القارئ للقصة القصيرة جدا المغربية بالخصوص، يلاحظ تنوعا وخصوبة ويكتشف كتابة جديدة لا تنهض من فراغ، بل على قواعد سليمة ومتمكنة من أدواتها، تقنية سردية تنهض من ذاتها وبذاتها تستلهم الواقع المعاش وتكيفه، تكتبه، تتجذر في الذات بقلق الذات والجماعة وترسم طريقا صعبا للمتلقي لا يسلكه الا السالكون والعارفون، وإن تعددت الطرق والمناحي فبتعدد المشارب والهموم والاهتمامات .
القصة القصيرة جدا والمختصرة في (ق ق ج) مسار صحيح لإبداع حقيقي وطريق غير معبدة بأي حال فهي تستوحي الماضي والحاضر وتكتب بعين النسر الذي يرى ما لا يرى.
الكثير يرى أنها سهلة الإنقياد، سلسة الكتابة لكنها صعبة المراس لا تنقاد إلا لمن انقاد إليها واستكان وانصاع هادئا، هي لا تستكين لمواضيع هشة بل الجرأة سلاحها والمغامرة روحها، هي بحر لجج، أمواجه عاتية، روحها صرخة ومواضيعها شائكة، تستدعي المفارقة والإيحاء والرمز والدهشة والسرعة والقصر والسخرية بابها ونوافذها مشرعة للإقتصاد والإيجاز والسرعة والتلويح والتلميح والتشظي والكشف والإيماض والإضمار..
أصبحت بابا من لا باب له..
باب، إن فتح لن يغلق الا بالشهادة والاستشهاد وإن أغلق لن يفتح الا بالسباحة والاسترداد.
رصاصة تصيب الهدف وتحدث الانفجار وتبرق كالومض، رهان الكشف والحقيقة .
إنها بحث عن المعنى في باب المعنى ..
لطيفة رشيقة أنيقة سريعة مجنونة لاهبة حارقة لاسعة لاذعة تتطور وتتغير باستمرار..
تتغير تجدد جلدها ولونها وتسبح في بركان ..
الداخل إليها مفقود وقارؤها موجود، كاتبها ملسوع وهي حارقة ولا تكتمل إلا بالنار وتكوي بالنار
تنبعث من الرماد وتزرع الخصوبة وتختصر جلد الحكاية إلى حكاية
والعالم وجد كي يوضع في جيب قصة ق ج.