوضح إمام مسجد الاستقلال في إندونيسيا، نصر الدين عمر، في تصريح مماثل، أن المغرب وإندونيسيا يمثلان نموذجين جيدين للإسلام المعتدل وينقلان إلى المجتمع الدولي القيم الحقيقية للدين الحنيف، بعيدا عن مفاهيم التطرف والعنف.
كما نوه بالتعاون الثنائي في هذا المجال، والذي يعكس العلاقات المتينة التي ينسجها البلدان، وكذا الإرادة المشتركة والثابتة لتقديم قراءة معمقة وذات مستوى عال للدين الإسلامي، لاسيما لفائدة المجتمع الغربي.
وأشار إمام أكبر مسجد في منطقة جنوب شرق آسيا إلى أن ”المغرب وإندونيسيا بلدان رائدان في ما يخص تعزيز القيم الحقيقية للإسلام، إذ يمثلان صورة جيدة لهذا الدين الحنيف لدى المسلمين وغير المسلمين على حد سواء”.
من جهته، قال خريج دار الحديث الحسنية، حسن الأمل، إن المجتمع الدولي يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى مقاربة ترتكز على قيم الإسلام المعتدل والمتسامح، التي يعمل النموذج المغربي على تعزيزها على نطاق واسع.
واعتبر حسن الأمل أن ”دار الحديث الحسنية، المؤطرة من قبل علماء كبار في مجال الشريعة، تعد مكانا مثاليا من أجل تمكين طلبتها من التسلح بأسس الفقه الإسلامي وفق رؤية معتدلة تشجع على التشبث بقيم الاعتدال والوسطية”.
وفي معرض إشارته إلى السياق العالمي المتسم بتوترات دينية وإيديولوجية قوية، أكد على الحاجة إلى الانفتاح على المقاربات التي تكرس مبادئ التسامح والاعتدال، على غرار النموذجين المغربي والإندونيسي.
كما دعا خريج دار الحديث الحسنية إلى إبرام اتفاقيات وشراكات جديدة في مجال الدراسات الدينية من أجل تعزيز التبادل الثنائي، من خلال إرساء تقارب بين الشعبين الشقيقين اللذين يتقاسمان نفس المقاربات والرؤى الدينية.
وخلص إلى أن الإسلام يعد بمثابة رسالة سلام ورحمة صالحة لكل زمان ومكان ولمختلف الأجيال.
على صعيد آخر، تحرص جمهورية إندونيسيا على تكوين الأطر الدينية من خلال مدارس الشريعة التي تعمل على تكريس احترام الاختلاف ومواجهة التطرف والإرهاب في مختلف التظاهرات التي تنظمها. كما تعمل البلاد، من خلال نظامها التعليمي، على برمجة مادة مخصصة لمكافحة التطرف، من مرحلة التعليم الابتدائي إلى السلك الجامعي.
ويضم هذا البلد الإسلامي، الأكبر في العالم مع ما يقرب من 254 مليون نسمة، نسبة 87 في المئة من المسلمين، كما يضمن التعايش الكامل بين مختلف الديانات والطوائف على الرغم من وجود نحو 300 قبيلة عرقية.
المغرب وإندونيسيا، بلدان يميلان معا إلى تعزيز قيم الاعتدال والوسطية
الكاتب : نادية الأحمر
بتاريخ : 29/12/2017