هي ثاني أكثر الأمراض شيوعا التي تطالهم : الأطفال أكثر عرضة للإصابة بالتهابات الأذن خلال موسم البرد

تعدّ التهابات الأذن وعدم القدرة على السمع من أشهر الإصابات والأمراض التي تصيب الكثيرين خلال فترة الخريف والشتاء، بسبب انخفاض درجات الحرارة وبرودة الطقس الشديدة، ووجود بعض الأتربة التي تؤثر مباشرة على انتقال الفيروسات إلى الأذن، كما أن هناك عددا من الأمراض التي تؤدى إلى التهاب الأذن، وأهمها التعرض لنزلات برد.
وتتكوّن الأذن البشرية من ثلاثة أجزاء، أولها الأذن الخارجية أو «صوان الأذن»، ووظيفتها تجميع الأصوات وتوصيلها عبر قناة الأذن الخارجية إلى الغشاء الرقيق الذي يدعى طبلة الأذن، والذي يهتز تبعا لتلك الأصوات. ثم الجزء الثاني وهو الأذن الوسطى، وهو عبارة عن تجويف عظمي بالجمجمة يحتوي على ثلاث عظيمات صغيرة، وظيفتها تضخيم الموجات الناجمة عن الأصوات ونقلها للأذن الداخلية. وتتصل الأذن الوسطى بالجزء الأنفي من البلعوم عن طريق قناة «أوستاكي»، التي تقوم بعملية التهوية ومعادلة الضغط خلف طبلة الأذن مع الضغط الخارجي حتى لا تتمزق تلك الطبلة. وأخيرا الجزء الأخير، وهو الأذن الداخلية، المسؤول عن توصيل الذبذبات الصوتية عن طريق العصب السمعي إلى الدماغ، الذي يقوم بدوره بترجمة هذه الذبذبات إلى إشارات مفهومة، كما أن الأذن الداخلية هي أيضا مسؤولة عن الحفاظ على توازن الجسم والإحساس بوضعيته، عبر عضو يشبه في وظيفته ميزان التوازن الهندسي المستخدم في أعمال البناء.
إن التهابات الأذن الوسطى تعتبر ثاني أكثر الأمراض شيوعا عند الأطفال بعد التهاب الجزء العلوي من الجهاز التنفسي، خاصة خلال فترة الشتاء، وينتج هذا الالتهاب عموما عند المصابين بفعل التعرض لنزلات البرد أو الأنفلونزا أو الحساسية، والتي تسبب تزاحما وتورما في ممرات الأنفية والحنجرة. وتحدث الإصابة على مستوى أنبوب دقيق يربط بين الأذن وجوف الحلق، إذ أنه عند الإصابة بنزلة البرد تؤدى إلى التهاب هذا الأنبوب وقد يصل إلى درجة الانسداد، وهو ما يؤدى لاحتباس السوائل في داخل الأذن، وتكوين الجراثيم والبكتريا التي تسبب التهاب الإذن، الذي ترتفع معدّلاته عند الأطفال من فئة عمرية إلى أخرى، خاصة بالنسبة للذين تتراوح أعمارهم مابين 6 أشهر وسنتين، بالنظر إلى أن هذه الأنابيب هي صغيرة وأكثر دقة وتكون قابلة للانسداد بسهولة.
إن أكثر التهابات الأذن ترتفع في فصلي الخريف والشتاء، وذلك نتيجة لانتشار نزلات البرد والأنفلونزا، ويصاب بشكل كبير بها الأشخاص الذين يعانون من الحساسية الموسمية، كما يعدّ تلوث الهواء أبرز أسباب التهابات الأذن، كما هو الشأن بالنسبة للدخان والتبغ ومختلف الملوثات التي ترفع من احتمالات الإصابة أكثر بالتهابات الأذن، وكما أسلفت ذكره فإن الأطفال بسبب حجم وشكل الأنابيب وضعف الجهاز المناعى، كما أن تعرضهم لنزلات البرد وعدم الحصول على الأدوية السريعة، يؤدى إلى مضاعفات تؤدي إلى سوء حالة الطفل المصاب.
تختلف الأشكال العلاجية لالتهاب الأذن، ففي حالته الحادة يكون علاج دوائيا، عن طريق المضادات الحيوية، وخاصة تلك الأصناف ذات القدرة على التركيز العالي في سائل الأذن، أوعن طريق الفم أو عن طريق الحقن. ويجب مواصلة العلاج على امتداد مدة 10 أيام، حتى في حالة حدوث تحسن. ويمكن إعطاء «الباراسيتمول» لتخفيف الحرارة والألم، كما أن مضغ الأطفال للعلكة قد يكون مفيدا أيضا، لكونه يساعد على فتح قناة «أوستاكي».
وفي حالات الالتهاب الارتشاحي، ومع وجود إفرازات وتراكم للسائل في الأذن الوسطى لفترة تتجاوز الثلاثة أشهر وتأثر السمع، يمكن وضع أنابيب تخترق طبلة الأذن من خلال عملية جراحية بسيطة لتسرع من عملية صرف السائل من الأذن، وهذه الأنابيب تسقط من تلقاء نفسها بعد فترة من 6 أشهر إلى سنة ونصف، وتعود بعدها الحالة إلى طبيعتها.
ويعتبر التلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية من الخطوات الإيجابية لكونها تمنح الجسم حماية من التعرض للأنفلونزا التي تعد السبب الأول للإصابة بالتهاب الأذن، كما يتعيّن وبشكل عام الاهتمام بالنظافة الدائمة للأيادي لمنع انتقال الفيروسات، وتفادي الأماكن المغلقة التي لا يوجد بها تهوية، لأنها تعد بيئة خصبة للأمراض، كما أن الاستخدام العشوائي للأدوية هو ينطوي على مضاعفات متعددة، لهذا يجب زيارة الطبيب والتقيد بالوصفة الطبية التي يوصي بها.

طبيب متخصص في جراحة
الأنف والأذن والحنجرة


الكاتب : الدكتور خلوفي لحبيب

  

بتاريخ : 18/01/2018