لم تتوقف الفعاليات البيئية النشيطة بتونفيت، إقليم ميدلت، عن قرع أجراسها حيال «ما يتعرض له المجال الغابوي بالمنطقة من تدمير واستنزاف ممنهجين بكل الوسائل، على يد عصابات ومافيات متخصصة، حيث تجري العملية أمام مرأى ومسمع من الجهات المسؤولة والسلطات المحلية، ولا من يتدخل للحد من النزيف الذي أضحى يتهدد الطبيعة بالفراغ أكثر من أي وقت مضى، إذ كلما ارتفعت وتيرة احتجاجات السكان اتسعت دائرة النهب والاجتثاث والتهريب المفضوح للأخشاب باستخدام وسائل النقل والدواب باتجاه مناطق مختلفة على مستوى الإقليم وخارجه، وإلى آلات النجارة المنتشرة بعدة نقاط من المنطقة»، وفي كل مرة يشدد المجتمع المدني بالمنطقة على» ضرورة إيفاد لجن مستقلة ونزيهة وحاسمة للتحقيق والتحري في ما يجري من كوارث بعيدا عن لغة الأرقام المزيفة والخطابات التجميلية ومحاولات التستر على المتواطئين والمتورطين» تقول فعاليات مدنية محلية .
وفي فضيحة بيئية، حدثت فقط ليلة يوم السبت الماضي 20 يناير 2018، كادت أن تمر لولا يقظة بعض الفاعلين المحليين ممن تمكنوا من ضبط محاولة تهريب كمية كبيرة من خشب الأرز كانت مخبأة تحت الثلج على الطريق المؤدية إلى ما يسمى ب «افرض»، والأدهى أن بعض الأنباء الواردة من المنطقة أكدت وجود دورية تابعة للمياه والغابات وهي تتجول وقتها حول المكان ، وباءت محاولة المهربين بالفشل بعد اصطدامهم بترصد الفاعلين المحليين، ليتم إرجاء المحاولة إلى اليوم الموالي، حيث تم إخطار قائد المنطقة الذي أرغمته الاشعارات على الانتقال إلى عين المكان صحبة أعوانه وتمكن من إجهاض العملية، قبل قيام بعض الجمعيات البيئية بعدة اتصالات مع المسؤولين الجهويين عن قطاع المياه والغابات دون جدوى، في حين اقترح عدد من الجمعويين العمل على التشكي لدى منظمات دولية.
وأمام استمرار الجمعيات المحلية بتونفيت في فضح الوضع الذي تعرفه الثروة الغابوية، بادر عدد منها إلى مراسلة السلطات الإقليمية لإشعارها بتنظيم جولة ميدانية على مستوى غابات تونفيت، وتمت برمجتها ليوم الاثنين 22 يناير 2018، إلا أن رداءة أحوال الطقس وكثافة الثلوج التي تغطي أثار الدمار وتحجب الشجر والأرض، جعلت الجمعيات المعنية تؤجل الجولة حتى يتمكن المشاركون من الوقوف على الحقيقة وتصويرها، وكان من المقرر أن تتعزز الجمعيات المحلية بجمعيات وطنية ودولية ووسائل إعلام، قبلت الدعوة «من أجل القيام بربورطاجات وصور وتصريحات بشأن حجم التخريب البيئي والقطع العشوائي الذي تتعرض له شجرة الأرز، ويهدد الوحيش بالانقراض، وكيف يجري تحرير المخالفات في حق البسطاء للتستر على الرؤوس الكبيرة».
وبينما أفادت الجمعيات المعنية، في مراسلة لها، أن الجولة تقررت في إطار تفعيل توصيات «كوب 22» «من أجل دفع المسؤولين إلى التدخل الفعلي ووضع حد لمظاهر التخريب والشبهات المحيطة بها»، سبق لبعض الجمعيات أن أصدرت بيانا موجها لمؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، استعرضت ضمنه ما يهدد استقرار المنطقة بسبب «الإرهاب البيئي والمجرمين البيئيين»، حيث «يجري قتل واجتثاث شجرة الأرز ونهب موارد الغابة، وتدمير مقومات الحياة والوجود أمام مرأى من المسؤولين «، والتمس أصحاب البيان «تدخلا عاجلا لإنقاذ غابات تونفيت، مع إيفاد لجنة لتقصي الحقائق والوقوف على حجم الدمار الممنهج بشتى السبل الفوضوية والكارثية».
وفي ذات السياق، لم يتوقف عدد من نشطاء البيئة بتونفيت عن الاحتجاج على ما وصفوه بتقاعس مسؤولي المياه والغابات ، حيال ما يجري من دمار غابوي، وأكد بعض هؤلاء النشطاء أنهم راسلوا المسؤول الأول عن القطاع على عنوانه بالمندوبية وموقعه الالكتروني، ونشروا ما يكفي من التقارير ورفعوا الكثير من النداءات عبر المنابر الإعلامية والقنوات التلفزية ومواقع التواصل الاجتماعي، «غير أن واقع الاستنزاف المفرط لشجرة الأرز ظل مستمرا رغم تصريحات المسؤولين التي تنفي الأمر، بشكل أو بآخر، ما لن يزيد إلا من النتائج الوخيمة على مستوى الثروة الغابوية، ومن خلالها شجرة الأرز والثروة الحيوانية والطيور المهاجرة والفرشة المائية ومقومات الحياة».
المجتمع المدني بتونفيت : قرع أجراس الإنذار بشأن ما تتعرض له الثروة الغابوية من تخريب

الكاتب : أحمد بيضي
بتاريخ : 26/01/2018